سر السعادة
كان أحد الشبان شغوفاً لأن يعرف سر السعادة, فسأل كثيراً من الناس الى ان نصحه أحدهم بزيارة قرية معينة في الصين بها رجل حكيم طاعن في السن سيدلك على سر السعادة. وبدون إضاعة أي وقت استقل أول طائرة متوجهة الى الصين حيث كان شديد الحماس للوقوف على سر السعادة ولما وصل أخيراً الى تلك القرية وقال في نفسه " الان سأكتشف السر الذي كنت أبحث عنه لمدة طويلة ". ووصل الى بيت الحكيم الصيني وطرق الباب ففتحت له سيدة كبيرة في السن ورحبت به أخذته الى الصالون وطلبت منه الانتظار وطال إهمال صاحب البيت له, وأخيراً ظهر الرجل الحكيم بمظهره البسيط وملابسه المتواضعة جداً وجلس بوقار الى جانب الشاب وسأله وعلى وجهه ابتسامة عما إذا كان يرغب في أن يتناول قليلاً من الشاي. وكان الشاب في تلك اللحظة على وشك الانفجار قائلاً في نفسه " لقد تركني هذا الرجل العجوز أكثر من ثلاث ساعات بمفردي وأخيراً حينما ظهر لم يعطني أي مبرر لتأخيره ولم يعتذر عن ذلك, والان يسألني بكل بساطة عما إذا كنت أرغب في تناول الشاي "... وبينما كان الشاب منهمكاً في التفكير في ذلك كان غضبه يزداد حتى سأله الرجل مرة أخرى بهدوء عما إذا كان يريد أن يتناول قليلاً من الشاي... فرد عليه الشاب بعصبية قائلاً " نعم أريد أن أتناول الشاي "... فطلب له كوباً من الشاي وجلس بهدوء الى جانبه. ولما حضر الشاي سأل الرجل ضيفه " هل تريد أن أملأ لك كوباً من الشاي "... فرد عليه الشاي بالايجاب.. فصب الحكيم الشاي في الكوب الى أن امتلأ الى اخره وبدأ الشاي يسيل خارج الكوب وما زال هو مستمراً في صب الشاي الى ان نهض الشاب واقفاً وانفجر في الرجل الحكيم قائلاً " ألا ترى أن الكوب قد امتلأ الى اخره وأن الشاي قد سال خارجه وملأ المكان؟"... فرد عليه الحكيم وقال بابتسامة هادئة " أنا مسرورلأنك استطعت أن تقوم بالملاحظة أخيراً ".. ثم أردف قائلاً وقد نهض من مكانه " لقد انتهت المقابلة ".. فصرخ الشاب في وجهه قائلاً " ماذا تقول؟ لقد سافرت كل هذه المسافة وتركتني في انتظارك أكثر من ثلاث ساعات وملأت كل المكان بالشاي وسال على الارض, والان تقول لي أن المقابلة قد انتهت... هل أنت تمزح معي؟"... فقال الرجل الحكيم " اسمع يا بني, يجب أن تحضر لي مرة أخرى عندما يكون كوبك خالياً "... فسأله الشاب عما يقصده بذلك, فرد عليه الحكيم الصيني قائلاً " عندما يكون الكوب مملوء اً بالشاي فلا يمكن أن يستوعب أكثر من ذلك, وبناء عليه اذا استمريت في أن تصب فيه أكثر مما يمكنه أن يستوعب فانك ستتلف الكثير من الاشياء حولك, وهذا أيضاً ينطبق عليك فأنك عندما استمريت في غضبك أصبح كوبك مملوء اً الى اخره وأخذت تصب فيه أكثر الى أن زاد غضبك وأصبحت عصبياً أكثر من اللازم, والنتيجة هنا أيضاً عبارة عن خسارة كبيرة ". وبعد ذلك أوصله الى الباب وقال له :" إذا أردت أن تكون سعيداً يا بني فتعلم كيف تتحكم في شعورك وتقديراتك, وتأكد دائماً أن يكون كوبك خالياً فهذا هو مفتاح السعادة.