بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وأل محمد الطيبين الطاهرين
أربع وصایا إسلامیة وقصر الحياة الدنیا
عن ابی ایوب الأنصاری، قال: سمعت رسول اللّه (ص) یقول: حُلّوا
أنفسکم الطاعة، و البسوها قناع المخالفة، فاجعلوا آخرتکم لانفسکم،
و سعیکم لمستقرکم، و اعلموا انکم عن قلیل راحلون، و إلى اللّه
صائرون، ولا یغنی عنکم هنالك الا صالح عمل قدمتموه، و حسن
ثواب اَحرزتموه، فانکم تقدمون على ما قدمتم و تجازون على ما اَسلفتم...
الشرح:
لقد تعرض الحدیث إلى أربع وصایا إسلامیة، ثم خاض فی قصر عمر
الدنیا. أما الوصایا الأربع فهی:
1- حلوا أنفسکم الطاعة.
2- ألبسوا أنفسکم قناع مخالفة الهوى.
3- إجعلوا آخرتکم لانفسکم.
4- لیکن سعیکم لمستقرکم (آخرتکم)
.تضمن الحدیث وصیة جدیرة بالاهتمام، فقد قال (ص): حلوا أنفسکم
الطاعة أی أن الطاعة لباس یزین بها الانسان نفسه، فهی لباس الزینة
للانسان. کما أن المجتمع یزین نفسه إذا ما سادته التعالیم و الاحکام
الریانیة، بینما لا ترى فی المجتمع سوى السوء و القبح إذا ماولى
ظهره للمفاهیم الدینیة و إبتعد عن اللّه. ولو لم تکن هناک من آخرة -
على فرض المحال الذی لیس بمحال - فالواجب یقتضی من الانسان
طاعة أوامر اللّه فی حیاته الدنیویة، و ذلک لأن الانقیاد للتعالیم الالهیة
تکسب الانسان شخصیة و تمنحه العزة و الرفعة.
لقد وردت عدة روایات ذهبت إلى تشبیه الانسان
بالمسافر، حیث الدنیا ممره إلى المقصد النهائی
الآخرة. إلى جانب ذلک فان هذا المسافر مسلوب
إختیار الاقامة ولا مقر له من المغادرة نحو المصیر
المحتوم. و بالطبع لابد للانسان من إعداد لوازم السفر
و التأهب للحرکة،لقد صرحت أغلب الروایات بأن
لیس للانسان فی هذه الدنیا سوى ما یقوم به من عمل
صالح و ما ینتظر و من أمر و ثواب على ذلک العمل،
و لعل الفارق بین العمل الصالح و الثواب، هو أن
العمل صادر من الانسان بینما استحقاق الثواب متعلق
بالفضل الالهی أی أنه یعمل ما یجعله مشمولا بالفضل
الالهی، و قد یشمل بهذا الثواب بالنیة الحسنة و ان لم
یقوم بعمل صالح أو یهدیه الاخرون ثواب بعض الاعمال.
للشيخ مكارم الشيرازي
نسألكم الدعاء