من المشرفين القدامى
تاريخ التسجيل: November-2012
الجنس: أنثى
المشاركات: 16,267 المواضيع: 10,019
صوتيات:
2
سوالف عراقية:
0
موبايلي: Nokia E52
آخر نشاط: 29/June/2021
دراسة أكاديمية سويسرية: أخلاق المؤسسات المصرفية والاستثمارية تحض الموظفين على الجشع و
(د ب أ)
“الجشع أمر جيد”.. من ضمن أقصر وأشهر العبارات التي قالها النجم الأمريكي المخضرم مايكل دوجلاس أثناء تجسيده دور سمسار البورصة ورجل الأعمال “جوردون جيكو” الذي لا يهزم في فيلم أوليفر ستون “وول ستريت”، الذي يعد من الأعمال الكلاسيكية في عالم الفن السابع التي تكشف فساد المؤسسة من الداخل.
تختلف الأمور في العالم الحقيقي بعيدا عن السينما، حيث لجأ كويكو
أدوبولي، عميل شركة (يو بي إس) الاستثمارية الذي اضطر في عام 2012 للوقوف أمام العدالة لمواجهة تهمة بالاحتيال نتج عنها خسائر بالملايين، إلى عذر مختلف تماما عن جملة مايكل دوجلاس الشهيرة حيث قال إنه كان يتصرف من أجل مصلحة المصرف.
ودعمت دراسة أجرتها جامعة زيورخ ونشرتها مؤخرا مجلة “ نيتشر” هذه الأطروحة، فعلى المستوى الشخصي فإن العاملين بالقطاع المصرفي ليسوا أقل نزاهة من باقي العاملين، ولكن أثناء ممارستهم لعملهم تفضل “ثقافة المؤسسات البنكية بصورة ضمنية التصرف بشكل يميل للخسة”.
وكانت هذه الدراسة ارتكزت بشكل أو بآخر على تساؤل طرحته جريدة “بازلر زايتونج” السويسرية حول هذا الأمر حينما قالت حينها في تعليقها على المحاكمة إن: “أدوبولي كان يشكل جزءا من منظومة.. منظومة تعد فيها مسألة كسب النقود بأي ثمن تقريبا أهم من الالتزام بالقواعد المملة، ولكن هل يعني هذا أنه يوجد نوع معين من الأشخاص الذين يميلون بطبيعتهم للجشع والفساد أم أنها نتيجة لطبيعة العمل الذي يقومون به”.
قرر الباحثون بالجامعة الواقعة على بعد أمتار قليلة من قلب سويسرا
المصرفي المعروف باسم “براديبلاتز” دراسة الأمر عن طريق إجراء تجربة على 208 موظفين، 128 منهم ينتمون لمصرف دولي كبير، لم يشيروا إلى اسمه في الدراسة المنشورة و80 يعملون بهيئات مالية صغيرة.
استخدم الخبراء في التجربة لعبة “ملك وكتابة” القديمة لضمان أن تكون
نسبة الاحتمالات 50% دائما، حيث سيحصل المشاركون على 20 دولارا عن كل توقع صحيح بحيث يكون إجمالي الجائزة بعد عشر محاولات اذا كانت الإجابات كلها صحيحة 200 دولار، ولكن للحصول على النقود كان يجب أن تكون نتيجة المتشارك مساوية أو أعلى من المتوسط.
يقول مايكل ماريتشال، الأستاذ بمعهد الاقتصاد والذي قاد الفريق البحث
”أدخلنا هذا العنصر لكي نعكس تنافسية القطاع البنكي”، مشيرا إلى أنه تم نقل انطباعا للمشاركين كما يحدث كثيرا في الواقع أن المعلومات بخصوص نتائجهم لن تتم مطابقتها”.
وجرى تقسيم المشاركين، الذين يبلغ متوسط سنوات عملهم في القطاع المصرفي 11 عاما ونصف، إلى مجموعتين بطريقة عشوائية، حيث تم إقناع الأولى بأن الأمر لمجرد المتعة، فيما اضطر أعضاء الأخرى لملء استبيان يسألهم عن عملهم والقواعد المرتبطة به.
وأظهرت النتائج أن المجموعة الأولى سجلت لأنفسها 6ر51% من محاولاتها كتوقعات صحيحة بزيادة طفيفة عما كانت عليه النتائج في الواقع، وعلى العكس من هذا فكانت نتائج المجموعة الثانية مرتفعة بشكل كبير (2ر58%) ، مما يعني أن الكثير من المشاركين كذبوا بخصوص النتائج الحقيقية التي حصلوا عليها في لعبة ملك وكتابة.
ويقول ماريتشال أن التجربة تظهر أن “القواعد الاجتماعية في القطاع
المصرفي متساهلة مع السلوكيات غير النزيهة، مما قد يؤدي لخسارة في سمعة المصارف”.
وأجريت نفس التجربة مع مجموعتين من موظفي القطاعات الأخرى ولم يتم فيها تسجيل حالات تزوير مثلما حدث مع العاملين بالقطاع البنكي، الذي أصبح هدفا للكثير من الدراسات والانتقادات منذ الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي بداية من 2008
ولا تزال عواقبها قائمة حتى الآن في عدد كبير من الدول متمثلة في سياسات التقشف والاستقطاعات الكبيرة من الميزانية في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم.
وفي ضوء هذه النتائج، ينصح القائمون على الدراسة القطاع المصرفي بضرورة تغيير ثقافة العمل به فيما يتعلق بالتصرفات القائمة على التلاعب لأن ”ثقة المواطنين في تصرفات العاملين بالقطاع تحمل أهمية كبرى لضمان استقرار الصناعة المالية على المدى الطويل”.
وفقا للبروفسير آلا كو، أحد المشاركين في إعداد الدراسة، فإنه يتوجب على المصرفيين أن يكون لديهم ميثاق شرف مثل “قسم آبقراط الطبي” وأن يكون لديهم التزام أخلاقي خاص بهم، مقترحا أن يتم استبدال مكافآت تحقيق الأرباح بدفع حوافز مالية على السلوكيات الأخلاقية التي تتسم بالنبل والنزاهة.
وأوصت البروفيسورة بجامعة ليون الفرنسية، ماري كلير فيلفال في المقال الذي نشرته “نيتشر” أيضا بضرورة استخدام أسلوب “ملك وكتابة” مع السياسيين، وذلك للتحقيق إذا كانت نزاهتهم تتضاءل عند رؤية إمكانية الحصول على امتيازات ومكاسب سياسية في السر.