إنتهت مراسيم زيارة الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في سامراء إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بمشاركة عشرات الآلاف من المؤمنين الموالين لأهل بيت النبي (صلى الله عليه واله)، ولا ينبغي لهذا الحدث أن يمرّ دون الإشادة بالجهود الاستثنائية والتضحيات النفيسة التي قدمتها القوات المسلحة والمتطوعون الأبطال الغيارى في تأمين الطريق وجوانبه ومدينة سامراء ومحيطها،
وكذا جهود المسؤولين المعنيين بإدارة الروضة العسكرية وكل المساهمين في تهيئة الخدمات والنقل وسائر احتياجات الزّوار، وقد كان الجميع متواجدين في الميدان ويواصلون الليل بالنهار، على مدى عدة ايام حتى خرجت المناسبة بهذا الشكل بلطف الله تبارك وتعالى”
لكننا في يوم تتويج الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بنور القيام بالإمامة بعد استشهاد أبيه العسكري (عليه السلام) وسرور كلّ المظلومين والمستضعفين وطالبي العدالة والتواقين للكمال والسموّ يجب أن نتوّج المشاركين في هذه الزيارة بتاج الفخر والشجاعة والفداء والانتصار والولاء الصادق لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)(المطففي ن26).
لأنهم تحملوا الصعوبات وتحدّوا الإرهاب المتوحش الذي يرتعد من مجرد ذكر اسمه أعتى الطواغيت، وقطعوا طريقا مليئةً بالألغام ويحيطها القتل والتدمير، وأبى كثير منهم إلا أن يقطعوا المسافة بين الروضة الكاظميّة المطهّرة الى الروضة العسكريّة المطهّرة (وهي حوالي 125كيلومتراً) مشياً على الأقدام وهم معرّضون طول الطريق (من شمال بغداد وحزامها الى جنوب سامراء وتخومها) لاستهداف القتلة عن قرب بالعمليات الانتحارية والأسلحة الرشاشة أو عن بعد بالقذائف الصاروخية والأسلحة المتوسطة والمتابعون للأحداث يعلمون معنى هذا الكلام.
فبينما يتحصّن المقاتلون الأشدّاء من جيوش العالم بالخنادق والسواتر والآليات المدرّعة او الانبطاح على الارض تفادياً للنيران وهم ثابتون في أماكنهم أو يتقدمون أمتاراً قليلةً، زحف المؤمنون الموالون رجالاً ونساءً وأطفالاً مرفوعي الرؤوس منتصبي القامات يسيرون بسكينةٍ ووقار مائة وخمسة وعشرين كيلومترا وترفرف بأيديهم أعلام النصر والثبات والإقدام ورايات الولاء والمودّة، وقد يرى احدهم إطلاقات النار تصيب من يسير الى جانبه فيُستشهد أو يُصاب ويمضي هو في طريقه الى الأمام.
لقد رفع هؤلاء الأبطال رؤوس العراقيين وجميع الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) في أنحاء العالم عاليةً وعلّموا شعوب العالم دروس الصبر والمصابرة والجهاد والانتصار على النفس قبل الأعداء لتثبيت المبادئ الإنسانية العليا ورجم شياطين الإرهاب والتكفير والتجهيل والأنانية واستعباد الشعوب ومصادرة حريات الناس وكرامتهم.
وندعو الشعب العراقي الذي سطّر هذه الملاحم أن لا يسمح للأجنبي وعملائه أياً كان ممن وجد شبراً على هذه الارض المباركة وشارك بشكل أو بآخر في مواجهة الإرهاب العاتي أن يصادر انتصاراتهم وينسبها الى نفسه، وليحتقر كل ادّعاءات ومزاعم هذا وذاك بأنه هو الذي صدّ الارهاب وقضى عليه وهو الذي حمى مدن العراق وأهلها من السقوط بأيدي الإرهابيين،
وإن كنّا نقدّر جهود كل الذين مدّوا يد العون الى العراقيين في هذه المحنة الكبيرة (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) (الأعراف85)، لكن هذه المساهمة مهما كان حجمها لا يجوز أن تصادر حقّ العراقيين وزهو انتصاراتهم وزخم تضحياتهم وجهودهم الجبّارة.
فليحذر العراقيون الأبطال من هذه الادعاءات لأنها تقلّـل من همّتهم وثقتهم بالنفس وتُشعرهم بالإحباط وتجعلهم اُجراء للغير مع أنهم هم الذين يعيشون المعاناة ويقدمون التضحيات.
حدث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) ببعض هذه الكلمات مع جمع من الزوار الذين زاروا سماحته في طريق العودة من سامراء يوم 9/ع1 / 1436 المصادف 1/1/2015 وفي مكالمة هاتفية مع بعض المسؤولين الإداريين والعسكريين في سامراء تفقد من خلالها الاستعدادات للزيارة.”