مدينة الناصرية
رووداو – ذي قار
تصاعدت معدلات حالات الانتحار في العراق، وبخاصة المناطق الجنوبية لأسباب اجتماعية واخرى مرتبطة بالفقر، لكن محافظة ذي قار لها النصيب الاكبر من هذه الحالات التي تزداد عاما تلو الآخر، في وقت يقترح فيه باحثون نفسيون بث الأمل في صفوف الشباب.
فقد أقدم طالب يبلغ من العمر 20 عاما على شنق نفسه، بواسطة حبل في منزله الواقع في قضاء الشطرة شمالي محافظة ذي قار، بحسب ما اعلنته شرطة المحافظة، التي أضافت أنه انتحر بسبب خلاف عائلي استنادا لرسالة كتبها قبل أن يقدم على الانتحار.
وفي سوق الشيوخ، وهو قضاء يقع في جنوب ذي قار، انتحرت فتاة تبلغ من العمر 19 عاما بعدما شنقت نفسها بواسطة غطاء الرأس (الحجاب)، بحسب الشرطة المحلية.
وبلغ عدد الذين اقدموا على الانتحار في ذي قار 43 حالة في عام 2014، و33 شخصا في عام 2013، فيما بلغ عددهم 34 شخصا في عام 2012، وسجلت 15 حالة انتحار في عام 2011، فيما سجلت تسع حالات انتحار في عام 2010، وهو يمثل تزايدا في حالات الانتحار عاما تلو الآخر.
ويقول رئيس الجمعية النفسية العراقية، قاسم حسين صالح، لشبكة رووداو الاعلامية، إن "ابرز دوافع الانتحار مرتبطة بالشعور باليأس، فعندما يجد الشاب او الشابة أن الواقع لا يقدم له حلا لمشكلته ويصل إلى مرحلة اليأس والعجز، يلجأ لانهاء حياته".
ولا يختلف الامر كثيرا عن محافظة ميسان، فقد سجلت حالة انتحار لامرأة تبلغ من العمر 29 عاما في شهر تشرين الاول اكتوبر الماضي عام 2014، وقبل ذلك انتحر شاب عمره 25 عاما بشنق نفسه في شهر آب اغسطس من العام ذاته، لاسباب "اجتماعية".
وأضاف صالح متحدثا عن حادثة انتحار ست نساء في النجف قبل خمسة اعوام إن "حادثة العباسية جاءت بسبب وضع اطفالهن الصعب، ولأنهن لم يستطعن اعالتهم اخترن الانتحار بشكل جماعي، طبعا وسبق ذلك الحادث انتحار شاب وشابة في المحافظة نفسها".
وتتنوع طرق الانتحار، وتشمل إلى جانب عمليات الشنق بالحبال، الحرق أو إطلاق النار أو غيرها، وعلى الرغم من أن رجلا مسنا قتل نفسه ببندقيته بعدما فتح النار على رأسه في ميسان أواخر عام 2014، لكن الغالبية العظمى من المنتحرين يتصدرها الشباب.
وتابع صالح أن "العد التنازلي للأمل يصل إلى درجة الصفر عند بعض الشباب، ويكون من السهل قتل النفس بسبب الحروب والقتل اليومي في العراق"، لافتا إلى أن "الشرطة ورجال الدين لن يستطيعوا ابدا معالجة جذور المشكلة خصوصا في ظل البطالة والفقر".
وأشار إلى أن بعض العادات والتقاليد في المجتمع "متخلفة"، وهي سبب يضاف إلى العوامل التي تدفع البعض للشعور باليأس من الحياة، موضحا أنه "في الوقت الذي تشرع فيه دول متقدمة قوانين للضمان الاجتماعي، يفتقر العراق إلى ذلك بينما يعيش نحو خمسة ملايين تحت خط الفقر، ونرى أن الحكومة والرئاسات الثلاث ومن في المنطقة الخضراء يتقاضون اعلى الرواتب".
وسرد صالح جملة من الحلول التي يرى أنها قد تسهم في معالجة الظاهرة، قائلا "يجب معالجة قضية الفقر والبطالة، ونشر الثقافة النفسية، عبر جولات يقوم بها اطباء نفسيون في المناطق التي تتزايد فيها حالات الانتحار، واعادة قيمة الحياة التي تدهورت في العراق منذ نحو ثلاثة عقود".