شفقنا - اعلن في البصرة صباح اليوم الخميس عن وفاة مرجع الطائفة الشيخية في العراق والعالم السيد علي الموسوي بسبب أزمة صحية مساء امس.وقال وکالات عراقیة ان اتباع الطائفة الشيخية تجمعوا بأعداد كبيرة قرب مسجد الموسوي الكبير بمنطقة الجزائر وسط المحافظة استعدادا لتشييعه الى مثواه الاخير.ولفتت الوکالات الى أن "زعیم الطائفة فارق الحياة بعد صراع مع المرض"، مشيرا الى انه "كان يعاني من مرض السكري وأمراض في القلب".يذكر أن الطائفة الشيخية أو ما يسمى في البصرة (بأولاد عامر) هي ثالث المكونات الطائفية في المدينة من حيث العدد، حيث يتجاوز تعداد منتسبيها في البصرة حوالي ربع مليون، يسكنون في الأغلب مركز المدينة، وقسم منهم يسكن قضاء المدينة شمالغرب البصرة وهم شيعة ويمتد مذهبهم الفقهي إلى الشيخ احمد زين الدين الاحسائي الذي هاجر من نجد إلى العراق منتصف القرن الثامن عشر وأسس مذهبه الفقهي الجديد في مدينة كربلاء.ولا يختلف ابناء الطائفة الشيخية عن الشيعة في معتقداتهم سوى انهم اعتبروا تولي (آل البيت) ركنا رابعا من أركان الدين، لذلك اطلق عليهم (الركنية).
ومن المعروف أن مرشدهم الروحي في العراق والعالم هو السيد علي الموسوي ومركزه البصرة.الطائفة الشيخية (او مايعرف باولاد عامر او الحساوية) هي احدى الطوائف الشيعية التي تتواجد في البصرة بصورة رئيسية حيث يتواجد زعيمهم الروحي الحالي السيد علي عبد الله الموسوي، مع اعداد قليلة في باقي المحافظات مثل كربلاء المقدسة.وتتميز هذه الطائفة بانغلاقها على نفسها اي انهم لا يصاهرون ولا يتزوجون الا فيما بينهم فقط، ولديهم عقائد ومبادئ تختلف اختلافا كبيرا عن باقي الطوائف الشيعية الاخرى (الاصولية والاخبارية)، ولا اريد ان اخوض في عقائدهم وممارساتهم فهذه اشياء تخصهم وهم يعتقدون باحقيتها.ولكن ما يهمني اليوم هنا هو مبدأهم القائل (انصر اخاك ظالما او مظلوما) وليس بالضرورة تبنيهم هذا القول وحمله كشعار وانما هذا ما يظهر من ممارساتهم وافعالهم، والمتعايش معهم يعرف ذلك جيدا، ولكن يجب ان لا نعمم فبعضهم يمتلك من الطيبة وحب الخير والصدق والامانة ما لا يمتلكه غيرهم.
السید علی الموسویيشار الى أن السید علی الموسوی الراحل ولد عام 1929، وعرف بمواقفه الوطنية ودعواته المتكررة الى نبذ العنف والتطرف، وقد لعب دوراً واضحاً في التخفيف من حدة الإحتقان الطائفي الذي كان سائداً في البصرة عام 2006 من خلال دعمه تشكيل (مجلس إسناد القانون) الذي تحول فيما بعد الى (المجلس السياسي في البصرة).كما عرف عنه ابتعاده عن التدخل في شؤون السياسة، وندرة ظهوره عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتكريماً له أطلقت مديرية بلدية البصرة اسمه في العام الماضي على أحد الشوارع الرئيسة في المحافظة، ومن المقرر أن يخلفه في موقعه الديني نجله السيد عبد العال الموسوي.
الشيخية ...
قراءة تاريخية موضوعيةمن المواضيع المثيرة للجدل ، والتي كثر الحديث عنها مؤخراً ، هو موضوع (الفرقة الشيخية) ، وخصوصاً بعد أن بدأت قناة ( الأوحد ) الفضائية ببث برامجها ، فبدأ الناس يتسائلون :من هو الشيخ الأوحد ؟ومن هم الشيخية أتباعه ؟وما هو موقف فقهائنا منهم ؟ وما هي حقيقتهم الدينية ؟ وهل يوجد بينهم وبين سائر الإمامية اختلاف في الأصول أو الفروع ؟وهذا البحث هو محاولة متواضعة للإجابة عن جميع هذه التساؤلات ، وقد سبقني إلى الكتابة عن هذا الموضوع الكثير من الباحثين ، وصدرت في هذا المجال العديد من البحوث والدراسات ، غير أن جل إن لم يكن كل هؤلاء الباحثين ، إما من أتباع الشيخ ( الأوحد ) وأنصاره ، أو من خصومه وأعداءه ، ومن هنا فمن الصعب جداً أن تأتي كتاباتهم مجردة عن التأثيرات الايديولوجية ، والأحكام المسبقة ، وإذا كانت بعض الاتجاهات الفلسفية تعتقد باستحالة القراءة الموضوعية المجردة عن المسبقات الذهنية ، فان مما يميز هذا البحث أنه قراءة للشيخية من خارجها ، ونحن لا مع الشيخية ولا عليها ، وغاية ما نسعى إليه هو الوقوف على الحقيقية الدينية لهذه الطائفة ، بعيداً عن الحدس والتخمين والتقليد .
الشيخ الاحسائي في سطور (1)وينبغي لنا الآن أن نحمل فكرة كافية وترجمة وافية عن مؤسس ( الشيخية ) وعميد مدرستها الشيخ أحمد الاحسائي
:1_ هو الشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم بن صقر بن إبراهيم المعروف بـ ( الاحسائي) والملقب بـ ( الأوحد) والمنتسب لبني خالد الذين ينتهي نسبهم إلى قريش
.2_ ولد الاحسائي عام 1166 هـ في قرية المطيرف ، وهي قرية من قرى الاحساء كثيرة المياه
.3_ تلقى الشيخ مبادئ العلوم ومقدماتها في بلدة الاحساء ، فتتلمذ على يد الشيخ محمد بن الشيخ محسن ، حيث درس عنده ( العوامل ) و ( الاجرومية ) وكان هذا الشيخ يقطن بلدة (القرين) الواقعة على بعد فرسخ من قرية ( المطيرف ) مسقط رأس الاحسائي .
4_ هاجر الاحسائي إلى العراق عام 1186 هـ وعمره يومذاك عشرون سنة ، وهبط النجف وظل يتنقل بينها وبين كربلاء ملازماً لحضور دروس مشاهير الوقت وهم الشيخ محمد باقر البهبهاني في كربلاء والسيد مهدي بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيرهم
.5_ وبعد مدة حل في العراق طاعون جارف ، فعاد الاحسائي إلى بلاده فتزوج وظل هناك فترة ظهر خلالها إسمه واشتهر .
6_ في سنة 1208 هـ هبط البحرين فسكنها مع عائلته أربع سنوات
.7_ عام 1212 هـ شد الرحال لزيارة المشاهد المقدسة في العراق ، وبعد أن تم له ذلك هبط البصرة وتوطن فيها عدة سنين ، وأثناء ذلك زار سوق الشيوخ ومكث مدة عند ولده محمد تقي الذي سبقه إليه ثم عاد إلى البصرة
.8_ وفي سنة 1221 هـ هاجر الاحسائي إلى إيران فهبط يزد ثم كرمان شاه مفنياً ما تبقى من عمره في إيران ، وقد زار عدة مدن إيرانية وتكررت منه الزيارة إلى العتبات المقدسة خلال تلك الفترة ، كما حج إلى بيت الله الحرام سنة 1232 هـ .وفي إيران تألق نجم الاحسائي ونال شهرة عظيمة لا تضاهيها شهرة عالم آخر ، وحضي بتقديس الحكام والعلماء والعوام حتى أن الشاه كان أحد مقلديه ومريديه ، وفي تلك الفترة أيضاً طرح الاحسائي أفكاره وآراءه التي كانت ولا تزال سبب الخلاف حوله .
9_أشرنا فيما سبق إلى أساتذة الاحسائي فقهاً وأصولاً ، أما الفلسفة فيرى السيد محمد حسن آل الطالقاني أنه ( لم يذكر أحد من مترجمي الاحسائي استاذاً له فيها رغم براعته وكثرة تآليفه في هذا المجال ، حتى عد زعيم مدرسة فلسفية متميزة لها أنصارها ومعارضوها )
(2) ، ومع ذلك وجدنا الطاقاني نفسه يذكر في موضع آخر من ذات الكتاب ( إن الاحسائي ممن تتلمذ على يد صدر المتألهين الشيرازي )
(3) والظاهر أن هذا من سهو القلم ، أو هو تعبير مسامحي ، إذ أن الشيرازي توفي قبل أن يأتي الاحسائي إلى الدنيا بـ 116 عاماً ، حيث ولد الأخير كما قلنا سابقاً سنة 1166 هـ بينما كانت ولادة الشيرازي سنة 1050 هـ ، وأما العرفان فقد روى صاحب كتاب فهرست كتب مرحوم أحمد احسائي : أن الشيخ الاحسائي لقي بالبصرة شخصاً كاملاً ، فألقى إليه بكلمات كانت بمثابة مفاتيح فتحت له أبواب العرفان والباطن ، وأما الشيخية فلا يرتضون هذا التفصيل ، ويعتقدون أن الشيخ الاحسائي لم يتلق علمه من أحد غير أهل البيت عليهم السلام ، وهذا الكلام مبالغة في تعظيم الشيخ وتقديسه ، والوثائق التاريخية تثبت خلاف ذلك
.10_ والاحسائي مدرسة متنقلة وله حوزات عامرة في جميع المدن التي سكنها ، وتخرج على يديه المئاة من العلماء والفضلاء ، وفيهم من أصبح من أعلام الطائفة فيما بعد كالشيخ الأنصاري وصاحب الجواهر وغيرهما .11_ وللاحسائي مؤلفات كثيرة أوصلها بعضهم إلى 131 مؤلفاً إلا أن أهم تلك المؤلفات وأشهرها على الإطلاق أربعة مؤلفات هي :_
شرح الزيارة الجامعة الكبيرة_ شرح (( العرشية )) لصدر المتألهين الشيرازي_ شرح (( المشاعر )) للشيرازي أيضاً_ الفوائدوكتاب شرح الزيارة هو أهم وأشهر هذه الاربعة على الاطلاق ، فهو خلاصة الخلاصة وزبدة المخض من كتب الاحسائي
.12_ توفي الاحسائي وهو متوجه إلى الحج عام 1241 هـ في ( هدية ) بالقرب من المدينة المنورة ، ودفن بالبقيع بجوار الأئمة عليهم السلام
.
الشيخيةاسم يطلق على أتباع ومريدي الشيخ أحمد الاحسائي ، وقد كانت الشيخية في عهد مؤسسها الاحسائي مجرد قراءة تأويلية تجديدية في مذهب أهل البيت عليهم السلام ( فحاول رجالها الأقدمون تهذيب الاعتقادات وصيانتها وترسيخها في أذهان المسلمين ، وعمدوا إلى التأويل ففسروا بعض آيات القرآن وأخبار النبي وآله عليهم السلام بما يوافق أذواق الناس مع المحافظة على جوهر العقيدة ، وذلك لصيانة عقائد النشئ الجديد )
(4) ، ولكنها بالتدريج ونتيجة لعوامل سنحاول الوقوف عليها لاحقاً تحولت ( الشيخية ) إلى تيار عقائدي مستقل ، وإلى طائفة يرد اسمها في كتب الملل والنحل ، وفيما يأتي عرض مختصر لتاريخ هذه الطائفة .بعد وفاة الاحسائي التف مقلدوه ومريدوه حول تلميذه المقرب السيد كاظم الرشتي ( ت 1259) وسلموه زمام أمرهم ، واتفقت كلمة الخاصة منهم والعامة عليه ، ولقبوه بـ ( الأرشد ) و ( الأمجد ) ، وبهذا يؤكد الشيخيون انزوائهم وانفصالهم وأنهم فرقة مستقلة عن سائر الإمامية ، إذ لو كانوا مجرد مقلدين والاحسائي مجرد مرجع تقليد فلماذا انحصرت المرجعية في تلامذته إلى الوقت الحاضر ؟
!ونحن وإن لم يقع في أيدينا نص مدون على المستوى النظري يؤكد هذه الحقيقة ، إلا أننا من الناحية العملية التطبيقية وجدنا ( الشيخية ) قد حصروا المرجعية في الاحسائي وتلامذته إلى كتابة هذه السطور .وهم يجيبون عن هذه الإشكالية : بأن سائر الإمامية أيضاً وإن لم يكن لديهم نص نظري يحصر المرجعية بالوراثة إلا أنهم _
أي سائر الإمامية _ عملياً قد حصروا المرجعية ببيوتات معروفة !!وهذا الجواب في حقيقته نقضاً وليس حلاً لهذه الإشكالية .
والإنصاف كما أن للمرجعية عند سائر الإمامية شروط وضوابط على المستوى النظري ، فكذلك للمرجعية عند الشيخية شروط وضوابط ، وإذا ما حصل خلل في التطبيق فهذا ليس عيباً في النظرية .على أن هذا النقض الذي يذكره الشيخيون غير صحيح أيضاً ، فأن المرجعية عند سائر الإمامية ليست إرثاً حتى من الناحية العملية ، ولم يحصل أن إنتقلت المرجعية لديهم من الوالد إلى الولد أو الأخ مثلاً إلا نادراً وضمن السياقات الشرعية .نعم هناك بيوتات لدى سائر الإمامية يتوارث فيها الأبناء من الآباء العلم وخدمة المذهب وهذه منقبة وليست مثلبة