في 2015.. العالم يحتفل بالضوء وابن الهيثم
تنطلق بداية الأسبوع القادم الاحتفالات بالسنة الدولية للضوء بناء على قرار أصدرته الأمم المتحدة عام 2013 لتكون 2015 أولى السنوات الدولية للضوء والتكنولوجيات المتصلة به. ويوافق هذا العام وقوع أحداث هامة في تاريخ علم البصريات أبرزها مرور ألف سنة على تأليف العالِم العربي ابن الهيثم كتاب "المناظر" الذي وضع فيه أسس هذا العلم. وستُنظم بالمناسبة العديد من التظاهرات العلمية والثقافية والمعارض التفاعلية حول مكانة الضوء والتكنولوجيات المرتبطة به في حياة الإنسان وبناء الحضارة في العصر الحديث.
يُذكر أن مقترح اعتماد سنة دولية للضوء تقدمت به غانا والمكسيك عضوا مجلس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) وتبنى القرار المجلس التنفيذي للمنظمة و28 عضوا آخر، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2012 عرض أمام الدورة الـ190 للمجلس التنفيذي مقترح قرار باعتماد 2015 أولى السنوات الدولية للضوء، وتم اعتماد القرار في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2013.
وستنطلق فعاليات السنة الدولية للضوء بمؤتمر يُنظم بالعاصمة الفرنسية باريس يومي 19 و20 يناير/ كانون الثاني الجاري بمقر اليونسكو تحضره مئات الشخصيات بين علماء وباحثين ومهندسين وصناعيين وفنانين ودبلوماسيين من مختلف بلدان العالم.
وستشهد الجلسة الافتتاحية مداخلات لخمسة من كبار العلماء الحائزين على جوائز نوبل من بينهم الدكتور أحمد زويل الأستاذ بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء.
وسيتم في اليوم الأول من المؤتمر العلمي تدشين معرض بعنوان "ألف اختراع واختراع" للتعريف بإنجازات الحضارة العربية الإسلامية في مجال العلوم، وبدور العالم أبو علي الحسن بن الهيثم في تأسيس علم البصريات."ابن الهيثم أول من قال إن العدسة المحدبة ترى الأشياء أكبر مما هي عليه، وأول من شرح تركيب العين ووضَّح أجزاءها بالرسوم وأعطاها أسماء أخذها عنه الغربيون وترجموها "
مؤسس علم البصريات
ورغم أن قرار الأمم المتحدة يذكر موافقة السنة الحالية للعديد من الإنجازات في تاريخ علم البصريات كقيام العالم الفرنسي أوغست فرينل عام 1815 بوضع نظرية الموجات الضوئية، وقول أينشتاين عام 1905 بنظرية الظاهرة الكهروضوئية وقيامه عام 1915 بإدخال نظرية النسبية العامة في تفسير الكون، واكتشاف بينزياس وويلسن عام 1965 للمويجات الخلفية الكونية، فإن ذكرى مرور ألف سنة على تأليف ابن الهيثم لكتابه الشهير "المناظر" تعتبر الأهم لكونها تتعلق بتأسيس علم البصريات نفسه.
وهذا الكتاب ألفه ابن الهيثم سنة 1015 ميلادية ويشتمل على بحوث في الضوء، وتشريح العين، وتوضيح كيفية رؤية الأشياء. وقد كان له أثر كبير في معارف الغربيين وظلوا يعتمدون عليه لعدة قرون، وتمت ترجمته إلى اللاتينية مرات عديدة في القرون الوسطى.
وقد توصل ابن الهيثم (الذي ولد في البصرة سنة 965 وعاش طويلا في مصر حيث توفي سنة 1038) إلى شرح كيفية رؤية العين والتي نقض بها نظرية بطليموس التي تقول إن العين تصدر شعاعا ترى به الأشياء، فأوضح أن الرؤية تنجم عن انعكاس ضوء الشمس على الأشياء ثم وقوعه على شبكية العين لينتقل الأثر بعد ذلك إلى الدماغ بواسطة عصب الرؤية وتتكون الصورة المرئية للجسم.
كما وضع ابن الهيثم قوانين الانكسار والانتشار الضوئي. وبيّن أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس، كما اكتشف أن الانكسار يكون معدوما إذا مرت الأشعة الضوئية وفقاً لزاوية قائمة من وسط إلى وسط آخر غير متجانس معه. وتُنسب هذه القوانين للعالم الفرنسي رينيه ديكارت والذي لم يكن له فضل سوى وضعها في شكل معادلات رياضية.
وتقول مؤلفة كتاب "بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية" حليمة الغراري، إن ابن الهيثم هو أول من قال إن العدسة المحدبة ترى الأشياء أكبر مما هي عليه، وأول من شرح تركيب العين ووضَّح أجزاءها بالرسوم وأعطاها أسماء أخذها عنه الغربيون وترجموها إلى لغاتهم، ما زالت مستعملة حتى الآن. ومن ذلك مثلاً الشبكية (Retina)، والقرنية (Cornea) والسائل الزجاجي (Viteous Humour)، والسائل المائي (Aqueous Humour). كما ترك بحوثاً في تكبير العدسات مهدت لاستعمال العدسات في إصلاح عيوب العين.
فعاليات
وستكون أعمال ابن الهيثم وإنجازاته موضوع معارض تفاعلية ستقام في العديد من بلدان العالم، وفق ما ذكرت منظمة "ألف اختراع واختراع" التي تعنى بالتعريف بالتراث العلمي للحضارة العربية الإسلامية وستشرف على إعداد هذه المعارض.
كما ستشمل فعاليات السنة الدولية للضوء تنظيم عشرات المؤتمرات العلمية المتخصصة في المجالات ذات العلاقة بالضوء، مثل تطبيقات الليزر وندوات ثقافية وتظاهرات موجهة للعموم حول الضوء ومكوناته، وستحتضن العديد من البلدان العربية كمصر وتونس والجزائر وعُمان بعض هذه التظاهرات، وفق الموقع الرسمي للسنة الدولية للضوء الذي يوفر معلومات مفصلة عنها وكيفية المشاركة فيها.