'إني مسيحي أجلُّ محمدا'.. لم يكن شطرا من بيت شعري متفرد يصوغه الشاعر العربي المسيحي جاك شماس (ولد عام 1947) في مدح النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما امتداد لأكثر من 14 حالة شعرية مماثلة في العصر الحديث.
ورصدت دراسة أدبية في مجلة الأزهر عام 2012 قصائد المديح النبوية وقيمتها الحضارية خلال العصر الحديث، وانتهت إلى أن ثمة تطويراً وتجديدا شهدتهما قصيدة المديح النبوي مع دخول شعراء مسيحيين هذا المضمار.
وأوضح أستاذ النقد والأدب في جامعة المنوفية، خالد فهمي، مضمون هذا التجديد، قائلاً : 'خرجت قصيدة مدح النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، من مديح إيماني مغلق يختص بالمسلمين إلى آفاق رمزية عالمية برع فيها شعراء مسيحيون اعتبروا سيدنا محمد مصلحاً وقائداً ورمزاً عالمياً'.
من جانبه، قال الباحث في تأريخ المدائح النبوية خالد جودة إنه قام ببحث في عام 2004 عن المدائح والسمات النبوية في مجموعة من القصائد في القديم والحديث، واتضح له أن العصر الحديث خرج بالمديح النبوي من كونه ينصّب في مدح النبي صلى الله عليه وسلم بتعداد صفاته الخلقية والخلقية وإظهار الشوق له ولمبادئه والصلاة عليه تقديرا وتعظيما، إلى البحث عنه كمنقذ لحل مشكلات العالم وطريق علاج لها.
وبشأن دخول الشعراء المسيحيين إلى مجال المديح النبوي، قال جودة : إن المسيحيين هم أبناء الحضارة العربية الإسلامية، وقد نظموا أشعارهم من هذا المنظور الحضاري.
ورصد الفصل الأخير المعنون بـ'في عالم الجمال' من كتاب 'محمد مشتهى الأمم' للكاتب محمد القوصي (صادر في 2010) أكثر من 14 شاعراً مسيحياً مدحوا رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام.
وقال جاك شماس -أبرز الشعراء المسيحيين العرب في مقابلة تلفزيونية عام 2012- 'يستغرب بعضهم لماذا أتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم'، ثم عقب قائلاً، إنه : 'حديث من شغاف القلب لا يأخذ منحنى آخر سوى خدمة وطني وعروبتي'.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم موضوع قصائد في العصر الحديث لشعراء أمثال إلياس فرحات (1893-1976) وإلياس قنصل (1914-1981) وجورج سلستي (1909-1968) وجورج صيدح (1893-1978) وحليم دموس (1888-1957)، وجاك شماس الذي قال:
إني مسيحي أجلُّ محمدا
وأجل 'ضادا' مهده الإسلام
وأجل أصحاب الرسول وأهله
حيث الصحابة صفوة ومقام
أودعت روحي في هيام محمد
دانت له الأعراب والأعجام