كان الشعر لفترة مضت ليست بالطويلة يعرف على أنّه : هو الكلام الموزون المقفى والذي يتضمّن عاطفة وإحساساً وفكرة وصورة إنسانية أو طبيعية أو وجدانية ، ثم تطوّر الشعر وانبثق عنه شعر وحدة التفعيلة وهو شعر موزون يقوم عللاً تفعيلة أحد بحور الشعر المعروفة ولكن مع ترك مساحة مرنة لتكرار نفس التفعيلة في السطر الواحد ، وعدم التقيد بقافية لازمة واحدة في كل القصيدة ، ثم فقد التعريف معناه السابق بعد أن دخل على الشعر من بوابة حديقته الخلفية المهملة ما يسمى بقصيدة النثر ، أو شعر النثر ، والذي بات يدعي مروجوه أنه هو الشعر الذي لا بد بقاؤه حياً ولغيره من أنواع الشعر لا بد من الإقصاء والإنهاء متشبثين بادعائهم أن الحداثة تتطلب هذا النوع من الشعر فقط .
وبما أنّ الحابل قد اختلط في النابل في دنيا الشعر ، وبات كل فريق جديد يدعي شكلاً وإطاراً معيناً للشعر ، فنجد أنّ أشكال الشعر في الوقت الحالي هو ما يلي ، بغض النظر سواء اتفقنا مع بعضها أو لم نتفق مع الآخر :
1. الشعر التقليدي العامودي : وهو الشعر الذي نظمه الأجداد بدءاً من المعلقات حتى هذه اللحظة ، وهو يقوم على أحد بحور الشعر المعروفة ، ومع وحدة الوزن والقافية في كل أبيات القصيدة ، ويجب أن لا يفهم من هذا التعريف أنه مجرد صف آلي للكلمات بدون أي صورة أو عاطفة ، فالننظر لهذا البيت من الشعر العامودي التقليدي : وإني لتعروني لذكراك هزّةٌ ، كما انتفض العصفور بلّلهُ القطرُ ، هذا البيت يحمل عاطفة جياشة وصورة تصويرية مبدعة في ثناياه .
2. شعر وحدة التفعيلة : وهو شعر منبثق ولادة طبيعية جميلة ومحببة عن الشعر السابق ، فلم يتخلّى عن الجرس الموسيقي للألفاظ ، وأعطى نفسه حيزاً مرناً من تطويع تفعيلة البحر بتكرارها حسبما يشاؤه الشاعر من المرات في البيت الواحد ، مع عدم الالتزام بشكل قطعي بالقافية .
3. شعر كل من هب ودب : وهو ذلك النوع من الشعر الذي يكتب فيه الشعراء الحقيقيون وفي نفس الوقت كل من ليس له علاقة بالشعر ، وربما يكون المرء ناثراًً جيداً ولكنه ليس بشاعر ، فيجد ضالته بكتابة ما يسميه شعراً تحت هذا البند من فروع " الشعر " ، وهو شعر لا يتقيد بأي وزن موسيقي لفظي على الإطلاق ، ولا يلتزم بطبيعة الأمر لأية قافية ، ويدعي أصحابه ويسلطون الضوء على الموسيقى الداخلية فيه ، وكما أشرنا فهناك من أجاد فيه ، وهناك سواد أعظم امتطوه وشوهوه .