السلام عليكم ورحمة الله
القابلية لا الرصيد :
إن الإنسان مهما بلغ من درجات التفويض والتوكل على الله سبحانه وتعالى، إلا أن الزوجين يعيشان حالة الارتباك من المستقبل.. والجهة المادية والمعيشية من الجهات المقلقة حقاً في حياة الإنسان!.. ولهذا فإن من أسباب المشاكل في هذه الناحية، حالة القلق وحالة الاضطراب في هذا المجال.
ونلاحظ بعض الأوقات أن المؤمنة ترفض الكفء المؤمن من هذه الناحية: من ناحية قلة ذات اليد.. والمؤمنة التي تفوت على نفسها فرصة الاقتران برجل مؤمن، اعتماداً على هذا المانع، فإن الله عزوجل مما يمكن أن يبتليها ببعض أنواع البلاء؛ لأن رفض الكفء المؤمن فيه نوع من عدم الاكتراث بالصفة الإيمانية.. مثلاً: يتقدم رجلان للمؤمنة: أحدهما مستجمع لصفات الإيمان، ولكنه مبتل بذات يده؛ والآخر في وضع مادي متميز، وهي تقطع بأنه دون الآخر في الإيمان.. فالمرأة عندما تقدم هذا على ذاك، تكون قد استهزأت لا شعورياً، أو أنكرت لا شعورياً ذلك الجانب الإيماني في ذلك الرجل.. وهذا الأمر مما قد يؤدي إلى بعض العقوبات الإلهية في هذا المجال.
إن هذه الآية في القرآن الكريم الكثير من المؤمنين يقرؤونها، ولكن يقرؤونها من دون اعتقاد بمضمونها، وهي قوله تعالى: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.. لم يقل: (إن كانوا من أهل الكفاف)، ولم يقل: (إن كانوا يخافون المستقبل)؛ وإنما قال: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء}؛ أي فقراء فعليين.. ومن المعلوم أن الفقير الفعلي أسوأ حالاً من الإنسان الغني الذي يخاف المستقبل.
ولكن كيف يعد القرآن الكريم الزوجين بالغنى من فضله؟.. لنلاحظ كلمة {مِن فَضْلِهِ}.. أي يا أيها الإنسان، لا تفكر تفكيراً مادياً بحتاً، ولا تقل: أنا بحسب العوامل الظاهرية لا أرزق.. فأين فضل الله عزوجل؟.. فإن كان كلامك معتمداً على المعادلات الظاهرية فالحق معك؛ أما الله عزوجل، فيقول: {يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.. قد يقول قائل: فكيف نرى هذه الثروات الوثيرة في أيدي الكافرين؟..
الجواب: ينبغي التفريق بين الرزق الذي يأتي من قبل الله عزوجل -الله عزوجل أمضى ذلك الرزق-، وبين ذلك الرزق الذي يأتي جزافاً.. هنالك رزق يأتيك حسب الظروف المادية.. مثلاً: إنسان يودع مبلغاً من المال وديعة ربوية، ويأخذ الربح.. فهذا الإنسان مرزوق بحسب القواعد المادية.. وهنالك رزق يأتي من قبل الله عزوجل.. وهذا الرزق الذي يأتي من قبل الله عزوجل رزق متميز، بمعنى أنه إيجاب من دون سلب، بمعنى أنه مال جعلت فيه البركات الكثيرة.. ومن هنا نرى بعض الناس يعيش حالة الكفاف، وهو يعيش حالة الاستقرار النفسي، والسعادة النفسية، والذرية الصالحة، والتوفيق للعبادات.
لو كان المال الوثير يشغلك عن ذكر الله عزوجل؛ فما نفعه؟!.. كذلك الذي كان في زمان النبي (ص)، وأعطي مالاً -ذلك المال الذي لا بركة فيه-، وكثرت أغنامه، فخرج خارج المدينة، لأن المدينة لم تكن لتحتمل أغنامه، فذهب إلى الصحراء، وإذا به يحرم بركات جوار النبي (ص)!.. بحسب الظاهر هذا الإنسان رزق، ولكن بحسب الواقع افتقر أيما افتقار!.. فإذن، من المناسب أن يسأل الإنسان الله عزوجل أن يغنيه من فضله كيفما شاء، وبما يشاء، وحيثما يشاء؛ فهو الأعلم بعبده المؤمن، وما هو الذي يحفظ إيمانه.
ملاحظة لطول الموضوع لم أنزله كاملا فوضعته على شكل ملف وورد من يرغب بقراءة الجزء الباقي
يحمل هذا الملف من هنا
شكرا لكل شئ