يعتقد الكثيرون أن الإصابة بالسكتة الدماغية تقتصر على كبار السن فقط، غير أنها يمكن أن تصيب الأطفال أيضاً. وتعد السكتة الدماغية نقطة تحول في حياة الأطفال؛ فصحيح أنه يمكن إنقاذ حياة الطفل والحد من عواقبها، في حال التدخل الطبي السريع، إلا أن هذه العواقب ستظل مصاحبة له طوال حياته.
قال ماركو فولرز، المعالج بمركز استشفاء الأمراض العصبية بمدينة بريمن الألمانية، إن السكتة الدماغية ليست ظاهرة مرتبطة بالعمر، حيث أنها يمكن أن تصيب الأطفال أيضاً، في رحم الأم أو أثناء الولادة أو بعدها.
وأضافت البروفيسور مايا شتاينلين، من مستشفى الأطفال الجامعي بالعاصمة السويسرية برن، أنه على الرغم من أن السكتة الدماغية نادرة الحدوث لدى الأطفال، إلا أن عواقبها وخيمة؛ نظراً لارتفاع احتمالية الوفاة بسببها، ما يجعلها ضمن أكثر عشرة أسباب شيوعاً للوفاة في سن الطفولة. وربما يرجع السبب في ذلك إلى اكتشافها في مرحلة متأخرة للغاية أو عدم اكتشافها من الأساس.
صعوبات الحركة
وعن أعراض السكتة الدماغية لدى الأطفال أوضح البروفيسور مارتن شتاوت، عضو الجمعية الألمانية لطب أعصاب الأطفال، أنه في حال حدوث الإصابة بالسكتة الدماغية قبل أو أثناء الولادة، فإنه لا يتم ملاحظة أعراضها إلا بعد مرور بضعة شهور من الميلاد، والتي تتمثل في صعوبة تحريك الطفل ليده. وأضافت شتاينلين أن أعراض السكتة الدماغية لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة تتمثل في الإصابة بشلل نصفي مع صعوبات في الكلام، إلى جانب الصداع والقيء وفقدان الوعي، مشددةً على ضرورة اللجوء إلى طبيب الطوارئ فور ملاحظة الآباء لمثل هذه التغيرات.
وأشارت البروفيسور شتاينلين إلى أنه عند الاشتباه في إصابة الطفل بسكتة دماغية، فإنه يجب على الفور فحصه بأحد الإجراءات التصويرية، ومن الأفضل أن يتم ذلك بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد سبب الإصابة على وجه الدقة، والذي تتحدد بناء عليه طريقة العلاج المناسبة.
نزيف في المخ
وأوضحت شتاينلين أن الإصابة بالسكتة الدماغية قد ترجع إلى حدوث نزيف في المخ، نتيجة لتمزق أحد الأوعية الدموية المشوهة. وأضاف البروفيسور شتاوت أن السكتة الدماغية قد تحدث أيضاً نتيجة لانسداد أحد الأوعية الدموية بسبب قلة الدم المتدفق خلاله، وهو ما يحدث بصفة خاصة لدى الأطفال المصابين بعيوب خلقية في القلب أو ببعض أمراض الدم النادرة.
وأردف البروفيسور شتاوت أن عواقب السكتة الدماغية تختلف وفقاً لموضع حدوثها؛ فمن الممكن أن تتسبب في إصابة الطفل باضطرابات لغوية أو حسية أو حركية أو إدراكية مؤقتة أو مستديمة.
مركز تأهيل
وللحد من هذه العواقب الوخيمة ينبغي إلحاق الطفل بأحد مراكز التأهيل المتخصصة في طب أعصاب الأطفال فور خضوع الطفل للعلاج؛ حيث أنه يلعب دوراً مهماً للغاية في استعادة المهارات الحركية والحسية والمعرفية للطفل من خلال ممارسة بعض التمارين المخصصة لهذا الغرض.
وفي كل الأحوال، ينبغي على الآباء التكيف مع حقيقة أن السكتة الدماغية تعد نقطة فاصلة ليس فقط في حياة الطفل، وإنما في حياة الأسرة بأكملها، وأن الطفل لن يعود لسابق عهده تماماً.