Sunday, 4 March, 2012
الديمقراطية لا تليق بالبشر بسبب محدودية ذكائهم

صدام والقذافي حكما بغير انتخاب

وفقا لبحث جديد فإن القدرة الفكرية المتاحة للبشر تمنعهم من التمييز بين الحاكم الأفضل والأسوأ، بسبب عجز الإنسان عن المقارنة الموضوعية بين ما لديه هو وما لدى الآخرين. ومع ذلك تظل الديمقراطية هي النظام الأمثل، فقط لأنها تمنع غير المؤهلين للحكم من الوصول اليه.

ربما كانت دراسة نشرت نتيجتها الآن أفضل هدية يمكن ان يقدمها المرء لطغاة القرن العشرين كافة.
فقد خرج العلماء بما يفيد أن نظرية الديمقراطية تحوي نقصا أساسيا يقوّضها من أساسها، وهو أن الجماهير في أي جهة كانت
«ليست من الذكاء بحيث يكون بوسعها اختيار الشخص المؤهل حقا لقيادتها».
فالعملية الديمقراطية، تبعا لهؤلاء العلماء، تعتمد على أن يكون بمقدور أغلبية المواطنين التعرف على المرشح والسياسات الأفضل بين كمٍّ كبير مطروح أمامهم.
لكن نظرة الى نتائج الانتخابات في مختلف الأزمنة والأمكنة تشير بوضوح الى أن هذا الافتراض (القدرة على الاختيار السليم) غير صحيح.
الدراسة أجراها فريق من جامعة كورنيل، نيويورك، بقيادة بروفيسير علم النفس ديفيد دانينغ، وتناقلت نتائجها الصحافة الغربية على نطاق واسع. وتوصل فيها ذلك الفريق الى أن
«الشخص الأخرق عاجز عن إطلاق الاجكام السليمة والتعرف بالتالي على الشخص الكفؤ المؤهل لأي وظيفة كانت لأنه غير قادر على استيعاب نوعية الآراء التي يطرحها هذا الأخير وتقييمها على النحو الذي تستحق».
وعلى سبيل المثال فإذا كان الشخص جاهلا بالأنظمة الضريبية وطرق إصلاحها في المقام الأول، أصبح من غير الممكن له أن يتعرف على الشخص القادر فعلا على اصلاحها. وهذا، ببساطة، لأنه لا يمكلك الأدوات العقلية التي تؤهله للتمييز بين مقدرات الآخرين وتتيح له الحكم عليها وبالتالي اختيار الجهة الصحيحة للمهمة.
ونتيجة لهذا الوضع، فلا مجال لأي قدر من المعلومات أو الحقائق عن المرشحين أمامه كي تساعد هذا الشخص على الخروج من الطريق المسدود الذي أدخله فيه عقله.
ويقول البروفيسير دانينغ:
«من العسير على معظم الناس تقبل الأفكار العظيمة لأن مستوى ذكائهم لا يسمح لهم بالتعرّف الى النفع الذي يمكن ان يجنوه من ورائها».
ووفقا لما أوردته الصحافة فقد أثبت دانينغ، مع زميله البروفيسير جستين كروغر من جامعة كورنيل سابقا وجامعة نيويورك حاليا، المرة تلو الأخرى أن معظم الناس يقعون فريسة للوهم عندما يتعلق الأمر بالمستويات والمهارات الفكرية التي يتمتعون بها شخصيا.
ويقول هذان الباحثان إنه سواء تعلق الأمر بنكتة، أو التركيب النحوي لجملة ما، أو مباراة في الشطرنج، أو غير ذلك مما يستدعي التقييم العقلي لشيء ما، فإن الافتراض التلقائي لدى أي من الناس هو أنه شخصيا «فوق المتوسط» وإن أثبتت التجربة العملية أنه من أهل القاع الفكري في واقع الأمر.
والمشكلة تبعا لدانينغ هي عجز الإنسان عن تقييم المهارات المتاحة للآخرين بالمقارنة مع تلك المتاحة له شخصيا. ولهذا يجد انه من المستحيل الوصول الى نتيجة مفادها أن أشخاصا آخرين أكثر تأهلا منه لأداء مهمة بعينها، وأن بين لآخرين أنفسهم من هو أكثر تأهلا من الباقين لأدائها.
والسبب في هذا بسيط وهو أنه «إذا كانت للإنسان ثغرات معرفية في موضوع معين فهو ليس في موقع يسمح له بالنظر الى هذه الثغرات والتعرف عليها وتقييم أحجامها وأهميتها بالنسبة للإدراك اللازم للحكم على الأشياء».
ويمضي قائلا: «في ما يتعلق بالانتخابات الديمقراطية فصحيح أن الجهلاء هم الأسوأ لدى التمييز بين البرامج والمرشحين. ولكن صحيح أيضا أننإ جميعا نعاني من قدر ما من «العمى» الناشئ عن النقص في خبراتننا الشخصية».
يذكر أن عالما اجتماعيا في المانيا هو الدكتور ماتو ناغيل وظّف هذه النظرية في برمجية كمبيوتر لمحاكاة انتخابات ديمقراطية. وفي هذه التجربة «الحسابية» افترض أن مهارات الناخبين أنفسهم موزعة في رسم توضيحي يسمى «منحنى الجرس».
وبالطبع فإن البعض سيتمتعون هنا بمؤهلات القيادة الحسنة، والبعض الآخر بمؤهلات القيادة الرديئة، بينما تقع الأغلبية في مرتبة وسطية لا تسمح بالقيادة أصلا.
وافترضت التجربة، بالإضافة الى هذا، أن كل ناخب عاجز عن التعرف على ما إن كانت المهارات القيادية لدى الآخرين أفضل مما لديه هو.
وبمحاكاة انتخابات تحت هذه الظروف، وجد ناغيل أن الناخب لا يختار المرشح الأكثر أهلية على القيادة من سائر الباقين وإنما ذلك الذي تعلو مهاراته القيادية بقدر ضئيل على المتوسط.
وعلى هذا الأساس توصل الى حقيقتين كما يقول:
الأولى: أن الأنظمة الديمقراطية نادرا ما تأتي بالشخص الأمثل للقيادة وربما لا تأتي به إطلاقا.
والثانية: أن ميزة الديمقراطية، بالرغم من ذلك وبالمقارنة مع الدكتاتورية، أنها تمنع بشكل عملي تولي الفئة غير المؤهلة للحكم مطلقا من الوصول الى مقاليده.

الديمقراطية لا تأتي بالأفضل لكنها، بحد ذاتها، هي الأفضل