يضم محترف الفنان اللبناني، غاندي بو ذياب، في رحابه مجموعة من معدات تعود إلى قرون غابرة استخدمها الفلاح اللبناني ليستثمر أرضه، بالإضافة إلى بعض التجهيزات المنزلية، من بُسط ووسائل تدفئة كانت تستخدم في المناطق الجبلية.
وفي هذه الأجواء العتيقة، وزّع غاندي أعماله من لوحات زيتية تعكس حياة الريف، إلى قطع موزاييك استغرقت الواحدة منها سنوات لتُنجز بدقة وفن، إلى منحوتات من شمع النحل.كذلك استعار من الطبيعة بعض ما شكلته من جذور أشجار وأغصان يابسة وأحجار نحتتها الريح والأمطار، ثم أضفى عليها، بلمساته، إيقاعاً فنياً يحمل توقيعه. وحتى يكتمل مشهد المحترف برؤية الفنان، حرص بو ذياب على نوعية الإضاءة التي أعطت المكان أبعاده التراثية والتاريخية. غاندي بو ذياب، من بلدة الجاهلية الجبلية، يعمل مزيّناً نسائياً، وهو شاعر باللهجة العامية، صدر له ديوان شعري "رماد السما"، ويقوم بتحضير ديوانه الثاني.عمل على السوريالية في الشعر بين القصيدة والمنحوتة التي يصنعها من شمع النحل، وهو رسام يعتمد في رسوماته على حياة القرية.يشرح بو ذياب، في
حديثه إلى "العربي الجديد"، عن بدايته مع هذه المهنة، يقول: "أسست "كهف الفنون" بمجهود فردي بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1990. وكانت البداية من الأقبية الموجودة في البلدة منذ العهد العثماني وكانت تستخدم لعقد الاجتماعات السرية، وبعضها اسطبلات للخيول، كذلك كانت خلال الحرب الأهلية اللبنانية بعد العام 1975 تستخدم ملاجئ خلال المعارك".
ويضيف: "قررتُ أن أحوّل هذه الأقبية من ملاجئ إلى معلم ثقافي سياحي تراثي، مع حديقة تراثية بيئية تضم قطعاً صخرية شكّلتها الطبيعة وأغصاناً وجذوع أشجار يابسة بأشكال متنوعة شكّلتها الطبيعة. وهذه الأقبية مبنية على بلاط صخري من حجار الكلّين. وسماكة جدران القبو تبلغ متراً وهي تخبئ حرارة الصيف لفصل الشتاء، وتخبئ برودة الشتاء لفصل الصيف. وبعد ترميمها، حوّلتها إلى مكان تراثي سقفه من القش والجدران من اللِّبْن، أي: تراب وقش وتبن".ويشير إلى أنّ الكهف يضم أيضاً "منحوتات فسيفسائية، وإحدى هذه المنحوتات تضم 18 لوناً من الأحجار، وبدأت العمل بها منذ العام 1998 وحتى الآن لم تنتهِ، لأني استخدمت تفاصيل بدقة أكثر.
كما أنّ المتعارف عليه بالفسيفساء يكون حجم الحجر حوالي سنتيمتر واحد، أما أنا فقد توصلت إلى استخدام حجارة بحجم ربع ملليمتر"، يقول بو ذياب.ويوضح أنّ الهدف من "كهف الفنون" هو استقطاب الطلاب والمثقفين والباحثين عن جذور التراث العربي العريق، "حاولت أن أضع بصمة في "التراث الدرزي"، ولوحاتي معظمها تختص بهذا التراث. واللوحات التي تبرز أناساً يعملون في الزراعة، هو دليل على التمسك بالأرض وبالتراث، بالإضافة إلى لوحاتي التي رسمتها عن الخيول العربية والتراث العربي. يحتوي "كهف الفنون" على قطع أثرية مختلفة، وعلى قفار الدبابير التي قام بترميمها لتأخذ شكلها الطبيعي داخل الكهف، بالإضافة إلى مجسمات مصنوعة من الشمع -