عن كتاب مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني
سلمان والمقداد بن الاسود الكندي وعمار ين ياسر العنسي وأبو ذر الغفاري وحذيفة بن اليمان وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو الطفيل عامر بن واثلة - رضي الله عنهم أجمعين - [ أنهم ] دخلوا على النبي - صلى الله عليه وآله - فجلسوا بين يديه والحزن ظاهر في وجوههم ، فقالوا :
فديناك يارسول الله بأموالنا وأولادنا وأنفسنا وبآبائنا وبالامهات إنا نسمع في أخيك علي بن أبي طالب ما يحزننا ، أتأذن لنا في الرد عليهم ؟
فقال - صلى الله عليه وآله - : وما عساهم أن يقولوا في أخي ؟ فقالوا : يارسول الله
يقولون : أي فضل لعلي في سبقه ( إلى ) الاسلام ؟ وإنما أدركه طفلا ، ونحو ذلك ، وهذا ( مما ) يحزننا .
فقال النبي - صلى الله عليه وآله - : هذا يحزنكم ؟
قالوا : نعم . يا رسول الله .
فقال : بالله عليكم هل علمتم في الكتب المتقدمة ان إبراهيم الخليل - عليه السلام - هرب به أبوه ( وهو حمل في بطن امه مخافة عليه من النمرود بن كنعان -لعنه الله - لانه كان يشق بطون الحوامل ، ويقتل الاولاد ، فجاءت به امه ) فوضعته بين أثلال بشاطئ نهر يتدفق يقال له خوران بين غروب الشمس إلى ( إقبال ) الليل ، فلما وضعته واستقر على وجه الارض قام من تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من الشهادة بالوحدانية ، ثم أخذ ثوبا فاتشح وامه ترى ما يصنع وقد ذعرت منه ذعرا شديدا ، فهرول من يدها مادا عينيه إلى السماء وكان منه ( انه عندما نظر الكواكب سبح الله وقدسه ، وقال : سبحان الملك
القدوس ) فقال الله تعالى فيه : * ( وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والارض ) * إلى آخر قصته . وعلمتم أن موسى بن عمران كان قريبا من فرعون ، وكان فرعون في طلبه يبقر بطون الحوامل من أجله ، فلما ولدته امه فزعت عليه فأخذته من تحتها ، وطرحته في التابوت ، وكان يقول لها : يا اماه ألقيني في اليم .
فقالت له – وهي مذعورة من كلامه - : إني أخاف عليك الغرق .
فقال لها : لا تخافي ولا تحزني إن الله رادني عليك ، ثم ألقته في اليم كما ذكر لها ، ثم بقي في اليم لا يطعم طعاما ، ولا يشرب شرابا معصوما مدة إلى أن رد إلى امه ، وقيل : ( إنه ) بقي سبعين يوما ، فأخبر الله عنه * ( إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله ) إلى آخر قصته .
وعيسى بن مريم - عليه السلام - إذ كلم امه عند ولادته وقصته مشهورة ( فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ) * الآية * ( والسلام علي يوم ولدت ويوم ابعث حيا ).
وقد علمتم ( جميعا ) أني أفضل الانبياء ، وقد خلقت أنا وعلي من نور واحد ، وان نورنا كان يسمع تسبيحه من أصلاب آبائنا ، وبطون امهاتنا في كل عصر وزمان إلى عبد المطلب [ فكان نورنا يظهر في آبائنا فلما وصل إلى عبد المطلب ] انقسم النور نصفين : نصف إلى عبد الله ، ونصف إلى أبي طالب عمي ، وانهما كانا ( إذا ) جلسا في ملا من الناس يتلألأ نورنا في وجوههما من دونهم ، حتى أن السباع والهوام كانا يسلمان عليهما لاجل نورنا حتى خرجنا إلى دار الدنيا ، وقد نزل علي جبرئيل عند ولادة ابن عمي علي وقال : يا محمد ربك يقرئك السلام ، ويقول لك :
الآن ظهرت نبوتك ، وإعلان وحيك ، وكشف رسالتك ، إذ أيدك [ الله ] بأخيك ووزيرك وخليفتك من بعدك ، والذي أشدد به أزرك ، واعلن به ذكرك ، علي أخيك وابن عمك فقم إليه واستقبله بيدك اليمني فإنه من أصحاب اليمين وشيعته الغر المحجلين .
قال : فقمت فوجدت امي بعد امي بين النساء والقوابل من حولها وإذا بسجاف وقد ضربه جبرئيل بيني وبين النساء فإذا هي قد وضعته فاستقبلته .
قال : ففعلت ما أمرني به جبرئيل ، ومددت يدي اليمني نحو امه ، فإذا بعلي قد أقبل على يدي واضعا يده اليمني في اذنه يؤذن ويقيم بالحنيفية ، ويشهد بالوحدانية لله ، ولي بالرسالة ، ثم انثني إلي وقال : السلام عليك يارسول الله ،[ فقلت له : ] إقرأ يا أخي ، فوالذي نفسي بيده قد ابتدى بالصحف التي أنزلها الله على آدم ، وأقام بها ابنه ( شيث ) ، فتلاها من أولها إلى آخرها ، حتى لو حضر آدم لاقر له أنه أحفظ لها منه ، ثم تلا صحف نوح ، ثم صحف إبراهيم ، ثم قرأ التوراة حتى لو حضر موسى لشهد له أنه أحفظ لها منه ، ثم قرأ إنجيل ( عيسى ) حتى لو حضر [ عيسى ] لاقر له أنه أحفظ لها منه ، ثم قرأ القران الذي أنزل [ الله ] علي من أوله إلى آخره . ثم خاطبني وخاطبته بما تخاطب [ به ] الانبياء ، ثم عاد إلى ( حال ) طفوليته ، وهكذا أحد عشر إماما من نسله يفعل في ولادته مثل مافعل الانبياء ، فما يحزنكم وما عليكم من قول أهل الشرك ، فيا لله هل تعلمون أني أفضل الانبياء ، وأن وصيي أفضل الوصيين ، وأن أبي آدم لما رأى اسمي واسم أخي مكتوبا وفاطمة والحسن والحسين - عليهم السلام - مكتوبين على ساق العرش بالنور ، فقال : إلهي هل خلقت خلقا قبلي هو عليك أكرم مني ؟
[ فقال : ] قال [ الله ]: يا آدم لولا هذه الاسماء لما خلقت سماء مبنية ، ولا أرضا مدحية ، ولا ملكا مقربا ، ولانبيا مرسلا ، ولولاهم ما خلقتك ، فقال : إلهي وسيدي فبحقهم عليك ألا غفرت لي خطيئتي ، ونحن كنا الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ، فقال : ابشر يا آدم فإن هذه الاسماء من ولدك وذريتك ، [ فعند ذلك ] حمد الله آدم وافتخر على الملائكة ، ( فإذا كان هذا فضلنا عند الله تعالى ) لانه لا يعطي نبيا شيئا من الفضل إلا أعطاه لنا .
فقام سلمان وأبو ذر ومن معهم وهم يقولون : نحن الفائزون
فقال - صلى الله عليه وآله - : أنتم الفائزون ، ولكم خلقت الجنة ، ولاعدائكم خلقت النار .
وروى هذا الحديث الشيخ الطوسي في كتاب مصباح الانوار في مناقب الائمة الاطهار ببعض التغيير .