أظهرت الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا الأسبوع الماضي، قصور قدرات وكالات التجسس ومكافحة الإرهاب التي تملك في كثير من الأحيان معلومات عن الجناة مقدما لكنها تعجز عن تجميع كل الخيوط إلى أن تسيل الدماء.
ومنذ هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة عام 2001، إلى سلسلة من العمليات الجسيمة في أوروبا وغيرها من أنحاء العالم، يقول مسؤولو الأمن والاستخبارات الأميركيون والأوروبيون إن إحدى المشاكل الرئيسية تتمثل في ربط الخيوط ببعضها بعضا من كم هائل من المعلومات.
كما أظهرت تحقيقات برلمانية أن الوكالات البريطانية جمعت معلومات عن اثنين من الرجال الأربعة الذين فجروا مترو الأنفاق في لندن في يوليو عام 2005، وذلك في تحقيق سابق في مجال مكافحة الإرهاب، غير أن وكالات التجسس لم تعتبر هؤلاء الرجال أهدافا ذات أولوية كبيرة لعمليات المراقبة.
وأشار بروس ريدل، وهو من كبار المحللين السابقين بوكالة المخابرات المركزية إلى أن "المشكلة بالنسبة للمخابرات وأجهزة الأمن الفرنسية أن المواطنين الفرنسيين الذين ذهبوا إلى سوريا أو العراق للشاركة بالجهاد ثم عادوا أكثر من أن يمكن متابعتهم جميعا يوميا".
وقال مسؤولون أوروبيون وأميركيون إن وكالات المخابرات الفرنسية والأميركية صنفت سعيد كواشي وشقيقه شريف اللذين يعتقد أنهما شنا الهجوم على صحيفة شارلي إبدو في باريس، ضمن المشتبه في إمكانية أن يرتكبوا أعمالا إرهابية.
وأضافوا أن الاسمين أدرجا ضمن قاعدة بيانات "تايد" السرية التي تضم 1.2 مليون شخص تعتبرهم الولايات المتحدة إرهابيين محتملين، وقائمة أصغر يحظر السماح لأصحاب الأسماء الواردة فيها ركوب طائرات متجهة إلى أميركا أو داخلها.
كما اعتبر الشقيقين من الأهداف ذات الأولوية الكبيرة لعمليات الرصد والمراقبة، بعد أن تورط شريف في جماعة تجند المقاتلين الفرنسيين لتنظيم تابع لتنظيم القاعدة في العراق، وبعد أن سافر سعيد للتدريب مع تنظيم القاعدة في اليمن عام 2011.
غير أن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، قالوا إن السلطات الفرنسية قلصت مستوى متابعتها للشقيقين عندما ظلا يتصرفان بطريقة عادية خلال السنوات القليلة الماضية، وقطعا اتصالاتهما بأشخاص آخرين كانوا تحت المراقبة.
واعتبر المسؤولون أن وكالات إنفاذ القانون والتجسس عليها أن ترتب المشتبه فيهم الذي يتعين مراقبتهم عن كثب حسب الأولويات بسبب العدد الكبير للمشتبه بهم ولأن هذه المراقبة تتطلب عددا كبيرا من الأفراد، إذ يتعين تخصيص ما يصل إلى 30 فردا كل يوم لمراقبة شخص واحد من المشتبه بهم.