المدارس , المقدسة , التاريخية , القديمة , في , كربلاء
المدارس التاريخية القديمة في كربلاء المقدسة
المدارس القديمة
توطئة:
مدرسة (السردار) حسن خان:
المدرسة الزينبية:
المدرسة الهندية:
مدرسة البادكوبة (الترك):
مدرسة السليمية:
مدرسة شريف العلماء المازندراني:
مدرسة الإمام الباقر عليه السلام:
مدرسة الإمام الصادق عليه السلام:
توطئة:
اشتهرت مدينة كربلاء المقدسة في السابق بمدارسها الدينية ومعاهدها العلمية المنتشرة في أرجاءها المختلفة، مما يعطي دليلاً أضافياً على تقدم وتطور حركتها العلمية الدينية العريقة، من حيث ان أهم مؤشر للمستوى الثقافي والنهوض العلمي لأية مدينة، إنما يكمن في تنوع وتعدد مدارسها، ومعاهدها، وحلقات الدرس والبحث، المنتشرة بأرجاءها المختلفة.
وكان طلاب العلوم الدينية وهواة البحث والتحقيق وعشاق الفضيلة والتهذيب الخلقي من المجاورين، والوافدين على كربلاء من مختلف المدن، والبلدان من الكثرة العددية، مادفع العديد من الأثرياء الأخيار، والأمراء الصلحاء، والحكام من ذوي النفوس الكريمة، والمنطلقات الدينية السليمة إلى التبرع ببناء المدارس العلمية الدينية وتشيد الزوايا والحسينيات التي يمكن توظيفها ايضاً، في مجال التدريس والبحث العلميين.
ومن الجدير بالذكر ان أروقة الروضة الحسينية المقدسة كانت في بدايات الحركة العلمية بكربلاء، وعلى وجه التحديد في القرن السادس الهجري ملتقى للعلماء، وأساطين الفكر، وطلاب العلم والفضيلة، حيث منها انبعثت وانتشرت أنوار العلم والمعرفة لاماكن أخرى.
غير ان المدارس العلمية الدينية في هذه المدينة المقدسة، اتخذت صورة محددة أكثر فأكثر ابتدءاً من القرن الثاني عشر الهجري، أي ان المدارس الدينية في صورتها الجديدة انتشرت في أجواء كربلاء منذ بداية هذا القرن تقريباً، وذلك لان الدراسة قبله كانت تتم داخل الجوامع والزوايا الدينية، وأروقة الروضة الحسينية المقدسة وحدها، كما قلنا انفا ولم يكن هناك عادة مساكن لطلبة العلم والفضيلة مثلما هو موجود الآن.
هذا وان أقدم مدرسة علمية دينية هي مدرسة (حسن خان)، التي يرجع تاريخ بناءها إلى سنة 1180هـ، والتي تخرج منها، أو درس فيها أكابر العلماء وفطاحل الفقهاء، الذين ازدهرت بهم الحركة العلمية والتدريسية في كربلاء خلال القرنين الأخيرين.
وفيما يلي شرح موجز لأهم واشهر المدارس العلمية الدينية في هذه المدينة المقدسة.
«مدرسة (السردار) حسن خان»
أنشئت هذه المدرسة العلمية سنة 1180هـ، وكانت في حينها اكبر مؤسسة علمية دينية في كربلاء، قلما توجد نظيرتها في العتبات المقدسة بالعراق، كانت تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من صحن روضة الإمام الحسين عليه السلام، قبل ان يتم هدمها بتاريخ 16 محرم الحرام سنة 1368هـ في مشروع إيجاد الشارع الدائري حول الحضرة الحسينية الشريفة.
تخرج منها جيل النخبة من العلماء والفقهاء والثقاة، والمفكرين الإسلاميين العظام، أمثال المصلح الإسلامي الكبير السيد جمال الدين الاسدابادي المعروف (بالأفغاني)، والفقيه المربي والعالم الكبير الشيخ شريف العلماء المازندراني، مثلما درس فيها كبار العلماء والمراجع المعروفين خلال القرنين الأخيرين وكانت مدرسة واسعة وكبيرة جداً احتوت على 70 غرفة وعدة صالات على شكل مَدرَس، ولا تزال آثارها قائمة حتى يومنا هذا،أي إنها لا تزال مدرسة علمية ولكن بمساحة اقل حيث تضم 16 غرفة.
ومما يلفت النظر من معالم هذه المدرسة العلمية الرائدة، جدرانه المغطاة ببلاطات مزخرفة ومنقوشة بأشكال هندسية بديعة، تعلوها آيات قرآنية منقوشة بكل دقة وروعة وجمال.
وقد انفق المرحوم السردار حسن خان القزويني أموالاً كبيرة في إنشائها، وتأسيس الأوقاف لها كي تدر عليها لأموال الأزمة لأدارتها وإعاشة الطلاب الدارسين بها.
وقد تولي إدارتها في أوقات مختلفة علماء أجلاء وكان آخر المتولين لها العالم الفاضل السيد عباس الطباطبائي.
«المدرسة الزينبية»
كانت هذه المدرسة بدورها من المعاهد العلمية المعروفة والمزدهرة في حينها، وسميت بهذا الاسم لوقوعها بجانب باب الزينبية، احد أبواب صحن روضة الإمام الحسين عليه السلام، وكانت هي الأخرى مزدحمة بطلاب العلوم الدينية، ومن بين الذين تولوا التدريس فيها، العالم الشاعر، جعفر الهر المتوفى سنة 1347هـ، وتلميذه المبرر العالم والفقيه الكبير الشيخ محمد الخطيب المتوفى سنة 1380هـ.
وكانت توليتهُا قبل ان تطالها يد الهدم في مشروع الشارع الدائري حول الحضرة الحسينية بيد الميرزا الشيخ عبد الحسين الشيرازي، وقبله بيد والده الجليل الزعيم الروحي، الشيخ محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين العراقية الكبرى.
«المدرسة الهندية»
وهي من أهم المدارس العلمية في الوقت الحاضر، أنشئت في أواخر القرن الثالث الهجري، كما تصرح بذلك وثيقة الوقف الخاصة بها، تقع بالقرب من روضة الإمام الحسين عليه السلام في زقاق الزعفراني، وتتألف من دورين يضمان 22 غرفة، وفيها أيضا مكتبة عامة تعرف باسم (المكتبة الجعفرية)، وكانت تصدر عنها النشرات والكراسات الدينية الأسبوعية والدورية، من أهمها (أجوبة المسائل الدينية) التي بدأت بالصدور والنشر سنة 1371هـ، وظلت تصدر بانتظام لسنوات عديدة متواصلة، قبل ان تتوقف عن الصدور نهائياً.
وفي هذه المدرسة تأسس سنة 1380 هـ (مكتب رابطة النشر الإسلامي)، لغرض طبع ونشر الكتب والكراسات الدينية التوعوية، وتوزيعها بالمجان بين المسلمين والقاطنين في الدول الإسلامية النائية، حيث استطاع هذا المكتب من طبع وتوزيع أكثر من ثلاثة الآلاف نسخة من الكتب النفيسة القيمة جداً في دول اندنوسيا والمغرب العربي، وليبيا وعدة بلدان عربية، أخرى، وبعض دول الخليج، واستمر هذا المكتب بنشاطه الثقافي الإسلامي لسنوات طويلة وقد اشرف على شؤونه في حينه الخطيب الفاضل السيد محمد كاظم القزويني الحائري.وقد تخرج من مدرسة الهندية عدة أجيال من العلماء والفقهاء والمبلغين الإسلاميين، ومن اشهر أساتذتها حتى أواخر القرن الرابع عشر الهجري، المرحوم الشيخ جعفر الرشتي ، الذي كان بحق أستاذاً بارعاً وقديراً في تدريس كتب السطح وقد تخرج عليه المئات من الطلاب، والعالم الفقيه السيد محمد صادق القزويني، آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي، والفقيه المجتهد السيد أسد الله الاصفهاني المتوفى سنة 1394هـ، والعالم الفاضل السيد عبد الرضا الشهرستاني، والفاضل الورع السيد مصطفى الاعتماد البهبهاني، والعلامة الشيخ محمد تقي الاصفهاني، والشيخ مهدي الرشتي، شقيق الشيخ جعفر الرشتي الذي كان متولياً لهذه المدرسة حتى وفاته قبل حوالي خمسة عشر عاماً.
وتشير وثيقة وقفها إلى إنها تأسست خصيصاً لتكون واحدة من أهم واكبر المدارس الدينية العلمية في كربلاء، قبل قرن ونصف قرن تقريباً.
«مدرسة البادكوبة (الترك)»
وهي ايضاً من المدارس الدينية المعروفة والقديمة جداً في مدينة كربلاء، فقد تأسست سنة 1270 هـ، كما تخص بذلك وثيقة الوقف الخاصة بها، فيها ثلاثون غرفة ومكتبة زاخرة بالكتب والمخطوطات القيمة، وكانت تصدر عنها منشورات إسلامية ثقافية، بضمنها مسلسل(منابع الثقافة الإسلامية) وهو عبارة عن مجموعة كتب لعدد من الكتاب والمؤلفين تصدر كل مجموعة منها في الشهر، وقد تخرج من هذه المدرسة العديد من العلماء والفضلاء والخطباء، وكان يتولى مهم التدريس فيها لفترة طويلة تناهز جيلاً كاملاً، العالم المحقق، والفقيه المتبحر، الحاج الشيخ محمد الشاهرودي المتوفى سنة 1409هـ، والعالم الزاهد الورع،الشيخ محمد الكلباسي المتوفى بحدود سنة 1404هـ.
«مدرسة السليمية»
مدرسة دينية بذات مساحة صغيرة ومؤلفة من دورين، وفيها 13 غرفة وصالة للتدريس، وهي كائنة في زقاق جامع الميرزا علي نقي الطباطبائي، ومن اشهر وابرز الأساتذة الذين واصلوا فيها مهمة التدريس وتربية جيل العلماء المجتهدين، الفقيه المحقق، والعالم المتتبع، الشيخ يوسف الخراساني البيارجمندي المتوفى سنة 1397هـ، والعالم الفاضل السيد محمد طاهر البحراني المتوفى سنة 1384هـ، والمفكر الإسلامي الراحل السيد حسن الحسيني الشيرازي.
أسسها المرحوم الحاج محمد سليم خان الشيرازي سنة 1250هـ، وكان قد خصص في وقته رواتب شهرية للطلاب الذين يواصلون الدراسة فيها بانتظام، وكانت الأموال المخصصة من ارثه لهذه الغاية تنفق وتصرف تحت إشراف العالم والفقيه النحرير، السيد حسن آغامير القزويني، صاحب كتاب (الأمة الكبرى) المتوفى سنة 1380هـ.
وكانت تصدر عن هذه المدرسة مجلة إسلامية اجتماعية وفكرية، باسم (الأخلاق والآداب) ابتداءاً من سنة 1377هـ.
«مدرسة شريف العلماء المازندراني»
تقع في زقاق (كدا علي) المتشعب من شارع الحسين الرئيسي، وهي كائنة بجانب المربي العظيم ، والعالم النحرير، وأستاذ المجتهدين، وإمام المحققين، الشيخ شريف العلماء المازندراني الحائري المتوفى سنة 1245هـ، وهي من المدارس العلمية الدينية في كربلاء، وتحتوي على 22 غرفة في دورين، يسكنها طلاب العلوم الدينية، بينهم عدد من الطلاب الأجانب.
وقد بادر بتأسيسها المجتهد الأكبر، والمرجع الديني السيد محسن الحكيم المتوفى سنة 1390 هـ، وجعلها وقفاً على طلاب العلوم الدينية في كربلاء والنجف في سنة 1384هـ.
«مدرسة الإمام الباقر عليه السلام»
تقع في محلة باب الخان، وتضم العديد من غرف السكن والتدريس، ويسكنها العديد من طلاب العلوم الدينية، وفيها مكتبة عامة، وكانت تصدر عنها الكتب والكراسات ذات الطابع التثقيفي الإسلامي، وتقام فيها الحفلات في بعض المناسبات والأعياد الدينية.
وكانت هذه المدرسة من قبل حسينية خاصة بالزائرين القادمين من مدينة الكاظمية في المواسم والمناسبات الدينية، ثم تولى أدارتها السيد عماد الدين بن المرحوم السيد محمد طاهر البحراني فحولها إلى مدرسة دينية.
«مدرسة الإمام الصادق عليه السلام»
وهي ايضاً مدرسة دينية رسمية، وفترة الدراسة فيها هي ست سنوات، وقد تأسست بجهود نخبة من علماء كربلاء الأفاضل، وتقع على امتداد شارع الحسين في محلة العباسية الغربية.
وقد تولى عمادتها في بداية الأمر الخطيب السيد مرتضى القزويني، ثم تولاها السيد محمد بن السيد مرتضى الطباطبائي.
واخيراً، يجب التنويه بان الدراسة في حوزة كربلاء سواء في مرحلة دروس السطح، أو في مرحلة درس الخارج، لم تكن حتى لوقت قريب تقتصر على هذه المدارس، بل ان الكثير من حلقات الدرس، والبحث، والمناظرات العلمية، كانت تعقد وتنظم في حجرات وصالات وصحن الروضة الحسينية الشريفة، والروضة العباسية المباركة، وفي الحسينيات والجوامع، وفي بيوت العلماء والمراجع والأساتذة أنفسهم ايضاً، مما يمكن القول بان مجموعة المباني داخل وخارج الروضتين الشريفتين الحسينية والعباسية كانت بمثابة مدرس كبير وضخم للغاية.
المصدر