من منكم جرّب مراسلة نفسه ؟
في غابر الذاكرة .. كنتُ أسمع عن تلك المرأة التي ما تصالحت إلا مع نفسها ... ما أمنت ولا آمنت بأحد كما نفسها ... تلك التي كانت تراجع نفسها بصوت مسموع لأبعد من متلصص سمع .. عبارات قلقٍ .. لأن من يكلم نفسه على شفا جنون ... وتعاقبت السنون وما رأيت علامة جنون ... بقيت تحتفظ بحقها في الكلام لنفسها فقط ... تصمت وهي تغلي ... تبتسم لنفسها وتؤنبها .. تعاتبها .. تدللها ... تصبرها ...... وها أنا أقر لها بأنها مارست أروع طقس ... أصدق سلوك صفاء .. حمت نفسها من ألم البوح إلا لنفسها هي ... ها أنا أراسل نفسي :
الرسالة الأولى
من أين أتيتَ بك ؟!! محمولاً على لعنة اللغة ... على مزاجها المضطرب شدّاً وجذباً ... كيف وشت بكِ الكلمات وأنت الذي اخفيت وجهك عنك كي ما ترى الخيبات طريقها لعينيك ... كن صريحاً مع نفسك ... امنحها قلمها لتكتب ... لا لتكتب أنت ... قف ولو لمرة واحدة تحت المطر ... فقد مضى الكثير على آخر مرة سقطت تحت السماء .. اضحك كما يفعل استبداد الفوضى بطفل كل همه أن لا يذهب إلى بيت جده نهاية الأسبوع ... حقاً : متى كانت آخر مرة قرأت فيها الفاتحة لروح جدك ؟ الذي كان أباً صامتاً ؟!!!! متى وقفت على قبره على غير عجالة لتقول له : أحبك أو أحببتك حتى !!! متى قبّلت يد الحبيبة وهي تنسلّ على وسادتك من حلمٍ ؟!! ما عدت أنت .. تغيرت للدرجة التي ما عرفتك فيها حين التقينا في آخر موقف بكاء !!!