...فاعبده وتوكل عليه ...
فاعبده وتوكل عليه
يقول ذو الجلال
** ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فإعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون** (هود 123)..
......
هذه الآية الكريمة أجدها تطمئن المؤمن, وتدفع عنه القلق والهواجس مما عسي أن تأتي به الأيام.. فالله جل جلاله يقول لعبده المؤمن:
لا تقلق, فالغيب عندي, والأمر كله بيدي, وأنا عالم بحالك, وما أنت عليه وما أنت بصدده.. فتوكل علي فأنا كفيل بك.
والتوكل علي الله معناه أننا نفوضه أمورنا ونترك له أن يختار لنا ما يصلح به شأننا.. والله حين يوجه عبده المؤمن أن يتوكل عليه, فهو سبحانه لا يخذله ولا يسلمه للحزن, ويشبهه ربه بمن يمسك بعروة متينة, إن تشبث بها فهو آمن
**ومن يسلم وجهه إلي الله وهو محسن فقد إستمسك بالعروة الوثقي وإلي الله عاقبة الأمور (لقمان22)
ويؤكد ذو الجلال أن لله عاقبة الأمور ومآلاتها.. وما دام الأمر كذلك ـ وهو كذلك ـ فمم يخشي عبده المؤمن؟! فهو قد فوض أمره لله, وهو متوكل عليه., فلا بأس عليه
**إن الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون** (الأحقاف 13 ـ14).
وإذا كان الله يعفي عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات من الخوف والحزن في الدنيا, فهو سبحانه يعفيهم منهما أيضا في الآخرة, وهذا هو الأهم, لأن الآخرة هي المستقر, وهي المصير الدائم للإنسان, وهكذا يستقبلهم ربهم يوم العرض عليه مطمئنا لهم ومرحبا بهم في الجنة
**يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون. الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين. أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون. يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون. وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون** (الزخرف 68 ـ72)..
ما أجمل أن يكل الإنسان أموره لله عز وجل, يتصرف فيها بمعرفته وقدرته, فالإنسان مهما أوتي من قوة, فمقدرته محدودة, وعلمه بالغيوب معدومة.. في حين أن الله يعلم كل شيء ويقدر علي كل شيء
**وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا **(فاطر 44)..
وإذا وعد الله عبده المؤمن بأنه حسبه (أي كافيه) إذا توكل عليه, فهو سبحانه ينفذ وعده ولا يخلفه ـ حاشا لله ـ
**وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا** (النساء 122)..
فالله برحمته, إذ يدعونا أن نعبده ونتوكل عليه ونسلم أمرنا إليه, فهذا يرفع عنا المعاناة, والتوجس مما قد يأتي به الغد, مما لا علم لنا به ولا قدرة لنا عليه, فهو جل شأنه رحيم بعباده المؤمنين, لطيف بهم, وهو يرسل إليهم الملائكة تطمئنهم في الدنيا وتبشرهم بالجنة في الآخرة
**إن الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. نزلا من غفور رحيم **(فصلت 30 ـ32)
ونزلا من غفور رحيم أي الجنة لهم مستقرا ومقاما, بفضل رب غفور رحيم.