وصف
من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالقلق أو بالفزع من حين إلى آخر .
وفي الحقيقة فإن نوبة من القلق بدرجة معينة يمكن أن تكون مفيدة. فالإحساس بالقلق قد يساعد المرء على رد الفعل والتصرف بصورة صحيحة عند التعرض إلى خطر حقيقي، كما يمكن أن يحفزه على التفوق في مكان عمله أو في منزله. أما إذا كان الإحساس بالقلق يتكرر في أحيان متقاربة، وبصورة حادة، دون أي سبب حقيقي، إلى درجة إنه يعيق مجرى الحياة اليومي الطبيعي فالمرجح أن هذا الإنسان يعاني من اضطراب القلق الحاد
(Generalized anxiety disorder). هذا الاضطراب يسبب القلق الزائد وغير الواقعي وشعورا بالخوف حيث يكون القلق يفوق ما يمكن اعتباره رد فعل طبيعيا على حالة معينة.
إن الحياة في ظل الشعور بالقلق الحاد قد تصبح صعبة للغاية، لكن هنالك وسائل لمعالجة هذه المشكلة. فالمعالجة الدوائيةوالمعالجة النفسية يمكنهما أن تساعدا وأن تخففا من الأعراض، كما يمكن للشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب اكتساب مهارات مختلفة لمواجهة مشكلة القلق والعودة إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي.
الأعراض
تختلف علامات وأعراض اضطراب القلق الحاد من حالة إلى أخرى, سواء من حيث نوعية الأعراض المختلفة أو من حيث حدتها.
وتشملأعراض نوبة القلق:
إن نوبة القلق الحاد لا "تقضي" على الشخص الذي يصاب بها تماما، لكنها تترك لديه إحساسا بالقلق بدرجة معينة.
- الصداع
- العصبية أو التوتر
- الشعور بغصة في الحلق
- صعوبة في التركيز
- التعب
- الاهتياج وقلة الصبر
- الارتباك
- الإحساس بتوتر العضلات
- الأرق (صعوبة الخلود إلى النوم و/أو مشاكل في النوم)
- فرط التعرق
- ضيق النّفـَس
- آلام في البطن
- الإسهال.
قد يشعر المصاب بالقلق بأنه يعيش في حالة توتر دائمة، في جميع مجالات حياته. على سبيل المثال، قد يشعر بأنه قلق جدا حيال أمنه الشخصي وأمن أحبائه، أو قد يتولد لديه شعور بأن شيئا سيئا سيحدث، حتى إذا لم يكن هناك أي خطر محسوس.
وتبدأ نوبة القلق عادة، في سن مبكرة نسبيا، إذ تتطور العلامات والأعراض المصاحِبة لها ببطء شديد، أكثر مما هو الحال في اضطرابات القلق الأخرى. معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق الحاد لا يستطيعون تذكّر المرة الأخيرة التي شعروا فيها بالتحسن و بالهدوء والسكينة.
الأسباب وعوامل الخطر
كما هو الحال في معظم الاضطرابات النفسية, من غير الواضح تماما ما هو المسبب لاضطراب القلق الحاد. ويعتقد الباحثون بأن مواد كيميائية طبيعية في الدماغ، تسمى الناقلات العصبية (Neurotransmitter)، مثل سيروتونين (Serotonin) و نورأبينِفرين (أو: نورأدرينالين –Norepinephrine/Noradrenaline)، تؤثر في حصول هذه الاضطرابات. وإجمالا، يمكن الافتراض بأن لهذه المشكلة مجموعة متنوعة من الأسباب، قد تشمل عمليات بيولوجية تحصل في الجسم، عوامل وراثية جينية، عوامل بيئية محيطة ونمط الحياة.
وإلى جانب أنواع مختلفة من الرهاب، نوبات الهلع (الفزع -Panic)، واضطراب الوسواس القهري(Obsessive – Compulsive Disorder - OCD)، تشكل نوبة القلق الحاد واحدا من أنواع اضطراب القلق الأوسع انتشارا. غالبية الأشخاص المصابين باضطراب القلق الحاد يعتقدون بأن مصدر شعورهم بالقلق يكمن قي طفولتهم، لكن ثمة أيضا حالات ينشأ فيها الاضطراب ويتطور في وقت لاحق من العُمر. وتشير المعطيات إلى إن نسبة النساء اللواتي تم تشخيص إصابتهن باضطراب القلق الحاد هي أعلى من نسبة الرجال المصابين به.
ثمة عوامل يمكنها أن تزيد من خطر الإصابة باضطرابالقلق المتعمم، وهي تشمل:
- الطفولة القاسية: الأطفال الذين عانوا من صعوبات أو ضائقة في طفولتهم بما فيها كونهم شهودا على أحداث صادمة، هم أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
- المرض: الأشخاص الذين أصيبوا بأمراض خطيرة، كالسرطان مثلا، قد يصابون بنوبة من القلق. التخوف من المستقبل وما يحمله، العلاجات والحالة الاقتصادية – كلها، يمكن أن تشكل عبئا نفسانيا ثقيلا،
- التوتر النفسي: إن تراكم التوتر النفسي، نتيجة لحالات موترة وضاغطة في الحياة قد يولّد شعورا بالقلق الحاد. على سبيل المثال، المرض الذي يستدعي التغيب عن العمل مما يسبب إلى خسارة في الأجر والمدخول من شأنه أن يسبب توترا نفسيا، وبالتالي اضطراب القلق المتعمم.
- الشخصية: الأشخاص الذين يتمتعون بمزايا شخصية معينة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق المتعمم. والأشخاص ذوو الاحتياجات النفسية غير المتوفرة كما يجب، مثل الارتباط بعلاقة عاطفية غير مرضية، قد يشعرون بعدم الأمان مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق الحاد. وعلاوة على ذلك، فإن بعض اضطرابات الشخصية، مثل اضطراب الشخصية الحدّيّة (BPD-Borderline personality disorder) ، يمكن أن تأتي مُصَنَّفة في إطار اضطراب القلق الحاد.
- العوامل الوراثية: تشير بعض الدراسات إلى وجود أساس (مصدر) وراثيّ لاضطراب القلق الحاد يجعله ينتقل (وراثيا) من جيل إلى آخر.
مضاعفات
إن اضطراب القلق الحاد يسبب للمصاب به أكثر من مجرد الشعور بالقلق. فهو قد يسبب له ( أو يُفاقم لديه) أمراضا صعبة وخطيرة، يمكن أن يكون من بينها:
- اللجوء إلى استعمال مواد مسببة للإدمان،
- أرق وإحساس بالاكتئاب،
- اضطرابات هضميّة أو معويّة،
- صداع،
- صريف الأسنان (وخاصة خلال النوم).
يحتاج تشخيص اضطراب القلق الحاد إلى إجراء تقييم نفسيّ شامل يقوم به المختصون العاملون في مجال الصحة النفسية. وفي إطاره، قد يوجّه المختصون أسئلة تتعلق ببواعث القلق، المخاوف والشعور العام بالراحة والرفاء. وقد يوجهون أسئلة عما إذا كان لدى المريض أي سلوك قهريّ يلازمه، وذلك للتأكد من أنه لا يعاني من اضطراب الوسواس القهري. وقد يطلب منه تعبئة استبيان نفسيّ، إلى جانب الخضوع لفحص شامل بغية تشخيص حالات طبية أخرى قد تكون هي المسبب للشعور بالقلق
ولكي يتم تشخيص إصابة باضطراب القلق الحاد يجب أن يتوفر تطابق مع المعايير المنشورة في "الدليل الإحصائي التشخيصيّ للاضطرابات النفسية"(Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders-DSM). الذي تنشره الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
ولكي يتم تشخيص إصابة شخص ما باضطراب القلق الحاد، يجب أن تتلاءم حالته مع المعايير التالية:
- شعور حاد بالقلق الشديد والتخوف، يوميا وعلى مدار ستة اشهر على الأقل،
- صعوبة في مواجهة الشعور بالقلق ومقاومته،
- الشعور بنوبة من القلق مصحوبة بعدد من الأعراض المحددة، مثل: الشعور بالعصبية والتوتر، صعوبة التركيز، الإحساس بتوتر العضلات وانشدادها واضطرابات في النوم،
- الشعور بنوبة من القلق تولّد شعورا بضائقة حادة تعيق مجرى الحياة العادي والطبيعي،
- الشعور بالقلق غير المرتبط بحالات أو مشكلات طبية/ صحية أخرى، مثل: نوبة الهلع أو استعمال مواد مسببة للإدمان.
الوقاية والعلاج
العلاجان الرئيسيان لاضطراب القلق الحاد هما العلاج الدوائي والعلاج النفساني، كل منهما على حدة أو كلاهما معا. وقد تكون هنالك حاجة إلى فترات تجربة وخطأ من أجل تحديد العلاج العيني الأكثر ملاءمة ونجاعة لمريض معين تحديدا والعلاج الذي يشعر معه المريض بالراحة والاطمئنان.
المعالجة الدوائية:
تتوفر أنواع شتى من العلاجات الدوائية الهادفة إلى التخفيف من الأعراض الجانبية التي ترافق اضطراب القلق الحاد، ومن بينها:
المعالجة النفسية:
- أدوية مضادة للقلق: البنزوديازيبينات (Benzodiazepines) هي مواد مهدئة تتمتع بأفضلية تتمثل في إنها تخفف من حدة الشعور بالقلق في غضون 30 – 90 دقيقة. أما نقيصتها فتتمثل في إنها قد تسبب الإدمان في حال تناولها لفترة تزيد عن بضعة أسابيع.
- أدوية مضادة للاكتئاب: هذه الأدوية تؤثر على عمل الناقلات العصبية (Neurotransmitter) التي من المعروف إن لها دورا هاما في نشوء وتطور اضطرابات القلق. وتشمل قائمة الأدوية المستخدمة لمعالجة اضطراب القلق الحاد، من بين ما تشمله: بروزاك -Prozac(فلوكسيتين -Fluoxetine) وغيره.
تشمل تلقي المساعدة والدعم من جانب العاملين في مجال الصحة النفسية، من خلال التحادث.
&*&*&*&*