Saturday the 10th March 2012
الرابح الحقيقي في الانتخابات الإيرانية
تم الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات البرلمانية في إيران، لكن من هم الرابحون الحقيقيون في هذه الانتخابات، ومن الذي خسر هذه المعركة؟
وقد تم انتخاب 225 عضوا للبرلمان في أول جولة من التصويت، مع وجود 65 مقعدا شاغرا للمرحلة الثانية، والتي من المتوقع أن تجري في أواخر شهر إبريل/نيسان.
وبالنسبة للقيادة الإيرانية وللمعارضة أيضا، فإن الشيء المهم في هذه الانتخابات ليس المرشحين، ولا الشعارت التي رفعت، ولكن نسبة التصويت في هذه الانتخابات.
يوم التصويت
قال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أية الله خامنئي في خطاب له قبل الانتخابات: "إن المشاركة في هذه الانتخابات هو أهم من التصويت للمرشح الصحيح."
وقد تم إقامة لافتات كبيرة في الطرق الرئيسية السريعة في طهران تحذر الناس بحروف كبيرة من أنه إذا لم تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى 50 في المئة، فإن الولايات المتحدة ستهاجم إيران.
وردت المعارضة على ذلك بالقول إنها ستقاطع هذه الانتخابات احتجاجا على استمرار فرض الإقامة الجبرية على زعمائها، واحتجاجا أيضا على ما تقول إنه "نظام انتخابي غير عادل".
وفي يوم التصويت نفسه، وصل التوتر بين الفريقين إلى قمته.
فقد رفع مؤيدو المعارضة صورا على مواقعهم على الإنترنت تظهر مراكز الاقتراع وهي خالية، بينما أظهر التلفزيون الرسمي للدولة صفوفا طويلة للناخبين وقال إن مراكز الاقتراع ظلت مفتوحة لوقت متأخر إلى الليل، ليتمكن كل شخص يريد المشاركة من الإدلاء بصوته.
إشتعال المدونات
وفي اليوم التالي للتصويت، كان وزير الداخلية الإيراني مصطفى محمد نجار يعلن بكل فخر أن الإقبال على التصويت بلغ 64 في المئة.
وقال إن هذا يمثل "ضربة حديدية، وصفعة قوية على وجه قوى الاستكبار والتي ستبقى في حيرة وارتباك لفترة طويلة."
ولكن المعارضة رفضت هذه النسبة من المشاركة وقالت إنها خيالية، ومصطنعة لتحدي الضغوط الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ومما زاد من خيبة أمل المعارضة بشدة كان قرار الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي والذي يحظى باحترام واسع في البلاد بالمشاركة في التصويت وعدم المقاطعة.
ولجأ مؤيدو المعارضة الغاضبون إلى فضاء المدونات ليصفوا خاتمي بأنه "خائن".
ورد خاتمي قائلا إنه شارك في التصويت من أجل المصلحة الوطنية وأملا في دعم الإصلاح في إيران.
ولكن أشخاص مقربين من خاتمي أخبروا قالوا لبي بي سي إن السبب الحقيقي وراء مشاركة خاتمي في التصويت هو خشيته من أن يتم وضعه قيد الإقامة الجبرية في حال قرر مقاطعة التصويت، وهو ما قد ينهي آخر أمل في إصلاح النظام من الداخل.
وبشكل عام، وبلغة الأرقام كذلك، كانت هذه النتائج جيدة بالنسبة للمرشد الأعلى للبلاد خامنئي، فقد أدى قرار خاتمي بالمشاركة في التصويت أيضا إلى انقسام داخل المعارضة.
الصراع بين خامنئي ونجاد
وبعد الإعلان عن النتائج، يصبح السؤال التالي هو من فاز بالضبط بغالبية مقاعد البرلمان، هل هو الرئيس أحمدي نجاد أم معارضيه؟
في هذا الصدد، الرئيس أحمدي نجاد هو الخاسر.
ذلك لأنه فشل في الفوز بغالبية مقاعد البرلمان كما كان يأمل، وتم رفض العديد من حلفائه من قبل مجلس صيانة الدستور قبل بدء السباق الإنتخابي، بالإضافة إلى أن العديد من الذين سمح لهم بالترشح خسروا في كسب مقاعدهم.
وحتى شقيقة الرئيس الإيراني، بارفين أحمدي نجاد، فشلت في تأمين أصوات كافية تسمح لها بالدخول إلى البرلمان، وقالت إنها تخطط لتقديم شكوى ضد الإجراءات التي تقول إنها أدت إلى خسارتها.
ومع ذلك، فالنتائج ليست كلها سيئة بالنسبة لنجاد، فقد خسر مائة عضو من الأعضاء الحاليين، والذين كانوا من أبرز منتقدي نجاد، مقاعدهم هذه المرة.
وكان هؤلاء قد قدموا طلبا باستدعاء الرئيس للاستجواب العام بشأن سوء الإدارة الاقتصادية، وكان من المتوقع أيضا أن يوجهوا انتقادات حادة للرئيس بسبب خلافه مع المرشد الأعلى أيه الله خامنئي.
فقد وقع انقسام غير مسبوق بين نجاد والمرشد الأعلى أية الله خامنئي في شهر إبريل/نيسان عندما قاطع نجاد اجتماعات الحكومة لمدة أحد عشر يوما في احتجاج شخصي ضد أوامر خامنئي بإعادة وزير لمنصبه كان نجاد قد أقاله من قبل.
لم تكن هذه الانتخابات البرلمانية مجرد منافسة بين الرئيس والقادة المتشددين، فقد كانت هناك العديد من المجموعات المحافظة التي تتنافس على المقاعد.
ومن الصعب الآن أن نقول من هو الفريق الذي سيحوز الأغلبية داخل البرلمان، لكن من الواضح أن المحافظين القريبين من المرشد الأعلى ستكون لهم اليد الأقوى.
وسيزيد عدم تمكن نجاد من خلق كتلة قوية في البرلمان الجديد من صعوبة الأمر بالنسبة لأي شخص من معسكر نجاد في أن يظهر كمنافس قوي في الانتخابات الرئاسية القادمة في غضون عامين.
وبالنسبة للمحافظين، فقد سلط هذا الفوز الضوء على شخص يبدو أنه سيكون لاعبا بارزا في المشهد السياسي في السنوات القليلة القادمة.
إنه غلام علي حداد عادل المرشح الذي فاز بأعلى عدد من الأصوات في العاصمة طهران، وهو أيضا والد زوجة مجتبى خامنئي، ابن المرشد الأعلى، وصاحب النفوذ القوي.
ويتوقع العديد أن يتم تعيين غلام علي حداد رئيسا للبرلمان، وربما يترشح لمنصب الرئيس القادم لإيران.
BBC