الحماية القانونية للأموال العامة
الأموال العامة كما سبق القول أموال مخصصة للمنفعة العامة وتخصيصها لهذا الغرض يقتضي أفرادها بأحكام خاصة تكفل حمايتها من كل اعتداء قانوني أو مادي يمكن أن يعطل تحقيق الغرض منها
ويضفي المشرع في مختلف دول العالم حماية خاصة للأموال العامة نظرا لكونها تعم لنفع المجتمع . كله ويتوقف على حمايتها وصيانتها استمرار عمل المرافق العامة بشكل منتظم لخدمة جمهور المواطنين. وتعدد صور الحماية فمنها ماورد في القانون المدني ومنها ما تضمنه قانون العقوبات ومنها ماورد في صلب الدستور وهذا متضمنة المشرع العراقي حيث جعل الحماية واجبة على الدولة وأفراد الشعب وسوف نبين هذه الحماية في ثلاث مطالب أولها الحماية الدستورية للأموال العامة والمطلب الثاني الحماية المدنية والمطلب الثالث سوف يخصص عن الحماية الجنائية أو الجزائية للمال العام موضحين موقف المشرع العراقي من صور الحماية الثلاث
المطلب الأول
الحماية الدستورية للأموال العامة
لقد أدى تزايد أقدام الدولة على ممارسة النشاط الاقتصادي إلى اتجاه اغلب الدساتير المعاصرة نحو تخصيص فصل خاص على التنظيم الاقتصادي والاجتماعي للدولة، ويحتوي هذا التنظيم على القواعد التي تنظم الأموال العامة من حيث أنواعها وأهدافها وسبل حمايتها وأصبح من المألوف أن ندون الدساتير الحديثة في ديباجتها أو في صلب نصوصها المبادئ التي قوم عليها اقتصاد الدولة ولما ظهرت النظم الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي سابقا وغيرة من البلدان الاشتراكية ظهر الاهتمام بالأموال العامة باعتبارها القاعدة الأساسية من النظام الاقتصادي لتلك الدولة.
والأموال العامة هي أموال مخصصة للمنفعة العامة وتخصيصها لهذا الغرض يقتضي أفرادها بأحكام خاصة تكفل حمايتها من كل اعتداء قانوني أو مادي يمكن أن يعطل تحقيق الغرض منها. وما من شك في اتجاه المشرع الدستوري في الدولة ذات النظام الاشتراكي نحو توفير الحماية الدستورية للأموال العامة وقد وجد له مكانا بارزا على صعيد الدساتير العراقية ويلاحظ أن المشرع العراقي قد نص على توفير الحماية الدستورية في دستور عام 1964 الذي نصت مادته الحادية عشر على أن (للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب) على كل مواطن باعتبارها مصدر الرفاهية للشعب وقوة للوطن وقد تضمن دستور عام 1968 في المادة (16) على (أن للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب)
المطلب الثاني
الحماية المدينة للأموال العامة
القانون المدني باعتباره احد المصادر التي يستقي منها القانون الإداري ، وان الأموال العامة هي أموال تؤدي بالوصفة الأساسية للإدارة وهو تحقيق المنفعة العامة من خلال المرافق العامة الإدارية التي يتم تحويلها الأساسي من الأموال العامة
وان الإدارة أو السلطة التنفيذية تقوم بأعمالها في الإدارة الذي يتعلق بالأعمال الإدارية. وهي التي تتعلق بإدارة المرافق العامة في الدولة وان السلطة التنفيذية من متعلقاتها الوظيفية الإدارية هو الجزء الذي يتعلق بالأموال العامة للدولة وكذلك الأموال المملوكة لها ملكية خاصة وان القانون المدني يبين النظام القانوني الذي تخضع له هذه الأموال سواء من حيث التملك أو الانتفاع.
أي انه القانون الإداري يبين الأموال العامة والنظام القانوني لها وكيفية أدارتها والانتفاع بها إلى غير ذلك ويستقي القانون الإداري تلك الحماية والنظام القانوني للأموال العامة من القانون المدني باعتباره احد مصادر القانون الإداري
اولآ: عدم جواز التصرف في المال العام
من أهم مظاهر حماية الأموال العامة عدم جواز التصرف فيها، وهذه الميزة في المال العام نتيجة حتمية لازمة للقول بتخصيصه للمنفعة العامة ، آذ بدونها لايتحقق للانتفاع العام بالأموال العامة مايجب له من الثبات واستمرار فيمتنع تبعا لذلك على جهة الإدارة أن تنقل مالا عاما إلى ذمة احد الأفراد او إلى أشخاص القانون الخاص بشكل عام ،سواء ببدل أو بدونه الأبعد أن تجرده من صفته العامة.
ويعتبر هذا المبدأ في الواقع قيد واردا على حق الإدارة في التصرف في المال العام ،ابتغى المشرع فيه المشرع أن يكفل للانتفاع العام للأموال العامة ويجب له من ثبات واستقرار وهي وسيلة وقائية تحول دون التعدي على المال العام
ويعتبر هذا المبدأ في فرنسا من خلق الفقه والقضاء ،حيث لم يشر المشرع إلية فهو لذلك يجري مجرى المبادئ العامة التي تحكم الأموال العامة في الفقه والقضاء
ويقصد بهذا أخراج المال العام عن دائرة التعامل القانوني بحكم القانون، ومن ثم لايجوز للشخص الإداري نقل ملكية المال العام إلى احد الأفراد أو إحدى الهيئات والاكان تصرفه باطلا بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام. وقد نصت المادة (87) في الفقرة الثانية من القانون المدني المصري على هذا المبدأ ضمن مباىء او مظاهر الحماية المدنية للأموال العامة. وقد اقر القضاء الإداري في مصر حق الإدارة في التصرف بالمال العام أذا انطوى تصرفها على بنية تجريده من صفة العمومية فيه.
أما بالنسبة للقانون المدني العراقي فقد نص على هذا المبدأ في الفقرة الثانية من المادة (71) من القانون المدني العراقي (وهذه الأموال لايجوز التصرف بها) والنص على هذا المبدأ هو ضمان بقاء هذه الأموال في حوزة الإدارة وعدم خروجها من ذمتها إلى ذمة الأفراد أو الأشخاص القانون الخاص تحقيقا لأوجه المنفعة العامة المخصصة لها المال العام لذلك فان كل ما يؤدي إلى خروج المال العام من ذمة الإدارة الى ذمة الأفراد إلى تعطيل اوجة الانتفاع بالمال العام ويعرض المصلحة العامة للخطر.
ولكن إذ ما أرادت الإدارة التصرف في المال العام أو أجراء بعض التصرفات بالمال العام ينبغي لها أن تسلك احد الحالات التالية:
1. لجؤ الإدارة إلى التصرفات بالأموال العامة عن طريق تجريدها من صفة العمومية وأنها تخصيص المال العام على النفع العام أما عن طريق القانون أو بالفعل وهذا ما أشارت إلية الفقرة (ب) من المادة (71) من القانون المدني العراقي
ثانيا: عدم جواز الحجز على الاموال العامة.
عدم جواز الحجز على المال العام يراد به منع اتخاذ طرق التنفيذ الجبري بجميع صورة على هذه الأموال، فالهدف من الحجز على المال هو تمكين الدائن من استيفاء ماله بذمة المالك من دين بعد بيع مال المدين جبرا أذا امتنع هذا الأخير عن الوفاء، والإدارة إذ ترتب عليها دين أو التزام للأفراد فأنها يفترض فيها الملاءة أو ترتيب حقوق عينية عليها برهنها رهنا حيازيا أو تأمينيا.
ويعتبر هذا المبدأ نتيجة منطقية للمبدأ السابق ، فمتى تقدر أنة لايجوز التصرف في المال العام بما يتعارض مع تخصيصه للمنفعة العامة وجب القول كذلك بأنة لايجوز الحجز على المال العام
أما بالنسبة للقانون العراقي فقد نصت المادة (71 من القانون المدني العراقي...أو الحجز عليها او....) مشيرا الى انه الاموال العامة ولايمكن الحجز عليها أو رهنها ، أي لايمكن حجزها حجزا أو رهنا تأمينيا أو حيازيا.
وقد اشترطت المادة (1290) من القانون المدني العراقي أن يكون العقار المرهون رهنا تأمينيا مما يمكن التعامل أو يصح التعامل فيه أو بيعه وقد أوردت المادة 1328 من نفس القانون محكما مماثلا بالنسبة للراهن الحيازي وحيث أن الأموال العامة مما لايصح التعامل فيها أو بيعها بنص المادة (71) من القانون المدني العراقي ، فلا يجوز لذلك أن تكون محلا لتلك الحقوق ، والحكمة من هذا الحظر ظاهرة، فان الغاية من هذه الحقوق لتمييز أصحابها عن غيرهم من الدائبين عند بيع الأموال المحملة بها، وهذا الغرض غير محقق في الأموال العامة.
ثالثا: عدم جواز اكتساب المال العام بالتقادم
يراد بهذا المبدأ أن للاستناد الى وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لايجدي في الادعاء باكتساب ملكيتها ، ويلاحظ أن هذا المبدأ يكون مقصورا على الإدارة وحدها فلا يجوز لغيرها التمسك به لأنة لايشرع الاالمصلحة الإدارة وحدها فلا يجوز لغيرها الاحتجاج به من اجل تمكينها باعتبارها صاحبة الولاية على المال العام من صيانة تخصيص هذه الأموال للنفع العام
وسيتبع ذلك أن حيازة المال العام لاتصلح سببا لقبول دعوى وضع اليد في نظر القانون لأنها ليست الاصيانة عارضة لاتحميها دعاوي وضع اليد كما أن أكمال هذا المبدأ موقوت بتخصيص المال للمنفعة العامة
ومن ثم ، لايجوز تملك هذا المال العام بالتقادم الااذا أزال تخصيصه . للنفع العام، اذ بانتهاء هذا التخصيص ، يدخل في نطاق المال الخاص ويأخذ بالتالي حكمة، وعندئذ يجوز تملكه بالتقادم المكسب للملكية متى توافرت شرائطه القانونية.
وهذه القاعدة تعد أهم وسيلة مقررة لحماية المال العام لأنها تضع علاجا ناجحا ضد أي اعتداء محتمل على المال العام. فللإدارة استرداد المال العام من يد الفرد مهما طالت مدة وضع يده علية وليس له الاحتجاج على الإدارة بدعوى تملكه للمال العام بالتقادم المكسب للملكية بموجب قواعد القانون المدني او بدعوى الحيازة في المنقول سند الملكية إذ كان المال من الأموال المنقولة . ويعتبر هذا المبدأ نتيجة حتمية لمبدأ عدم جواز التصرف، فما دامت للأموال العامة لايجوز التصرف فيها بنقل ملكيتها إلى الغير ، فأنة لايجوز كذلك ومن باب أولى اكتساب ملكيتها بالتقادم. وقد أكد هذا المبدأ في القانون العراقي بالإضافة إلى المادة 71 من القانون المدني في فقرته (ب)، قانون أصلاح النظام القانوني رقم 35 لسنة 1977 ، حيث أشار هذا القانون إلى وجوب التأكيد على خطر تملك الأموال العامة عن طريق الاستيلاء أو التقادم، وخطر تملك الأفراد مصادر للطاقة كمصادر المياه أو أعمال الري، ويلاحظ أن الحكم الذي اورتة المادة 71 من القانون المدني بشان عدم جواز تملك المال العام بالتقادم يقتصر أثرة على الأموال المملوكة ملكية عامة فقط دون أمولها الخاصة ، بمعنى أن أموال الدولة الخاصة يجوز اكتساب ملكيتها بالتقادم.
والواقع أن التوسع الحاصل في نطاق الملكية العامة يستلزم جعل خطر التملك بالتقادم شاملا لجميع أموال الدولة، وأموال القطاع الاشتراكي مادخل منها في الدومين الخاص، مما يقتضي ضرورة كفالة قدر مناسب من الحماية لهذه الأموال بخطر تملكها بالتقادم من اجل تمكنها من أداء وظيفتها الاقتصادية.
وقد أشار إلى ذلك المشرع المصري في هذا الخصوص حيث جعل هذا المبدأ شاملا في التطبيق على جميع أموال الدولة العامة منها والخاصة وخول الوزير المختص حق أزاله التعدي الواقع بشأنها أداريا، أي بطريقة التنفيذ المباشر دون حاجة بالالتجاء إلى القضاء.
ونرى أن حماية أموال الدولة وأموال القطاع الاشتراكي يقتضي للأخذ بهذا الحكم، وبمقتضاه لايجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو القطاع الاشتراكي أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم. >>
>>
>>
>>
>>
المطلب الثالث
الحماية الجنائية للأموال العامة
يقصد بحماية المال العام عن طريق التشريع الجنائي، تلك التي تقررها التشريعات الجنائية عن طرق التعدي المادي من جانب الأفراد على المال العام ، وما يتبع ذلك من توقيع عقوبات جنائية في حالة وقوع التعدي.
وقد تناولت التشريعات المختلفة موضوع الحماية الجنائية في قوانينها المتعددة وذلك لضرورة حماية الأموال العامة جنائيا ولوضع عقوبات جزائية على الأفراد الذين يقومون بهذا الاعتداء على الأموال العامة وتخريبها. فقد تناول المشرع الفرنسي (المشروع الجنائي) جرائم العدوان على المال العام في المواد (166-176) من المبحث الثاني في الفصل الرابع من قانون العقوبات، الذي يحمل عنوان "الجرائم المخلة بالشرف والجنايات والجنح التي يرتكبها الموظفون العموميون أثناء تأدية وظائفهم.
اما المشرع الجنائي المصري فقد تناول جرائم العدوان على المال العام في الباب الرابع من الكتاب الثاني في قانون العقوبات في المواد من (112-119) الذي يحمل عنوان (اختلاس المال العام والعدوان علية).
وقد أولى المشرع المصري اهتماما كبيرا بالحماية الجنائية للمال العام فبالإضافة إلى النصوص الجزائية الواردة في قانون العقوبات والقوانين الأخرى، اتجه نحو وضع تشريعات جنائية خاصة لحماية المال العام ليواجه بها حالات التعدي الواقعة علية من قبل الأفراد العاملين أو من قبل العاملين في الدولة أو الموسسات القطاع العام. أما الحماية الجنائية في التشريع العراقي جانبا مهما في نصوصه لحماية الأموال العامة، وهي متناثرة ما بين قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وتشريعات أخرى. ويلاحظ ان المشرع الجنائي العراقي قد شدد من حماية المال العام في القانون المذكور وذلك لخلاف الحال في قانون العقوبات الملغي الذي كان ساري المفعول سنة 1964
وقد تناولت المواد في قانون العقوبات العراقي في مواضع عدة، الجرائم التي تقع على المال العام فافرد المشرع الفصل الثاني من الباب السادس كمن الكتاب الثاني من قانون العقوبات الحديث عن صور عديدة للجرائم التي تقع من الموظف العام او من في حكمة على المال العام الذي يحمل عنوان الاختلاس، كما تحدث في الفصل الثالث من الباب نفسه عن صور أخرى للجرائم التي تقع على المال العام من الموظف العام أو من في حكمة تحت عنوان "تجاوز الموظفين حدود وظائفهم".
وقد أولى المشرع في قانون العقوبات عناية خاصة لجرائم الاختلاس الواقعة من قبل الموظف أو المكلف بخدمة عامة، بخصوص أموال الدولة نظرا لمساس هذه الجرائم بالاقتصاد الوطني ويتضح ذلك من نص المادة 316 منة التي نصت على أن (يعاقب بالسجن كل موظف أو مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال أو متاع أو ورقة مثبتة لحق أو غير ذلك مملوكا للدولة أو لإحدى المؤسسات أو الهيئات التي تسهم الدولة في حالها بنصيب لو سهل ذلك لغيرة). فمن نص هذه المادة تظهر حماية المال العام جنائيا وذلك عند استغلال الموظف العام وظيفته لغرض الاستيلاء على أموال الدولة التي تحت يده، وخاصة بأنة تلك الأموال سهل استيلاءها من قبل الموظف لأنها أصلا تحت يده ، فيستغل مركزة ويحول الأموال إلى ماله الخاص ويحرم المجتمع والأفراد من المصلحة التي تبغي لهم من هذه الأموال.
ولاشترط أن يكون المال العام أو الشيء موضوع الاختلاس أو استيلاء ذا قيمة كبيرة بل تقع الجريمة ولو كان ذلك المال تافها ، وذلك أن المشرع لها لم يحدد قيمة الأمتعة أو الأموال أو الورقة المثبتة لحق ما أو شيء أخر وهذه العبارة الأخيرة تتسع لتشمل جميع ما يمكن تصوره من أفعال يأتيها الموظف أو المكلف بخدمة عامة تقع منة استيلاء على أموال أو أمتعة أو أوراق ومهما كانت قيمتها.وتقديرا لخطورة جرائم الأموال العامة في مرحلة التنمية الاقتصادية فقد فرض المشرع في قانون العقوبات بالنص على وجوب رد الأموال موضوع هذه الجرائم أورد قيمة ماحصل عليه الجاني من منفعة أو ربح.
كذلك نصت المواد(340-341) على عقوبة الموظف التي تختلف في كون كانت الجريمة عمديه فيعاقب حسب المادة (340) بالسجن مدة لأتزيد على سبع سنوات أو بالحبس أذا ارتكب الفعل عمدا ويعاقب حسب نص المادة (341) بالحبس مدة لأتزيد على ثلاثة سنوات أو بالغرامة لأتزيد ثلاثمائة دينار إذا ارتكب الفعل خطا أي بصورة غير عمديه.
هذا بالإضافة إلى الجرائم التي تقع من قبل الموظف العام على المال العام بحكم وظيفته وللعقوبات عليها في القانون العقوبات، فلقد نص هذا القانون على الجرائم التي تقع من غير الموظف على الأموال العامة وتخريبها أي التي تقع من المواطنين أو الإفراد أو غيرهم ومن هذه المواد التي ذكرها القانون المذكور المادة (352) التي نصت"يعاقب بالحبس مدة لأتزيد على سنة وبغرامة لأتزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من افسد مياه بئر عامة أو خزان مياه أو أي مستودع عام للمياه أو أي شي أخر من قبيل ذلك معد لاستعمال الجمهور بحيث جعلها اقل صلاحية للغرض الذي تستعمل من أجلة أو تسبب بخطئه في ذلك".
عالجت المادة (353) موضوع الاعتداء على المرافق العامة للماء والكهرباء والغاز أو غيرها من المرافق العامة وجعلت عقوبة هذا الاعتداء السجن مدة لأتزيد على سبع سنوات أو الحبس.
كذلك المادة(355) التي قضت تجريم كل تخريب أو أتلاف متعمد بطريق عام أو مطار أو جسور أو قناطر أو سكة حديدية أو نهر أو قناة صالحين للملاحة وتكون عقوبة هذا الفعل الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين.
ويلاحظ بصدد الحماية التي أوجدها قانون العقوبات الجديد رقم 111 لسنة 1969 أن المشروع لم يفرق بين أموال الدولة العامة وامولها الخاصة وإنما بسط حمايته على جميع أموال الدولة مادخل منها في الدومين أو الدومين الخاص ويظهر ذلك حين عالج المشرع في هذا القانون الاعتداء على الأحوال العامة عن طريق جريمة للسرقة وفقا لنص الفقرة (11) من المادة (444) فقد اعتبر ظرفا مشددا في السرقة حين يكون المال المسروق مملوكا للدولة أو أحدى المؤسسات العامة أو أحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة في مالها بنصيب، دون أن يفرق في ذلك بين الأموال العامة والأموال الخاصة.
والعلة في التشديد أن أموال الدولة المخصصة لمنفعة وصالح جميع أفراد المجتمع وبذلك يتطلب توفير الحماية الجنائية لها بما يتناسب ووظيفتها العامة في المجتمع، فمن يختلس أموال تعود إلى الدولة أو احد مؤسساتها أو أحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة في مالها بنصيب ، دون أن يفرق في ذلك بين الأموال العامة والأموال الخاصة. والعلة في التشديد أن أموال الدولة المخصصة لمنفعة وصالح جميع أفراد المجتمع وبذلك يتطلب توفير الحماية الجنائية لها بما يتناسب ووظيفتها العامة في المجتمع، فمن يختلس أموال تعود إلى الدولة أو أحدى مؤسساتها أو أحدى الشركات التي تسهم فيها الدولة بنصيب رأس المال يعتبر كأنة اعتداء على جميع أفراد المجتمع "لان أموال الدولة هي أموال المجتمع فمن يعتدي عليها بالاختلاس يضر بكل فرد من أفراد المجتمع.
ولقد هيا المشرع العراقي الحماية الجنائية للمال العام خارج نطاق قانون العقوبات، وبصورة خاصة تلك الحماية التي أوجدتها قوانين للتأميم الصادرة عام 1964 وعام 1972، وقد رتب المشرع العراقي في هذه القوانين عقوبات شديدة لحماية وسائل الإنتاج المستعملة لصالح الشعب تتلاءم مع أهمية هذه المشاريع والدور الجوهري الذي لعبة بالنسبة للاقتصاد الوطني ،يظهر ذلك واضحا في نص المادة العاشرة من القانون رقم 99 لسنة 1964 حيث تقول (يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة كل من قام بأعمال تخريبية ضد أي شركة أو مؤسسة من المؤسسات التي يشملها هذا القانون)
وقد ذكرت الحماية الجنائية في القانون رقم 69 لسنة 1972 بشان حماية الثروة النفطية التي تعتبر من الأموال العامة التي تساهم في تطوير اقتصاد الوطن. وكذلك في القانون رقم 229 لسنة 1970 الخاص بصيانة الثروة النفطية والمواد الهايدروكربونية الطبيعية ولقد هيا المشرع في هذا القانون الحماية الجنائية للحالات السليمة المتعارف عليها في الصناعة النفطية، ولقد امتدت سياسة المشرع في توفير الحماية الجنائية إلى مصادر الثروة الطبيعية في المادة الخامسة عشر من قانون الري رقم 6 لسنة 1962.
مما تقدم تبين لنا أن الحماية الجنائية للأموال العامة في التشريع العراقي مذكورة في مواد مختلفة من قانون العقوبات يشكلا ضمنيا وفي قوانين أخرى، ولأجل ذلك نرى أن المحافظة على أموال الدولة من التبديد والضياع والتخريب تقتضي قيام المشرع العراقي بإصدار تشريع خاص لحماية الأموال العامة يكون قائما على أساس توافق الجرائم التي ترتكب ضد الأموال العامة ، بحيث يؤدي ذلك إلى زيادة العقوبة زيادة كبيرة، وما من شك في أن تبني المشرع العراقي لهذا الاتجاه يؤدي إلى توفير الحماية للازمة للأموال العامة بما ينسجم والتحولات الاشتراكية التي يشهدها العراق، والتي يستلزم التأكيد على أهمية صيانة الأموال العامة باعتبارها أموال الشعب ،يشكل التفريط بها أو الإساءة استغلالها جريمة خطيرة ضدا لجماعة وضد الدولة.