في محلة المهدية في الحلة ما زال اثر بارز بشناشيله الجميلة وبابه الخشبي الكبير ظل مقاوماً ظروف الزمن المتغير ومسيرة البناء الحديث داخل المحلة..
حكاية هذا الاثر يبدأ تأريخها في العهد العثماني وتحديداً في العقد السابع من القرن التاسع عشر، اذ شرع الحاج حسين بن رضا الخواجة ببناء صرح طبي بعد ان استكمل الاوراق الخاصة بذلك وبموافقة ادارة الباب العالي في تركيا تم تشييد مبنى المستشفى الا ان العثمانيين رفضوا ان يكون هذا الصرح (مستشفى) او ما يسمى (قسطخانة) او (خستخانة) او (بيمارستان) ..
فتركوا تجهيزه بالمستلزمات الطبية وتزويده بالاثاث اللازم مما ادى بالحاج حسين بن رضا الخواجة الى ان يتخذها مستودعاً للحبوب ومحلاً تجارياً يعتاش منه..
ومع دخول الانكليز العراق انتقل بعض الاوبئة من خلال الهنود الوافدين الى البلاد فأجتاح وباء الكوليرا (الهيضة) مدينة الحلة سنة 1917 ثم الطاعون عام 1919 مما دفع الانكليز الى ارسال الطبيب سندرسن باشا الى الحلة (لتنظيم مستشفى للعزل خارج المدينة مكون من خيام العكسريين البريطانيين) وللحاجة الماسة الى توفير مركز خاص لمعالجة المرضى والمصابين اتخذ الحاكم العسكري البريطاني (بولي) مع الطبيب (كامبيل بيك) هذا المكان مركزاً صحياً وجهزه بالمستلزمات الطبية، وكان (كامبيل بيك) وهو آمر مستشفى الميدان العسكري الانكليزي السيار يقود مجموعة من الاطباء الانكليز والهنود مع مجموعة من المعاونين لهم قد اشرف على تأسيس هذا المركز وتنظيمه وتجهيزه.
والحديث عن القسطخانة دفعنا الى القاء الباحث السيد صادق شاهين الخواجة حفيد الحاج حسين بن رضا الخواجة الذي قال: كانت في المستشفى صالة عمليات صغرى وكبرى وعيادة خارجية وشعب للترشيح والعزل والتلقيح ضد الجدري، واستمر المستشفى يقدم خدماته العلاجية والوقائية اكثر من عشرة اعوام من (1922 - 1932) وكان المبنى قد استخدم مخزناً للحبوب (سيفاً) قبل ذلك وكان يتألف من طبقتين وفيه غرف متداخلة يسودها الهدوء والصمت وبجانبه غرف اخرى جميلة زجاج نوافذها ملون..
وفي جنوبي المبنى كان ثمة (مربط الخيل) وخلفه مجزرة، وهو ما زال على وضعه القديم عدا ابدال بابه الخشبي الضخم ذي المصراعين المرصع بمسامير حديدية كبيرة مقببة.
وكان المستشفى مضاء بفوانيس زجاجية كبيرة مضلعة .. وكان يقع قرب المستشفى اثر فريد في تأريخ العراق يعود لبيت الخواجة وهو اول مقر لحزب عراقي هو حزب الاخاء الوطني برئاسة رئيس الوزراء ياسين الهاشمي، حيث كانت تصدر الاحكام منه الى جميع انحاء العراق..
وعن نوع الطعام الذي كان يقدم في المستشفى قال: كان الطعام المقدم للمرضى ممتازاً واشهر الاطعمة السمك النهري الضخم التي يبلغ طول السمكة الواحدة المتر ونصف المتر تقريباً..
ويستذكر السيد شاهين الملاكات الطبية الاولى التي عملت آنذاك فيقول: عمل في القسطخانة كل من الدكتور منكرنس سند (هندي اسلم في الحلة وتزوج من امرأة عراقية وتسمى عبد الله) وكان مديراً للمستشفى، والدكتور سندرسن باشا الذي صار فيما بعد طبيباً خاصاً للعائلة المالكة في العراق، وهذا الطبيب انشأ مشفى للعزل خارج المدينة وكان اول رئيس صحة في الحلة.
والدكتور شاكر السويدي والدكتور عبد الله البرصوم والدكتور يوسف الآلوسي كذلك الدكتور امنغال سنغ (هندي) والدكتور كامبيل بيك (عكسري انكليزي) فضلاً عن وجود ملاك عراقي من الممرضين والعاملين، منهم احمد حسن الجراح والسيد محسن علي الاعرجي ومن الفراشين جاسم المعيدي.
واضاف السيد شاهين: ومن الطريف ان احد الاطباء البريطانيين قدم الحلة عام 1956 وقد غطى الشيب رأسه، فطلب ارشاده الى مستشفى سيف بيت الخواجة لإلتقاط صور تذكارية وكان له ما اراد بعد ان اصطحبه السيد محسن رئيس الممرضين
منقوووووووووووووووووول