دنيا الوطن
قبل 18 عاماً من اليوم، استيقظ الوسط الفني المصري على فاجعة رحيل الفنانة القديرة مديحة كامل عن عمرٍ يناهز 49 عاماً بعد عدة سنوات من اعتزالها الحياة الفنية وارتدائها الحجاب، لتنهي مشوار واحدة من أكثر نجمات الفن موهبةً في التمثيل، والإكثر إثارةً للجدل أيضا خاصة وأنها اشتهرت بالإدوار الجريئة الصادمة أحيانا قبل ارتدائها الحجاب بشكلٍ مفاجئ في بداية التسعينات.
ولدت "كامل" في 3 أغسطس(آب) 1948 بمدينة الإسكندرية وساهم انتقالها مع عائلتها إلي القاهرة ودراستها بمدارسها في إتاحة الفرصة لها للتعرف عن عالم السينما عن قرب خاصةً وأنها عملت خلال دراستها الثانوية كعارضة أزياء بسبب جمالها اللافت، وهو الباب الذي طرقت عبره عشرات الفنانات بوابة التمثيل في تلك الفترة. والتقط المخرج أحمد ضياء الدين موهبتها الفنية وعرض عليها المشاركة في أحد أعماله الجديدة لكن أسرتها رفضت رغم موافقتها وإصرارها. وقبل أن تنهي دراستها الثانوية كانت قد تزوجت رجل الأعمال محمود الريس الذي وافقت عليه بعدما سمح لها بالعمل في المجال الفني، حيث بدأت خطواتها السينمائية من خلال دور جيد مع الفنان رشدي اباظة في أحد أعماله وهو العمل الذي كان سبباً في انفصالها عن زوجها لاحقاً بسبب غيرته الشديدة عليها وما تردد عن قصة الحب التي تجمع بينها وبين الفنان رشدي أباظة، وكانت "كامل" في تلك الفترة تقوم بدراسة الآداب في جامعة القاهرة.
"الصعود إلى الهاوية" نقطة التحوّل:
بدأت مسيرتها في التمثيل بالتركيز في التليفزيون في العام 1964 حين تقدمت للعمل كممثلة في التليفزيون بالاختبارات التي كان يُعلَن عنها بين الحين والاخر، وهي الفترة التي قدمت فيها مسلسل "الحائرة"، وفيلم "دلال المصرية" وغيرها من الأدوار الثانوية ومنها الدور الذي قدمته في فيلم "30 يوم في السجن" مع فريد شوقي وعرفت الناس من خلاله بشخصيتها. أنجبت ابنتها الوحيدة ميرهان التي كانت السبب الرئيسي في تحملها ظروف الحياة الصعبة مع زوجها قبل أن تقرر الإنفصال عنه وتصطحب ابنتها معها بسبب اعتراضه على عملها الفني وطلبه منها أن تكتفي بالدراسة وعائلتها والابتعاد عن التمثيل بسبب غيرته عليها من الشائعات التي بدأت تلاحقها مع تزايد نجوميتها.
تزوجت مرتين بعد والد ابنتها الأولى من المخرج شريف حموده ولم تستمر سوى عدة أشهر والثالثة من المحامي جلال الديب الذي ارتبط بابنتها ميرهان رغم انفصاله بعد عدة سنوات عن والدتها. وفي منتصف السبيعنات كانت نقطة التحوّل الكبرى في حياتها حيث وافقت على قبول دور البطولة في فيلم "الصعود إلي الهاوية" بعد اعتذار كافة النجمات في تلك الفترة عن الفيلم نظراً لجرأته، لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرتها الفنية تميزت فيها بتقديم أدوار الإثارة والجرأة بالإضافة لأدوار عبّرت فيها عن تميز موهبتها الفنية فقدمت نحو 75فيلم سينمائي في غضون 12 عاماً فقط.
أرشيف الصحافة:
ويقول الملف الصحافي الخاص بسيرتها الفنية والموجود بمكتبة المركز الكاثوليكي التي نشرت عنها في أواخر السبيعنات أنها اتهمت بتهريب المخدرات خلال عودتها من العاصمة اللبنانية بيروت لكن تم الافراج عنها سريعاً وتسوية القضية. وبين الأوراق هناك معلوماتٍ تؤكد أن "كامل" لم تكن تحب الصحافة في تلك الفترة فكانت تصريحاتها قليلة ومحدودة على عكس فنانات جيلها رغم محدودية المطبوعات الفنية في زمانها، فضلاً عن حرصها إبعاد ابنتها عن الأضواء وعدم ظهورهما معاً في وسائل الإعلام. واللافت في تصريحاتها القليلة عنها أنها وصلت لمرحلة شاركت فيها بثماني أفلام سينمائية في عامٍ واحد، وهو ما جعلها تقول أنها لم تستطع النوم إلا إلا لساعات قليلة، بينما كانت تفضل السينما على العمل المسرحي والمسلسلات الدرامية. وهي تُعتبَر أكثر الفنانات المصرية التي قدمت بطولات سينمائية نسائية مطلقة على الشاشة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "شوادر، الصعود إلى الهاوية"، "بوابة إبليس"، "ملف في الأداب"، "فتاة شاذة"وغيرها من الأعمال التي خلدت اسمها في تاريخ السينما المصرية.
ابنتها سبب ارتدائها الحجاب:
والجدير بالذكر هو أنها على الرغم من حياة الحرية التي كانت تعيشها قبل ارتدائها الحجاب الا انها تمسكت به ورفضت خلعه بعد ارتدائه مما سبب مشاكل بينها وبين منتج آخر أعمالها السينمائية "بوابة إبليس" فبعدما صورت جزءاً كبيراً من مشاهدها في الفيلم أوقف المنتج الفيلم واستعان ببطله الفنان محمود حميدة لتصوير فيلم آخر وكان يتبقى لها عدداً محدوداً من المشاهد، إلا أنها خلال فترة التوقف كانت قد اتخذت قرار ارتداء الحجاب ورفضت استكمال مشاهد اليومين المتبقين في تصوير الفيلم مما دفع فريق العمل للاستعانة بدوبليرة من أجل استكماله وخروجه للنور حيث حقق نجاحاً كبيراً لدى عرضه بالصالات السينمائية. ويقال أن إبنة "كامل" التي عاشت مع خالتها بالإسكندرية لفترة وارتدت الحجاب قبل أن تصل لعمر العشرين كانت السبب الرئيسي في دفع والدتها لارتداء الحجاب وإبعادها عن حياة الخمر والسهر لساعاتٍ متأخرة من الليل عبر الكتب والدروس الدينية التي منحتها لوالدتها.
هذا وتوفيت "كامل" صباح يوم 13 يناير(كانون الثاني) بينما كانت نائمة وصادف ذلك يوم 4 رمضان المبارك، علماً أنها كانت بحالةٍ صحية جيدة مع عائلتها وأدت صلاة الفجر مع ابنتها وزوجها قبل أن يفاجأوا بوفاتها في الصباح.
لقاء صوتي من هنا