الباعة سنستمر في البيع حتى ولو فجروا المنطقة بأكملها
كثيرة هي فرص العمل الجديدة التي أوجدها الاحتلال الأميركي منذ دخوله العراق في ابريل (نيسان) عام 2003 وحتى الآن، لكنها لا تكفي لسد الفجوة الكبيرة بين حجم العاطلين عن العمل وعدد الفرص المتوفرة. فبعد وظائف الترجمة والحراسة والعمل مع الشركات الأجنبية سواء كانت شركات أمنية أو تجارية، برزت عمليات بيع وشراء مخلفات الجيش الأميركي كتجارة جديدة يمتهنها العديد من الشباب العراقي في أسواق شعبية وفقيرة تقع في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد وبعض المدن الأخرى.
والسوق الأبرز لهذه التجارة يقع في وسط مدينة بغداد وبالتحديد في منطقة الباب الشرقي القريبة من المنطقة الخضراء المحصنة امنيا والتي يوجد فيها العدد الأكبر من قوات الجيش الأميركي والشركات الأجنبية، وتعد منطقة الباب الشرقي المركز التجاري الأكبر في بغداد إن لم يكن في العراق ككل والحيوي بالنسبة للحياة الاقتصادية للعراقيين مثلها مثل سوق الشورجة التجاري.
وكل من يمر من تلك المنطقة سيرى تجمعات و«بسطات» يتجمهر حولها الناس بالرغم من عمليات التفجير التي حدثت في هذا السوق تحديدا ولمرات متكررة وبوسائل مختلفة، أحيانا سيارات مفخخة وأحيانا أخرى أحزمة وعبوات ناسفة، بحثا عن مواد مختلفة أجنبية الصنع لشرائها كمواد التجميل ومساحيق الغسيل والملابس العسكرية وبعض الأجهزية الكهربائية والالكترونية المستخدمة، فضلا عن المواد الغذائية المعلبة والمجلات والكتب الأجنبية المختلفة.
ويقول وهاب السعدي،31 عاما، صاحب بسطة لبيع الملابس العسكرية الأميركية فقط «التجأت لهذه المهنة بعد ان تقطعت بي سبل الحياة ويئست من الحصول على فرصة عمل أو وظيفة في مؤسسات الحكومة الجديدة على الرغم من اني احمل شهادة جامعية في اختصاص مطلوب جدا هذه الأيام وهو الكيمياء الحياتية».
وأضاف السعدي وهو اب لطفلين ويسكن في دار مؤجرة «كل ما اعرضه في هذه البسطة هو كافة مستلزمات الزي العسكري الأميركي فقط، الذي احصل عليه من بعض عمال التنظيف الذين يعملون في معسكرات القوات الأميركية في بغداد والمحافظات ويلاقي طلبا كبيرا خصوصا من قبل افراد قوات الجيش العراقي وبعض هواة الملابس العسكرية»، موضحا بأن ما يحصل عليه من مهنته هذه لا يتعدى سد احتياجات عائلته اليومية.
وأشار السعدي الى انه يزاول هذه المهنة منذ عامين ونصف العام وهو مصدر رزقه الوحيد ويعمل بشكل يومي دون انقطاع بالرغم من عمليات التفجير التي استهدفت هذا السوق وبشكل متكرر، ويواظب على المجيء للسوق منذ ساعات الفجر الأولى عندما يأتي عمال التنظيف ليبيعوا له ولبقية زملائه ما حصلوا عليه من مخلفات القوات الأميركية ليقوموا هم ببيعها للزبائن ومرتادي السوق الذي اخذ بالانتشار والتوسع حتى تم افتتاح افرع أخرى له في مناطق واحياء مختلفة من العاصمة بغداد في مدينة الصدر وبغداد الجديدة والشعب والبياع وباب المعظم وغيرها من اسواق بغداد الأخرى.
وأكد السعدي انه سيستمر في بيع هذه المخلفات حتى لو تم تفجير المنطقة بكاملها، وذلك لأنه لا يستطيع ان يتخلى عن مصدر رزق عائلته، مبينا انه نجا من الموت بأعجوبة في حوادث التفجير السابقة التي وقعت بالقرب من السوق وراح ضحيتها عدد كبير من باعة السوق وزبائنه.
من جهته، قال مهدي الحسناوي المختص ببيع المواد الغذائية المنتجة خصيصا للجيش الأميركي وعلب الفيتامينات «ان زبائني معروفين وأغلبهم من العوائل الفقيرة والرياضيين الذين يمارسون لعبة كمال الأجسام، فالعوائل تأتي لشراء المعلبات والاطعمة الرخيصة نسبيا مقارنة مع اسعارها في الأسواق الأخرى، اذ ان المنتوجات التي ابيعها تمتاز عن تلك الموجودة في الاسواق بالجودة لان صناعتها في الغالب تكون اميركية أو اوروبية بينما السلع والمعلبات التجارية المتوفرة في الأسواق تكون ماركتها عربية او آسيوية، اما علب الفيتامينات والمنشطات فهذه زبائنها فقط من الرياضيين وخصوصا ابطال لعبة الكمال الجسماني ورفع الأثقال لان تدريباتهم تحتاج الى مثل هذه المقويات حسب ما يقولونه لي، وانا اقوم ببيعها لهم بأسعار زهيدة لا تقارن بالأسعار التي يفرضها اصحاب قاعات الحديد ومكاتب بيع المنشطات».
منقول
ابو النون