الارهاب والعقل التدبيري لمفاهيمه
سميح خلف
برغم مرضي الشديد الا انه قد يستفزني هذا العالم الذي يتحدث عن الحرية والنزاهة والعدالة وهو يتقمص تلك الشعارات والمصطلحات ليدافع عن وجوده في معادلة غير متزنة بين المنتج والمستهلك ، وبين الشعوب التي تدعي الحضارة والشعوب الفقيرة والمتخلفة .
معادلة مزمنة عبر عنها التاريخ في صراعات مختلفة اخذت وجه الاقتصاد والاحتكار والاقطاع لدول الشرق الاوسط وتحت مبررات مختلفة.
لم يتوقف الامر على ممارسة الارهاب المنظم على ما مارسته دول الغرب ضد دول الشرق ، بل من مظاهر التطرف قد عانت شعوب الغرب في ثوراتها ضد الاحتكار والاقطاع الى ان وصلت بقطع الرؤوس والاعناق والتمثيل بالجثث ، وهي نفس الظواهر التي نلاحظها الان بما يسمى التطرف او الارهاب في منطقة الشرق الأوسط ، ولكن هل فعلا ً يوجد ارهاب في العالم ؟ ! واي ارهاب هذا ! هل هو ارهاب افراد ؟ ام دول ؟ وما هي ماكينة تصنيعه وصياغته .
لم يتحدث احد عن الارهاب التي تمارسه امريكا والغرب في العراق واليمن والصومال وافغانستان وسوريا ، لم يتحدث احد عن الارهاب التي تمارسه تلك الدول ضد الابرياء وانتزاع ثوراتهم من اجل ان يعيش مواطنيهم في رغد وفي حصانة اجتماعية ، في حين ان الشعوب في منطقة الشرق الاوسط تعاني من كل مظاهر الاجحاف بحقوق المواطن والمواطنة والفقر والبطالة والمرض ، وهي تلك الشعوب التي لا تسيطر على ثرواتها من قبل العدوان والارهاب المستمر على اراضيها وحقوقها او من خلال دكتاتوريات صنعتها دول الغرب في عالمنا العربي والشرق الأوسط .
لم يتحدث احد عن الطائرات التي قصفت منازل غزة ودمرت وبشكل جماعي عائلات بكاملها ، ومن المهزلة ان يتحول صاحب الحق الى ارهابي والارهابي الى صاحب حق يستخدم كل ادوات التكنولوجيا من اجل تأمين معادلته الاقتصادية التي هي على حساب الشعوب في هذه المنطقة .
شيء من الهزل والهزلية والمسخرة ان يجتمع رؤساء دول العالم في باريس تعاطفا ً مع فرنسا ورئيسها التي فقدت من اليهود ما يقارب 20شخصا ً تحت دائرة الصراع ، فرنسا ودول الغرب في القريب مولت حملة القتل والتدمير ، بل شاركت هي ودول الغرب في العراق وسوريا واليمن وليبيا ، ومالي ، تلك الدول التي تؤازر بعضها بعضا ً ولم تنتبه ان كل المعالجات امام المظلوم لن تفيد ، وكل الحلول الامنية ومهما حشدت من قوى لن تفيد ، فهناك شعوب مضطهدة وهناك شعوب مقتولة على اراضيها ، اليس من حق الضحية ان يدافع عن نفسه وحقوقه وتاريخه ؟ ! ومستقبل ابنائه ! ام ان المعادلة هي مازالت نفس المعادلة التي قادتها الحملات الصليبية وغير الصليبية الى منطقة الشرق الاوسط.
من صنع الارهاب والتطرف ؟ ، تخيلوا لو ان بريطانيا ودول الغرب لم يعطوا صكا ً باطلا ظالما ً لليهود بفلسطين ، هل كان يمكن ان يكون في المنطقة ارهابا ً ؟ ام ان هناك حدودا ً .. ومن صنع تلك الحدود غير هؤلاء الارهابيين الدوليين الذين صنعوا اسرائيل .
والغريب ان نتنياهو يشارك في الحملة ضد الارهاب ! ، كما يشارك فيها الضحية عباس … فمن هو الارهابي ؟ وغير الارهابي ؟
اسرائيل التي قامت بعدة جرائم كبرى في المنطقة ، سواء على الساحة الفلسطينية او العربية ، بدء من بحر البقر وابو زعبل في مصر الى قانا 1 وقانا 2 في لبنان الى الاختراقات لحدود الدول العربية مثل الجزائر وتونس ولبنان والسودان والصومال وعدة دول اخرى ، لم يجتمع هؤلاء الافاقين المنافقين الذين لا يدافعون الا على مصالحهم ومملكاتهم وطغيانهم وجبروتهم على شعوبهم ، لم يجتمع هؤلاء والعاصمة الليبية تدمر ، والعراق تدمر واصوات التعذيب المنطلقة من ابو غريب ، لم يجتمع هؤلاء الا من اجل حفنة من اليهود امام دعوات من نتنياهو بأن فلسطين هي ارض الدولة اليهودية ، لم يتحدث هؤلاء عن الام الشعب الفلسطيني الذي هو يعاني من الاحتلال وسرقة اراضيه وتراثه وترابه ، عن أي ارهاب يتحدث هؤلاء ؟! بالقطع ان الارهاب مرفوض ولكن يجب التمييز بين الارهاب والكفاح المسلح والمقاومة من اجل ان تحرر الشعوب نفسها واراضيها من الاحتلال والعدوان ، ولكن عندما قام بعض المتطرفين بالتمثيل بالرسول صلى الله عليه وسلم والاساءة له .. هل هناك من شجب ذلك ؟! ، هل اجتمع الملوك والرؤساء من اجل شجب هذا الفعل المشين على الرسول صلى الله عليه وسلم والذي طعن المسلمين في عمق ديانتهم وعقيدتهم ؟! ، وهل شجب زعماء العالم ما تمارسه اسرائيل في المسجد الأقصى ؟
نقول لكم ان المعادلة لم تنتهي بل هناك معادلات اخرى ولدت مع ولادة تفكير الارهاب وادارته وصناعته من قبل دوائر الغرب وامريكا ، فلا يمكن ان يستقر العالم وينعم بالهدوء الا بازالة اسرائيل ولان اسرائيل ليست دولة قومية بل اليهود هم منتشرون في العالم ضمن قوميات مختلفة وجنسيات مختلفة ، وفلسطين للفلسطينيين مهما طال الزمن ومن صنع الارهاب عليه ان يتحمل نتائجه .
المصدر