يتردد بعض الآباء على الأطباء كثيرا شاكين من ضعف إبصار وليدهم أو عدم استطاعته الرؤية، وفى أغلب الأحيان لا تتعدى الشكوى كونها قلقا من الوالدين على رضيعهما.
ما التطور الطبيعى لنظر الإنسان ابتداء من الولادة حتى البلوغ؟ الطفل عند الولادة يكون قادر على تثبيت عينيه على الضوء، وتتجه عيناه إلى مصدر الضوء. كما أن البؤبؤ يستجيب عند تعرضه للضوء وكذلك العين ترمش للمثير نفسه، علما بأن قوة الإبصار التقديرية هنا تكون 240/6، كما أنه من الطبيعى أن نلاحظ حولا متقطعا (أى أن العينين لا تكونان متوازيتين فى جميع الأوقات). بحلول الشهر الأول إلى الثانى يكون الطفل قادرا على التركيز على وجه الأم على سبيل المثال بل ومتابعته وتصبح العينان أكثر اتزانا مع بعضهما أو تقل درجة الحول السابقة ولكنها لا تختفى بالضرورة وتقدر درجة الإبصار هنا بـ180/6 إلى 90/6. فى الفترة من 3 إلى 6 أشهر يكون الطفل قادرا على تثبيت ومتابعة الأشياء الصغيرة (وليس الكثير كالوجه فى الفترة السابقة). وتصبح العينان متوازيتان (أى لا يكون هناك حول) وتقدر قوة النظر بـ 18/6 إلى 6/6. وعليه فإن قوة الإبصار والتحكم فى الحول عند الولادة تكون بدرجة مقبول ولكنها غير معدومة وعند عمر شهرين يصبح جيدا وعند عمر 6 شهور لابد أن يكون ممتازا، وعليه إذا خرج طفل عن هذا الترتيب فقد يكون هذا انعكاسا لمشكلة فى النظر وتصبح مراجعة الطبيب المختص واجبة.
هل هناك علامات تجعل الوالدين يراجعان الطبيب المختص؟ نعم ، مع العلم بأن هذه ليست دعوة للانتظار فالأفضل دائما المراجعة للتأكد من الطبيب المختص ولكن هناك خطوط عامة وهى كالآتى: وجود خلل واضح فى العين أو العينين بالإضافة إلى كون الطفل لا يرى على سبيل المثال: - وجود عتامة فى العين. - وجود رجفة أو اهتزاز. - وجود حول بدرجة كبيرة وغير متقطعة. - يثبت الطفل نظره إلى جهة واحدة طوال الوقت. - يثبت الطفل نظره إلى الإضاءة طوال الوقت. - قيام الطفل بدعك عينيه بشكل مستمر (لا نقصد حكة العين). - العين لا تثبت فى مكان واحد.
وجود مشاكل عامة لدى الطفل إضافة إلى الشك بأنه لا يرى قبل أو مع أو بعد الولادة على سبيل المثال: - وجود تشنجات لدى الطفل. - نقص الأكسجين عند الولادة. - تأخر عام للنمو عند الطفل . هنا لا يجب الانتظار لأن ضعف النظر قد يكون ناتجا عن الحالة العامة للطفل. - وجود حالات نظر وراثية فى العائلة. إذ إن رضيعا يعانى من ضعف فى النظرقد تكون حالته مرتبطة بحالة أخته الكبرى أو ابن عمه الذى عانى من حالة مشابهة، علما بأن حالات الوراثة لا تكون جميعا بالحدة نفسها أو الظهور فى الوقت نقسه.
هل يختلف ضعف النظر لدى الأطفال عنه عند البالغين أو الكبار؟ نعم ، وفى أجوبة عدة من حيث الأسباب والعلاج والنتائج ولكن الجزئية الجوهرية والأهم فى المصطلح
Amblyopic المعروف بالكسل أو الخمول، وهو مفهوم موجود فقط عند التحدث عن ضعف النظر لدى الأطفال إلى سن السابعة أو التاسعة على الأكثر. ولفهم هذه الفكرة، لابد من توضيح فكرة أساسية وهى أن تطور النظر عملية مستمرة على مستوى عصب العين ومركز البصر بالدماغ حتى بعد الولادة ، وتستمر إلى سن السابعة أو التاسعة ، وأى ضعف نظر خلال هذه المرحلة الحرجة سوف يؤدى إلى خلل فى تطور النظر على مستوى مركز البصر فى الدماغ ، وهذا الخلل لو استمر إلى فترة وإن لم تتجاوز الأسابيع فسوف يؤدى إلى ما يعرف بـ الكسل أو الخمول بحيث يستمر ضعف النظر حتى لو أزلنا المسبب الأول لضعف النظر ، حيث يكون الدماغ قد تعود على مستوى النظر الضعيف (كسل). وعلاج هذا الكسل يحتاج إلى تنشيط العين الكسولة بتغطية العين السليمة لفترة معينة بعد إزالة المسبب الأول لضعف النظر.
ما أسباب ضعف النظر عند الأطفال؟ فى كثير منها لا تختلف فى جوهرها عما لدى الكبار ولكن تختلف فى النسبة ، وعلى سبيل المثال ، المياه البيضاء سبب رئيسى لضعف النظر لدى كبار السن ولكن ليس كذلك لدى الأطفال ولكنه لا يزال سببا مهما. وعموما يمكن تقسيم أسباب ضعف النظر لدى الأطفال كالتالى: - الأخطاء الانكسارية (قصر النظر ، طول النظر ، الاستجماتزم) وهو ما يحتاج إلى علاج بالنظارة الطبية. - الحول ، حيث إنه عادة ما يحدث كسل فى العين المنحرفة. - عيوب وأمراض داخل العين، على سبيل المثال، عتامة فى القرنية، عتامة فى عدسة العين، خلل فى الشبكية، وكل هذه قد تكون ناتجة عن عيوب خلقية، إلتهابات فى العين، إصابات. - أمراض عامة لدى الطفل وتؤدى إلى ضعف العين، مثلا: السحايا، نقص الأكسجين أثناء الولادة، أمراض الجهاز العصبى العامة. - أمراض وراثية فى العائلة، علما بأن هذه الأمراض لا تظهر فى جميع الأجيال بالدرجة أو الحدة نفسها، وكذلك فإن ظهور هذه الأمراض الوراثية يتفاوت، فبعضها يظهر عند الولادة وأخرى تظهر بمرحلة الطفولة وأخرى عند البلوغ.