لندن- كمال قبيسي
إذا مرّ العقرب في ميناء الساعة بالرقم 12 المشير الى منتصف الليل، فمعناها أن "نهاية العالم" بدأت، بنذير من ساعة تبعد في أميركا 9 ساعات تقريبا عن العالم العربي كمعدل، ولا يوجد منها الا واحدة، يسمونها Doomsday Clock أو "ساعة القيامة" المكونة من عقرب واحد، يشير مدى اقترابه من 12 ليلا الى حجم ما يمر به العالم من مخاطر قد تقع بسببها حرب عالمية ثالثة، تدمر معظمه أو تفنيه.
وأكثر دنو للعقرب من الرقم المرعب، كان ليلة أصبح في 1953 على بعد دقيقتين فقط، معلنا أن "ساعة القيامة" هي 11 و58 دقيقة. أما أبعد مسافة زمنية منه، فليلة تراجع العقرب في 1991 إلى 17 دقيقة عن منتصف الليل، لأن الاتحاد السوفياتي كان قد تفكك وانهار كجدار برلين، والحرب الباردة انتهت والموازين تغيرت، وأصبح العالم الذي لم تعد فيه الا قوة عظمى يخشاها الجميع، أكثر أمنا الى حد ما.
حين بدوأ بالساعة قبل 68 سنة دفعوا العقرب الى الأمام ووضعوه قريبا 7 دقائق من منتصف الليل
ما هي الساعة ومتى وكيف؟
إنها ساعة رمزية أحدثتها في 1947 دورية Bulletin of the Atomic Scientists التابعة لجامعة شيكاغو، لينذر علماؤها العالم بقرب نهايته كلما احتدم السباق بين الدول النووية القادرة على تدميره اذا ما أخرجت أسلحتها الفتاكة من الترسانات، لذلك فوصول العقرب الى 12 ليلا يعني أن حربا فانية بدأت تقع، واذا اقترب عددا من الدقائق قبل منتصف الليل، فمعناها "احتمال" نشوب حرب نووية، وتوقيت الساعة كان 5 دقائق قبل منتصف الليل منذ 2012 للآن، الا أنه سيتغير نهار اليوم الخميس بالتوقيت الأميركي.
سيتغير موقعه الى الأسوأ، بحسب ما توحي تفاصيل خبر عن مؤتمر صحافي موعود نهار اليوم في جامعة شيكاغو، وفيه قد يذكر القيّمون على الساعة المعلقة في جدار بمكتب الدورية العلمية حيثيات وموجبات قرارهم بدفع العقرب قليلا الى الأمام، طبقا لما استنتجت "العربية.نت" مما ورد في وسائل اعلام أميركية، بحيث يقترب ربما الى 3 دقائق قبل منتصف الليل، لأن العالم بات في خطر، بظهور "الدولة الداعشية" على الخريطة وأزمة المفاعلات الايرانية، وأيضا أوكرانيا، والأوضاع بالشرق الأوسط.
وكان عقرب الساعة تغيّر 14 مرة منذ أحدثوها قبل 68 سنة، انعكاسا لما كان علماء الأبحاث النووية في جامعة شيكاغو يجدونه من مخاطر وأحداث، وصلت ذروتها عندما بدأ الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة بتجارب مكثفة على القنابل الهيدروجينية طوال 9 أشهر بلا توقف، فدفعت قمة الأزمة في 1953 بالعقرب ليصل قريبا دقيقتين من منتصف الليل، منذرأ باقتراب وقوع حرب عالمية نووية مدمرة، لكن الله سبحانه لطف بالعباد.
ثورات الربيع العربي والخطر "الداعشي" على العالم
وآخر تغيير طرأ عليه جعله يصبح ليلة 14 يناير 2012 قريبا 5 دقائق فقط من منتصف الليل، بعد أن كان منذ 2010 على بعد 6 فقط، على حد ما نرى في فيديو تعرضه "العربية.نت" بسبب عدم الجدية بالحد من السلاح النووي وتفاقم النزاعات الدولية، اضافة لأحداث "الربيع العربي" وامكانية سقوط أسلحة نووية بالأيدي الارهابية، أو قيام نزاع مسلح بالشرق الأوسط، وحتى بسبب التغييرات بالمناخ.
والساعة ليست ترفا أو تسلية شبيهة بما يؤسسه البعض من مواقع أو مدونات ينشطون فيها "أون لاين" بالنشر كيفما كان عن قرب نهاية العالم، بل هي كمؤشر تابع لمركز علمي يشرف عليها علماء بتخصصات متنوعة في الشأن السياسي والنووي والنزاعات والحروب، ويقومون بتقييم الأوضاع على كل صعيد، ثم يقررون المكان المناسب للعقرب، كنذير منهم عن حالة الأمن الدولي وما يواجهه من مخاطر.
وفي 2013 بحث فريق من علماء الجامعة بإمكانية تغيير موقع العقرب عما كان عليه قبلها بعام، لكنهم وجدوا العالم على حاله من الأخطار، فأبقوه مكانه، وقريبا 5 دقائق حتى نهاية العام الماضي، ثم أعلنوا أمس الأربعاء عن مؤتمر صحافي سيعقدونه اليوم، وفيه سيغيّر العقرب عنوانه الى موقع فيه نذير علمي جديد من إمكانية نشوب نزاع دولي لا يسلم منه أحد