بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



في بداية الخطبة، تلا مولانا مولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه آيات من سورة التكاثر المباركة، فقرأ:
(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)(1).
ثمّ قال سلام الله عليه:
«يا له مراماً ما أبعده! وزوراً ما أغفله! وخطراً ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أي مُدّكر، وتناوشوهم من مكان بعيد، أفبمصارع آبائهم يفخرون...؟ أم بعديد الهلكى يتكاثرون...؟ ولأن يكونوا عبراً أحقّ من أن يكونوا مفتخراً»(9).
وقال سلام الله عليه في فصل آخر من هذه الخطبة:
«الذين كانت لهم مقاوم العزّ، وحَلَباتُ الفخرِ، ملوكاً وسُوقاً، سلكوا في بطون البرزخ سبيلاً...»

حقاً إنّ بمستطاع الإنسان أن يستلهم العبر الكثيرة من رؤية المقابر، وحيث يطّلع ـ مع ذلك ـ على معارف كالمعارف التي تضمنتها خطبة مولى المتّقين وسيّد الزاهدين سلام الله عليه المشار إليها، فإنّه سيقضي على غروره وتكبّره إلى حدّ كبير، وسيصبّ عظيم اهتمامه على أمر الآخرة.
ومن ناحية أخرى؛ يؤكّد الإمام علي سلام الله عليه أنّه على افتراض كون التفاخر بالأموات أمراً حسناً، فإنّ استلهام العبرة من مصائرهم أمر أحسن وأشدّ إلحاحاً. فبدلاً من الاغترار بماضي الآباء والأجداد تفاخراً يراد منه التكبّر، علينا أن نأخذ من واقعهم الذي هم عليه الآن الدرس والعبرة.
وبهذه العبرة والاعتبار سيكون من الصعب على الإنسان أن يغضّ النظر عمّا قد يرتكبه من الذنوب، وما قد يترتّب عليه من النتائج، لأنّه ستعتوره حالة من الهلع والاضطراب، وسيخاف أبداً من أن لا يغفر الله له، بل سيكون الذنب بمثابة حجر كبير يجثم على صدره، فينتهي به إلى الاختناق فالهلاك!!

----------
(1) سورة التكاثر، الآية: 1ـ2