فرضية جديد في أصل تسمية الكاولية
عن دار المدى صدر كتاب جديد للباحث الانثروبولوجي العراقي الدكتور حميد الهاشمي عنوانه (تكيف الغجر: دراسة انثروبولوجية- إجتماعية لجماعات الكاولية في العراق). زينت غلاف الكتاب لوحة تشكيلية للفنان العراقي المقيم في هولندا ستار كاووش.
وكما معروف يشكل الكاولية ثقافة فرعية متمايزة ومتقاطعة مع الثقافة العامة للمجتمع العراقي في جوانب رئيسية وحاسمة. وقد كانوا ومازالوا سؤالا ولغزا مثيرا يحير الكثير من الناس البسطاء منهم والباحثين.
الكتاب في الأصل دراسة اجتماعية- انثروبولوجية، ميدانية أعدها الباحث قبل سنوات كجزء من متطلبات دراسته للماجستير قدمت إلى قسم علم الاجتماع بجامعة بغداد. وقد واظب الباحث على تحديثها وفقا للظروف المستجدة على الواقع العراقي عامة والغجر خاصة.
تتناول الدراسة موضوع الغجر بلمحات عامة تتطرق إلى التعريف بهم، أصولهم، تسمياتهم، مع تركيز خاص على الغجر (الكاولية) في العراق، وذلك بتناول أصل تسمية الكاولية، حيث يضع الباحث فرضية جديدة حول هذه التسمية مغايرة للفرضيات السابقة الشائعة، كما وتلقي الدراسة الضوء على توزيع الكاولية في العراق.
وقد تعرض الغجر أو الكاولية وهذه تسميتهم المحلية في العراق إلى إعتداءات وتهجير من قبل المليشيات الدينية المسلحة والعناصر الإرهابية التي ظهرت إلى الساحة بعد إنهيار النظام في العراق عقب حرب عام 2003 واحتلاله. وان هذه الاعتداءات جاءت بداعي إنحراف الغجر السلوكي وممارساتهم المتقاطعة مع الثقافة العراقية المحافظة. الأمر الذي أدى إلى أن تتحول حياة هؤلاء إلى بؤس اكبر مما كانوا يعيشون في السابق وفي ظروف صعبة كما سنطلع لاحقا في هذه الدراسة.
الجانب المهم الذي يعتبر محور الدراسة الميدانية هو التكيف الاجتماعي للغجر.
وتعتمد دراسة التكيف الاجتماعي على تحليل كافة أنساق الكيان الاجتماعي لأي مجتمع مدروس. ولهذا فإن البحث تناول أنساقهم المهمة وذات المساس المباشر بالتكيف الاجتماعي وهي (القرابي، الاقتصادي، والديني والضبط الاجتماعي)، كما بحث الاتصال والتفاعل الاجتماعي والتكيف باعتباره متغيرا مستقلا من خلال الدرجات التي بلغها في جوانب مستقلة أخرى.
احتوى الفصل الأول أسئلة وبحث نظري يتعلق بمدى كون الغجر أقلية أثنية، كما احتوى على تناول تسميات الغجر في العالم،. أما الفصل الثاني منه، فناقش مجموعة فرضيات في أصل الغجر، كما وتضمن الفصل الخصائص والسمات المشتركة للغجر في العالم، وموضوع الغجر والهولوكوست. في حين تضمن الفصل الثالث مدخلا لدراسة الغجر من حيث استعراض تسمياتهم الشائعة في العالم وفرضيات أصولهم المشتركة وتقديرات أعدادهم، والكاولية في العراق (تاريخ دخولهم العراق وأماكن وجودهم).
أما القسم الميداني فقد قسم إلى سبعة فصول وفق ما يلي:
تناول الفصل الرابع النسق القرابي من ثلاث نواحي وهي: الأسرة، وتناولنا فيه بيانات عن الأسرة الغجرية وحجمها والتركيب النوعي والحالة التعليمية وغيرها. والقرابة وتناولنا فيه دراسة القرابة والعلاقات القرابية ومتانة علاقات القرابة ومكانة الأقرباء. وبحثنا أيضا نظام الزواج وطقوسه ومراسيمه في المجتمع الغجري. أما الفصل الخامس فبحث في النسق الديني من حيث دور الدين ومدى التزامهم به وإطلاعهم على حدوده ومدى تقاطع حرفهم مع تعاليمه. وتناول الفصل السادس: النسق الاقتصادي من حيث نواحي النشاطات الاقتصادية الرئيسية للغجر، وهي الطرب (الغناء، الموسيقى والرقص)، وتجارة الجنس (البغاء والسمسرة فيه)، والأعمال التجارية الأخرى من امتلاك وإدارة محل تجاري. أما الفصل السابع فكان عن الضبط الاجتماعي وأدواته في المجتمع الغجري والقوى الضابطة لسلوك الفرد الغجري.
وتناول الفصل الثامن: الاتصال الحضاري والتفاعل الاجتماعي وذلك باستعراض أدوات الاتصال وأنواعه والآثار التي يتركها ، والتفاعل الاجتماعي الناجم عن الاتصال وانعكاس ذلك في التكيف الاجتماعي . وكان الفصل التاسع عن التكيف الاجتماعي، حيث بحث في بعض مظاهر التكيف الاجتماعي التي بلغها الغجر ومقارنة ذلك بين منطقتي الدراسة، أما الفصل العاشر والأخير فقد تضمن بحث مشاكل الجوار والإسكان بالنسبة للكاولية وأوضاعهم الآن بعد التغيرات السياسية التي تمثلت بحرب عام 2003 وانهيار النظام السابق في العراق. ومقترحات وتوصيات لمعالجة وإيجاد حل ناجز لواقعهم قدر المستطاع.
وبهذا الوليد الجديد للكاتب العراقي حميد الهاشمي، توضع إضافة جديدة للمكتبة العربية والعراقية، تأتي ضمن مجهودات الكاتب الذي عرف بدراساته حول الهجرة والأقليات والهويات الفرعية.