بغداد/المسلة: اغتيل ثلاث رجال دين من أهل السنة في البصرة، جنوبي العراق، ممّن عرفوا بالوسطية والاعتدال، ما يؤكد قيام "تكفيريين" من مناصري تنظيم داعش الإرهابي، او ممّن يدينون له بالولاء، القيام بقتلهم.
وتشير اتصالات "المسلة" مع نخب سياسية، ومصادر في موقع الحدث، وخبراء أمنيين، الى ان مرتكبي الحادثة، سعوا الى التخلص من أصوات الوسطية والاعتدال، وهي سياسة اعتادت عليها التنظيمات الإرهابية التي تعتبر أي خطاب وسطي معتدل خطر على وجودها القائم على التطرف والقتل وسفك الدماء.
ووقع الهجوم في وقت متأخر من الخميس الماضي، و نفذه أربعة مسلحين فتحوا النار من سيارة مسرعة على مركبة كانت تقل رجال الدين.
واستثمرت أطراف سياسية عراقية متهمة بالإرهاب الحادث، وراح تكيل الاتهامات الى افراد من الحشد الشعبي، وأطراف سياسية "شيعية".
وأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الجمعة الماضي، بإجراء تحقيق عاجل في مقتل ثلاثة رجال دين سنة وجرح اثنين اخرين في هجوم قرب مدينة البصرة في جنوب البلاد.
وتمثل هذه الجريمة، حلقة في مسلسل هجمات سابقة على رجال دين من السنة والشيعة لتأجيج الفتنة الطائفية واعمال القتل الانتقامية، في محاولة لتكرار العنف الطائفي، الذي عصف بالبلاد قبل حوالي ثماني سنوات.
وقال بيان اصدره مكتب العبادي، إن "رئيس الوزراء أمر قادة الامن في البصرة بالعمل على وجه السرعة لكشف ملابسات الهجوم والقبض على الجناة".
وتتّهم جهات عراقية محلية عُرفت بدعمها للارهاب وتنظيم داعش، فصائل وأحزاب شيعية بالحادث، فيما تشير مصادر امنية مستقلة لـ"المسلة" الى ان المشتبه بهم، تكفيريون ومتطرفون من تنظيم داعش الإرهابي، يسعون الى تصفية رجال الدين السنة المعتدلين.
وقال ضابط شرطة لـ"المسلة" ان "التحقيقات افادت بان الهاتف المحمول لأحد رجال الدين كان يتلقى رسائل تهديد بالقتل تحمل توقيع داعش".
وقتل العنف في العراق ما لا يقل عن 12282 مدنيا في 2014 مما يجعله العام الاكثر دموية منذ حملة القتل الطائفية في 2006-2007 عندما تجاوز العدد الشهري للقتلى 3000 وفقا للامم المتحدة.
وعلى نهج تأجيج الفتن الطائفية، قال طه الدليمي، المقيم خارج العراق، واشتهر بلهجته الطائفية والعنصرية، ان "التاريخ يعبق بسنية البصرة، ولكن الشيعة غيروا معالمها السنية".
الى ذلك فان عمر عبد الستار محمود الكربولي، وهو نائب سابق حكم عليه غيابياً بالسجن المؤبد لدعمه الارهاب، اتهم المؤسسة الأمنية العراقية بانها "تتهيأ لإلصاق التهمة بفاعلين من السنة".
فيما قال طارق الهاشمي المتهم بالإرهاب والمطلوب للعدالة في بلاده، ان الحكومة ستعمل تشكيل لجنة للتحقيق، من القتلة انفسهم".
واعتبر عامر الكبيسي الصحافي في قناة الجزيرة والمعروف بميوله التحريضية الطائفية ان "هناك تصفية لعلماء السنة في الجنوب وحدا واحدا".
وقال محمد الجميلي الذي يتبنى خطاب داعش الإرهابي، ان "الحكومة العراقية هي من قتل أئمة المساجد في البصرة".
وقال "نسمع الحكومة تبدي تعاطفها مع سنة البصرة، مع ذلك لا تسمح لهم بحمل السلاح الشخصي بينما هي تحمي وتسلح وتجهز القتلة من الميليشيات الطائفية".
و تضم البصرة العشرات من مساجد أهل السنة في البصرة، تتوزع بين أقضية الزبير وأبي الخصيب والبصرة، ما يدل على التسامح الديني والانسجام المجتمعي في المدينة.
ومقابل كل هذا الضجيج الطائفية، أكد عضو جماعة العراق يوسف الحمداني أن المرجع أية الله السيد علي السيستاني أبلغ ممثله في محافظة البصرة بضرورة "حث الأجهزة الأمنية في المحافظة على بذل الجهود لكشف المتورطين بحادثة اغتيال ائمة المساجد".
وقال الحمداني في حديث صحفي حضرته "المسلة"، إن "المغدورين كانوا من دعاة السلم والتعايش السلمي بين مكونات محافظة البصرة والذين كانوا شوكة في عيون الارهابيين والمجرمين الذين يريدون النيل من وحدة العراق"، مبينا أنه "لا يمكننا ان نوجه اتهاما ضد اي جهة او ضد اي مكون، لان المخطط من وراء العملية كبير وهدفه واضح وهو تدمير العراق وشق صفوفه، وعلينا تفويت الفرصة على هؤلاء".
وعلى عكس خطاب التسامح من المرجعية الدينية، قال الكاتب عوض العيدان، الذي يروج لتقسيم طائفي للعراق ان هناك "حملة لتصفية أصحاب المذهب السني في البصرة".
المصدر
http://almasalah.com/ar/NewsDetails.aspx?NewsID=44184