النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

رحلة الخلاص من الواقع العراقي الى اوربا ( قصة حقيقية )

الزوار من محركات البحث: 5261 المشاهدات : 9897 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    ابو النون
    تاريخ التسجيل: May-2011
    الدولة: Finland
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,674 المواضيع: 729
    التقييم: 747
    مزاجي: الحمد لله بالف خير
    المهنة: Kirjanpitäjä
    أكلتي المفضلة: اللحم المشوي
    موبايلي: iPhone
    آخر نشاط: 7/July/2022
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى najah

    رحلة الخلاص من الواقع العراقي الى اوربا ( قصة حقيقية )



    قصة مؤثرة

    تحكي الواقع العراقي

    عنوان القصة

    من بغداد إلى السويد .. رحلة البحث عن الأمان

    هي تجربة تروي رحلة عائلة عراقية إلى السويد



    بسم الله الرحمن الرحيم


    الإنسان يمر بتجارب وبظروف لا يمكن أن تنسى فيسطرها لعل غيره يستفيد منها


    أنا مررت برحلة صعبة مريرة يطول ذكرها ويصعب وصفها شأني في ذلك شأن ملايين العراقيين الذين هاجروا إلى مختلف بقاع العالم من سنوات طوال ولا تزال موجة الهجرة مستمرة حتى الآن


    أحببت أن أطرح لكم رحلتي الصعبة من بغداد إلى السويد بحثاً عن الأمن و الأمان وكرامة الإنسان


    لم أجد في المواقع العربية إلا معلومات شحيحة عن السويد ولم أجد أي معلومات عن حركات الهجرة والتي هي من أهم حركات السفر العربية، فقد هاجر الملايين من العرب إلى مختلف دول العالم ومع الأسف لم نجد أي مواقع تتحدث عن هجرتهم




    كيف ومتى بدأ التفكير لترك العراق والسفر إلى شمال الأرض ( السويد ) ؟


    ما هي الطريقة التي سنتبعها للخروج من العراق ؟


    ماذا سيواجهنا في الطريق ؟


    ماذا بعد وصولنا إلى السويد ؟






    كل هذه الأسئلة وأكثر تجدون الإجابة عليها في تقريري المتواضع هذا و المختصر عن رحلتي إلى بلاد السويد


    فريق الرحلة أنا وزوجي وابننا الوحيد البالغ من العمر 3 سنوات

    _______________________

    الحلقة الأولى

    ضاق صدرنا .. ونفذ صبرنا

    إنها الساعة الخامسة فجراً .. قذائف كثيفة تهز العاصمة بغداد .. وسائل الإعلام تعلن بدء الهجوم الأمريكي على العراق .. فلا كهرباء ولا ماء ولا اتصالات .. ألا يكفينا ما نحن فيه من فقر وحصار دولي وحرمان حتى تأتي الحرب لتزيد الطين بلة!

    بعد أسبوع فقط من بدء الحرب تفشت ظاهرة خروج المئات من العراقيين للخارج سواءً سوريا أو أوروبا أو كندا بشتى الطرق الصعبة والمخاطر الجسيمة لهذا الخروج، بدأ زوجي يفكر بالهجرة من العراق ولكن صعوبة بل استحالة الحصول على تأشيرة دخول لإحدى الدول الأوروبية يخيب أمله ويخيم عليه الأسى و الحزن .. ولكن الرغبة الجامحة تدفعه للتفكير ملياً وعدم الاستسلام لهذه الحياة الصعبة في العراق ، فبدأ يشاورني في كيفية الخروج من العراق كمشاورة عابرة للفضفضة والترويح عن النفس ولكن سرعان ما تحولت سوالفنا العادية إلى حالة جدية !، فطرحت عليه فكرة أن يتصل بصديق عمه المقيم في السويد منذ سنوات وحاصل على الجنسية السويدية لعله يفيدنا بمعلومة ما تساعدنا.



    بعد التوكل على الله اتصل عليه وقال له يوجد حلين للقدوم إلى السويد وهما :


    1- استخراج التأشيرة بالرشوة من سوريا عن طريق شركة معينة .
    2- السفر عن طريق سماسرة التهريب وهذا الطريق محفوف بالمخاطر و المتاعب .


    بدأنا بدراسة الخيارين بجدية .. الخيار الأول هو أن نسافر إلى سوريا ومن ثم تقوم شركة معينة هناك بعمل عقد عمل وهمي على أن زوجي يعمل كمسؤول كبير في هذه الشركة ، وهذا العقد بالوظيفة المحددة وبالراتب الكبير المسجل فيه يجعل السفارة السويدية تمنحنا تأشيرة سياحية للسويد لأن مثل هذا المسؤول الكبير يتم منحه التأشيرة بلا تردد !

    الخيار الثاني .. عن طريق شبكات تهريب دولية متخصصة في تهريب الأفراد إلى دول أوروبا وكندا عن طريق البر و البحر و الجو مقابل مبلغ معين من المال ، وبهذه الطريقة لسنا بحاجة لجواز السفر ولا تأشيرة للدخول !

    بدأنا بالتشاور وبعمل الاتصالات مع من نعرفه من العراقيين المقيمين في دول أوروبية مختلفة لأخذ النصيحة و الإرشاد منهم .

    كان الخيار المفضل هو عن طريق الشركة في سوريا ، بعد جهد توصلنا لهذه الشركة التي تقبل الرشوة وطلبوا مبلغ 7.000 دولار مقابل عقد العمل الوهمي ، وافقنا على ذلك وقمنا بتجهيز أمرنا وذلك ببيع البستان الذي نملكه لتوفير تكاليف هذه الرحلة وهو الشيئ الوحيد الذي نملكه في العراق ، وحسب الاتفاق أن هذه الشركة تقوم ( وهمياً ) بتعيين زوجي بمنصب رئيس تنفيذي فيها وبراتب ضخم وأنه مسؤول في هذه الشركة منذ 5 سنوات، وتقوم هذه الشركة عن طريقها بإستخراج كشف حساب من البنك يثبت الراتب الشهري الذي ينزل في حساب زوجي منذ 5 سنوات ! ، وبعد كل ذلك نتقدم بطلب لدى السفارة السويدية بالحصول على تأشيرة سياحية لزيارة السويد لقضاء الإجازة السنوية !

    ولأن حدود العراق مغلقة بالكامل فقد اتفق زوجي مع أشخاص لتهريبنا للأردن ومن ثم ندخل لسوريا !




    وبذلك انتهت مرحلة الإعداد و التخطيط لندخل مرحلة التحرك الفعلي ... وهذا ما سنتعرف عليه في الحلقة الثانية

    ________________________________


    الحلقة الثانية
    الطريق إلى سوريا

    في الصباح الباكر بدأنا بتوديع الأهل و الأصدقاء بدموع غامرة تشوبها الحسرة على مفارقة هذا البلد العظيم الذي دمرته أطماع بني البشر ، المشهد كان صعباً للغاية حيث أننا نترك الحقيقة ونذهب للمجهول ، لا ندري ماذا ينتظرنا هناك وماذا ينتظرنا في الطريق ، بعد صلاة الظهر مباشرة جائت السيارة التي ستهربنا للأردن ، وهي كبيرة الحجم وتسمى ( شاحنة ) ، طلب المهرب منا أن نركب في صندوق الشاحنة وأن نلزم الصمت عند توقفها ، لن أطيل عليكم فقد وصلنا للأردن بالسلامة بحمد الله تعالى،



    توقفت الشاحنة في أحد الشوارع بالأردن حتى تأتي سيارة ركاب أخرى تقلنا إلى سوريا ، جائت السيارة وطلب منا السائق مبلغ 300 دولار وذلك لدفعها للجمارك السورية لتسهيل عبورنا بلا مسائلة .. لن أطيل عليكم فقد وصلنا لسوريا بالسلامة بحمد الله تعالى،



    تَرَكنا سائق السيارة في أحد شوارع دمشق وذهب إلى حال سبيله، بدأنا نفكر بالسكن .. وقع الاختيار على أحد الفنادق وكان سعر الغرفة الواحدة بـ 1500 ليرة سورية لليلة الواحدة



    نمنا تلك الليلة في الفندق وفي الصباح استيقظنا وذهب زوجي للشركة التي اتفق معها بينما أنا وولدي ننتظره في الفندق ، وبعد غياب دام قرابة الـ 8 ساعات عاد زوجي مهموم الحال وقسمات وجهه توحي بمصيبة واقعة، سألته عن الأمر فقال لي : ( كل شي انتهى ) سفر للسويد ماكو ورجعة للعراق هم ماكو وكل شي ماكو !!



    هدأته وطلبت منه أن يشرح لي الأمر

    فقال لي أن الشركة التي اتفق معها على مبلغ 7.000 دولار طلبوا منه مبلغ 20.000 دولار ، ونحن بالطبع لا نملك هذا المبلغ ، وقام بالتفاوض معهم ومحاولات شتى لكي يلتزموا بالاتفاق المسبق على المبلغ 7.000 دولار ، وقال لهم أن أقصى مبلغ يمكنه دفعه هو 15.000 دولار لأنه أساساً لا يملك أكثر من هذا المبلغ ولكنهم رفضوا بشكل مطلق.


    الأمر صعب للغاية ونحن نسكن في فندق سيستنزف مالنا إن بقينا فيه طويلاً ..


    وفي الليل جلسنا نفكر بروية للخروج من هذا المأزق ، طرحنا حلولاً عدة ولكن بعد مناقشتها يتبين عدم جدواها حتى وصلنا لطريق مسدود، قررنا النوم ومن أصبح أفلح


    وفي صباح اليوم الثاني رأيت أن زوجي تحسنت حالته النفسية بشكل كبير والابتسامة لا تفارقه وهو يردد عبارة ( الله موجود ) مما أراحني انا ايظاً بشكل كبير.


    طلب مني زوجي أن نخرج للسوق لشراء بعض الحاجيات الضرورية ، وفعلاً خرجنا للسوق وقمنا بشراء ما ينقصنا من حاجيات وعدنا للفندق قرابة الظهر ، بعد الغذاء قرر زوجي الخروج و الذهاب إلى أحد الأحياء التي يسكنها العراقيون لعله يجد بصيص أمل منهم، وأخبرني أنه قد يتأخر حتى منتصف الليل من اجل ألا أقلق عليه .


    وفعلاً خرج بعد الغذاء وبقيت وحدي في الفندق مع ولدي أتفكر في حال العراق الجريح وفي حال ملايين العراقيين المشتتين حول العالم ولماذا يحصل لنا كل هذا من قتل ودمار وتشريد ؟


    الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلاً وزوجي لا زال بالخارج ولم يعد ، وصلت الساعة الواحدة و النصف ليلاً وإذا به يعود ، فقال أنه وجد حلاً مناسباً وسوف يخبرني به صباحاً لأنه متعب الآن ويريد النوم ، طلبت منه أن يخبرني به الآن ولكن دون جدوى .


    في صباح اليوم التالي اجتمعنا على الإفطار وأنا كلي شوق لمعرفة الحل الذي توصل إليه، فدار بيننا الحوار التالي :



    أنا : اها شنو الحل الي توصلت إله ؟


    زوجي : طيب .. احنه شلون اجينا لسوريا ؟


    أنا : بالتهريب


    زوجي : بإذن الله نروح على السويد بهاي الطريقة


    أنا : نعرض حياتنا للخطر ؟


    زوجي : ماكو شي بيصير بغير إرادة الله سبحانه وتعالى، إنتي فقط توكلي على الله وكوني سند إلي في هذه المحنة


    أنا : أنا معك في الحلوة و المرة



    وفعلاً بعد مناقشة الأمر قررنا الذهاب للسويد عن طريق التهريب وهو ما يسمى دولياً ( بالهجرة غير الشرعية ) وهي مجرد تسمية إذ لا فرق في السويد بين المهاجر الشرعي وغير الشرعي وهذا ما سنعرفه عند وصولنا للسويد إن شاء الله .



    المهم أن الذي حصل أن زوجي عند خروجه إلى منطقة تواجد العراقيين تعرف على شخص يعرف شبكة تهريب سافر عن طريقها الكثير من العراقيين و الفلسطينيين ، وفي هذا اليوم قال لي زوجي أنه سوف يخرج للقاء احد الأشخاص الوسطاء بشبكة التهريب هذه للإتفاق معهم



    وفعلاً خرج وبقيت مع ابني في الفندق أنتظره حتى يعود ، وبعد غياب طويل عاد زوجي في المساء واخبرني بما حصل معهم ، وأنه تلقى العروض التالية من الوسيط :



    التهريب عن طريق الطائرة بمبلغ 18.000 دولار للشخص الواحد

    وهذا العرض يشمل التهريب بالشاحنة من سوريا إلى اسطنبول، ومن ثم الحصول على جواز أوروبي مزور ، ثم ركوب الطائرة من اسطنبول إلى السويد



    التهريب عن طريق البر بمبلغ 5.000 دولار للشخص الواحد

    وهذا العرض يكون بالتهريب عن طريق الشاحنة من سوريا إلى تركيا ومنها إلى مجموعة من الدول الأوروبية حتى نصل للسويد



    التهريب عن طريق البحر بمبلغ 2000 دولار للشخص الواحد

    وهذا العرض عبارة عن إخفاء الشخص في سفينة بضائع متجهة لأحد الموانئ الأوروبية وتستغرق وقت طويل في البحر قد يصل إلى الشهر وأكثر



    العرض الأول هو الأفضل ولكنه سيكلفنا مبلغ 54.000 دولار ونحن لا نملك هذا المبلغ ، فوقع الإختيار على العرض الثاني وسوف يكلفنا مبلغ 15.000 دولار



    لكي لا أطيل عليكم .. فقد اتفقنا مع هذه الشبكة على العرض الثاني وكان موعدنا معهم هو بعد أسبوع من الإتفاق



    وهنا تنتهي مرحلة إقامتنا في سوريا لندخل مرحلة جديدة من مراحل السير نحو السويد



    ماذا حصل عندما جاء اليوم الموعود مع الوسيط وكيف سننتقل إلى تركيا .. هذا ما سنعرفه في الحلقة الثالثة

    _____________________________

    الحلقة الثالثة
    الطريق إلى تركيا

    جاء اليوم الموعود وقمنا بلقاء الشخص الوسيط في المكان المحدد وأعطانا بعض الإرشادات و التعليمات وكانت كالتالي :

    1- أن مسار الرحلة قد يستغرق 10 ايام في الطريق وربما أكثر
    2- يجب تنفيذ اوامر قائد الشاحنة دون نقاش


    بينما نحن ننتظر قدوم السيارة اعطينا هذا الوسيط المبلغ المتفق عليه ، وأخدت من هذا الوسيط رقم هاتفه ربما نحتاجه لاحقاً ، وفعلاً جائت السيارة وكانت سيارة صغيرة ( سيدان ) ركبنا السيارة وتوجهنا لمكان تقف فيه شاحنة محملة بالبضائع ، ركبنا صندوق الشاحنة والقينا بأنفسنا بين البضائع فأغلق علينا الباب لنكون في ظلام شبه دامس وتتحرك الشاحنة متجهة نحو تركيا ، سائق الشاحنة تركي ومعه مساعد وهو شاب صغير .


    بعد قرابة الساعة من مكوثنا داخل صندوق الشاحنة شعرنا بإختناق وإرهاق شديد بسبب عدم وجود مكان لدخول الهواء، نريد مخاطبة السائق ولكن لا توجد وسيلة للوصول إليه إذ أن الصندوق كان محكماً ومنفصلاً عن ( قمرة القيادة ) إن صح التعبير ، فأخذنا نضرب على جدران الصندوق لعل السائق يسمعنا ولكن بلا جدوى ، بدأ الخوف يخيم على نفسي وشعرت أنني سأموت بالإختناق ، ولدي الصغير بدأ يبكي ويتصبب عرقاً ويختنق ، يا إلهي سوف نموت .. وبدأت أتذكر أننا لو كنا في العراق ومتنا جراء القصف الأمريكي سنكون شهداء، ولكن لو متنا هنا ماذا سنكون ؟ سيرمينا السائق من الصندوق على قارعة الطريق لعل أحد ما يأتي لدفننا !


    أنا تعبت وبدأت أذكر الله تعالى وزوجي أخد يضرب سقف الصندوق بعنف لعل احد يسمعنا ، ثم توجه لباب الصندوق وأخد يضربه في محاولة لكسره ، وفعلاً فقد تعرض الباب لشئ من الخراب جراء الضرب العنيف


    وفجأة توقفت الشاحنة فاستبشرنا خيراً .. ولكن لم يأتينا أحد .. فواصلنا الضرب على جدران الصندوق حتى أتى مساعد السائق وفتح لنا الباب وأخد يتكلم باللغة التركية ولم نفهم عليه ، فاستدعى السائق الذي كان يجيد اللغة العربية فقال لنا ماذا حصل ؟ فأخبرناه بالإختناق فنظر إلى الباب ورأى الأضرار فيه وأخد يسب ويشتم فقال له زوجي أنه حاضر لتصليح الباب فوافق السائق وهدأ وجعل الباب مفتوح قليلاً حتى يدخل لنا الهواء .


    فواصلت الشاحنة مسيرها نحو تركيا وبعد قرابة الثلاث ساعات توقفت الشاحنة ، وأتى لنا السائق وقال أننا على مقربة من الحدود التركية وأنه لن يتحرك حتى تأتيه الإشارة من الموظف الذي يتعامل معه في الجمارك ، وبعد نصف ساعة جاء السائق وطلب منا التزام الصمت و الهدوء عند توقف الشاحنة عند الحدود ، وفعلاً وصلنا الحدود فتوقفت الشاحنة .


    وبعد توقفها قرابة الـ 10 دقائق جاء شخص من الجمارك وفتح باب الصندوق ووجدنا بداخله ، وأخذ يتكلم مع السائق بكلام لم نفهمه ، ثم ابتعد موظف الجمارك وتركنا مع السائق ، فقال لنا السائق أن هذا الموظف جديد وانه اكتشفنا وعليه الآن أن يدفع له رشوة قدرها 300 دولار وعلينا دفع هذا المبلغ .


    فقلنا له وماذا عن الـ 15.000 دولار التي دفعناها لكم ؟


    فقال السائق أن هذا ظرف طارئ وأنه غير مكلف بمثل هذه الظروف وعلينا الآن إما أن ندفع الـ 300 دولار أو ننزل من الشاحنة لكي يذهب ويتركنا للمجهول عند الحدود .


    قررنا أن ندفع له 300 دولار ونحن نعلم أن هذه خدعة منه ليسرق أموالنا ولكن لا حول لنا ولا قوة فدفعنا له .


    بعد أن دفعنا المبلغ واصلنا المسير داخل الأراضي التركية ونحن في صندوق هذه الشاحنة تحت ضغط نفسي يزداد شيئاً فشيئا، ولكن لا أخفيكم أنني شعرت بشيء من الراحة عندما دخلنا تركيا حيث انني شعرت أننا نسير في الطريق الصحيح وكلها أيام إن شاء الله ونصل للسويد وننسى كل هذا التعب .


    بعد السير قرابة الساعتين داخل الأراضي التركية توقفت الشاحنة في استراحة وطلب منا السائق النزول للعشاء وقضاء ما نريد من حاجات ولنا استراحة لمدة ساعة ،


    أدينا الصلاة ثم تناولنا العشاء وأخذنا قسطاً من الراحة ، فجاء السائق وأخبرنا أننا على مقربة من اسطنبول وأننا سنصل لها خلال ساعتين إن شاء الله ، ركبنا الشاحنة لمواصلة المسير حتى توقفت داخل مدينة، فجاء لنا السائق وقال أننا الآن في اسطنبول وسوف نقوم بتغيير الشاحنة إلى شاحنة أخرى مع سائق آخر حتى ندخل بها إلى بلغاريا وستكمل الطريق نحو السويد ، شعرنا بشئ من الخوف و القلق خصوصاً أننا تعودنا على هذا السائق وانه يجيد اللغة العربية ، ولكن تذكرنا تعليمات الوسيط في سوريا الذي قال لنا يجب تنفيذ أوامر السائق بلا نقاش .


    طلب منا السائق النزول من الشاحنة فنزلنا على رصيف وكان وسط السوق في اسطنبول بمنطقة تسمى Alemdag ثم قام بإنزال أمتعتنا من الشاحنة فأصبحنا على الرصيف نحن و أمتعتنا والكل ينظر إلينا ، فقال السائق انتظروا هنا ربع ساعة فسوف تأتي لكم شاحنة تأخذكم إلى بلغاريا ، أصبحنا في حالة صمت وأخذنا أنا وزوجي كل واحد ينظر للآخر بعين الحيرة .. فقلنا للسائق طيب سوف ننتظر وأنت ؟ قال أنا سأذهب الآن ! قلنا له وكيف سيعرفنا السائق الجديد ؟ قال سيعرفكم وأعطيته العنوان ولديه معلومات عنكم .. فقلنا أمرنا لله ،


    ذهب السائق بشاحنته ونحن بقينا على الرصيف و التعب و الإرهاق الشديد لم نشهد مثيل له في حياتنا بدون مبالغة .. تمنيت لو أن الشارع لا يوجد فيه احد حتى أنام قليلاً على هذا الرصيف !!!


    ساعة كاملة ولم يأتي إلينا أحد .. قلت لزوجي هؤلاء نصابين وحرامية ولن يأتي إلينا احد ، أرجوك شوف إلنا مكان ننام فيه راح أموت .. زوجي رغم قوته وصلابته لاحظت أن عينه بدأت تدمع فتركته في حاله حتى لا أزيده هماً فوق همومه . إنا لله وإنا إليه راجعون .


    اكتملت ثلاث ساعات وبدأت المحلات بالإغلاق حيث أننا شارفنا على منتصف الليل بدأ زوجي يخاطب الناس يستنجد بهم للمساعدة ولكن كل واحد يعتذر، حتى أكرمنا الله تعالى برجل كريم شهم أصيل أنقذنا مما نحن فيه ، وكان يجيد اللغة العربية بطلاقة وعندما طرحنا عليه مشكلتنا قال وبلا تردد تعالوا عندي في البيت وهناك نتفاهم ، ذهبنا لبيته القريب من السوق وأجلسنا في غرفة وقدم لنا الماء و الفواكه وأحسن ضيافتنا ، وطلب من ابنه الذهاب للمكان الذي كنا واقفين فيه وينتظر لعل الشاحنة تأتي للبحث عنا ولا تجدنا ، وفعلاً ذهب ابنه ووقف ينتظر .


    في هذه الأثناء لاحظت أن ابني ارتفعت حرارته فطلبنا من صاحب المنزل أن يدلنا على مستشفى قريب لعلاج الابن ، فاتصل على طبيب واتى للمنزل خلال دقائق وكشف على الولد وأعطاه العلاج اللازم .


    قررنا أن يعود ابن صاحب المنزل إذ فقدنا الأمل في مجيء الشاحنة، فطلب منا صاحب المنزل النوم وأنه سوف يدرس موضوعنا غداَ إن شاء الله ويساعدنا بما يستطيع .


    نمنا ولله الحمد حتى أصبحنا صباح اليوم التالي



    فماذا حصل بعد أن أصبحنا ... هذا ما سنعرفه في الحلقة الرابعة

    ___________________________________

    الحلقة الرابعة

    يوم الخيارات الصعبة
    البقاء في تركيا .. أم العودة للعراق .. أم البحث عن شبكة تهريب جديدة .. أم ماذا ؟



    في صباح هذا اليوم .. قدم لنا السيد زكريا طعام الإفطار ثم طلب الجلوس معنا ومعرفة قصتنا بشكل كامل ، طرحنا عليه قصتنا فقال لنا أن شبكات التهريب هذه كلها شبكات نصب واحتيال يستغلون حاجة الناس فيسرقون المال منهم وأننا تعرضنا لعملية نصب تعرض لها الكثير غيرنا والحمد لله أن هذا السائق قام بإلقائنا داخل المدينة فبعض الناس يتم رميهم وسط الصحراء أو وسط غابة من غابات أوروبا أو بين الجبال.


    حمدنا الله تعالى على أننا الآن بخير ، وفي هذه الأثناء تذكرت أنني أخذت رقم الوسيط في سوريا و الذي عرفنا على شبكة التهريب هذه فأخرجت الرقم وأخبرت به السيد زكريا ، فأخذ مني الرقم وقال انه سيتصل عليه بنفسه ، فاتصل عليه فوراً من هاتفه وابلغه بما حصل معنا ، فقال أنا مجرد وسيط ومالي شغل بالي صار لهم ولكن سأتصل عليهم وابلغهم بالأمر ، فالرجاء إعطائي فرصة ساعة حتى اكلمهم .

    وبعد ساعة عاودنا الاتصال على الوسيط ولكنه لا يجب ، كررنا المحاولة بعد ساعتين ولا يجيب.


    دخل الظهر ، أدينا الصلاة بعدها تناولنا الغذاء بضيافة السيد زكريا جزاه الله خير الجزاء ، وبعد استراحة قصيرة أتى السيد زكريا وجلس معنا وقال لنا يجب أن نتباحث للوصول لحل مناسب لكم ، تناقشنا فطرح علينا السيد زكريا فكرة أن نعود للعراق وأنه يعرف شخص أمين بإمكانه تهريبنا لشمال العراق وهناك نحن ندبر أمرنا.


    لم تعجبنا هذه الفكرة وخصوصاً أن وضع العراق هو السبب في ما حصل لنا الآن فكيف نعود له ؟ كيف نعود للموت و الجوع ؟ ونحن الآن في منتصف الطريق للوصول إلى السويد .


    ثم طرح علينا فكرة ثانية وهي أن نبقى في تركيا وأنه سوف يساعدنا على ذلك وأنه سوف يعرض حالتنا على جهات خيرية لمساعدتنا .


    ايظاً لم تعجبنا هذه الفكرة فنحن ليس هدفنا أن نكون عالة على أحد أو أن نمد يدنا إلى أحد بل نحن نبحث عن الوطن الذي يحترم الإنسان كإنسان و تتم المساواة فيه بين كافة شرائح المجتمع ولا يوجد فقير واحد في تلك الدولة ( السويد ) ذات النظام الاجتماعي المتطور القائم على خدمة الناس .


    خيمت حالة من الصمت وأصبح كل واحد منا يفكر لوحده في سبيل الخلاص، ثم قام السيد زكريا وقال أنا أترككم لوحدكم وأنتم أحرار في قراركم وأنا سأساعدكم في أي قرار تتخذوه ، شكرناه على ذلك ثم تركنا لوحدنا .


    في هذه اللحظة شعرنا بهم ثقيل كبير وعظيم لن ننساه طوال حياتنا ، فأصبحنا الآن أمام الأمر الواقع ويجب علينا اتخاذ القرار سريعا لأننا لسنا في بيتنا ويجب أن لا نكون عالة على هذا الإنسان الأصيل الي شالنا من الشارع .


    وبعد نقاش اتخذنا القرار الصعب وربما القرار المجنون وهو اللجوء لشبكة تهريب جديدة فلا مفر من الوصول إلى السويد ، استدعينا السيد زكريا وقلنا له نحن نريد الوصول للسويد ونحن مصرين على ذلك ، وقررنا البحث عن شبكة تهريب جديدة ، فضحك السيد زكريا وقال السويد هي جنة الدنيا ولا ألومكم في هذا القرار والكل يريد الوصول إلى السويد ، ولكن دعوني أحاول مساعدتكم وانتظروني ليوم غد إن شاء الله .


    جاء اليوم التالي فسألنا السيد زكريا عن ماذا بإمكانه أن يقدمه لنا من مساعدة بخصوص شبكات التهريب للسويد ، فقال أنه سيطلب من أصدقائه البحث عن شخص مضمون وأمين يهربنا إلى السويد ، فانتهى اليوم ولا شي جديد حتى اليوم التالي .


    في صباح اليوم الرابع من بقائنا في بيت السيد زكريا أتى لنا السيد زكريا وأخبرنا ببشارة
    أننا سنسافر للسويد معززين مكرمين وبدون مهرب !!!


    أنا وزوجي خرجت منا كلمة ( شلون؟؟ ) دفعة واحدة بلا شعور.


    فقال لنا السيد زكريا أنه حصل على شخص أمين يوصلنا للسويد عن طريق الطائرة !، وأن هذا الشخص يريد مساعدتنا لوجه الله تعالى فقط ولا يريد أرباح ، فقط يريدنا شراء تذاكر الطيران ودفع قيمة طباعة ( فيزا مزورة ) .


    فقال لنا هل معكم جوازات سفر ؟ قلنا له نعم


    قال لنا هل معكم قيمة تذاكر الطيران ؟ قلنا له معنا 3000 دولار ولا ندري هل تكفي ام لا ؟ فقال إن لم تكفي سأكمل لكم الباقي .





    فماذا حصل بعد ذلك ... سنعرف في الحلقة الخامسة

    ___________________________

    الحلقة الخامسة
    يـوم الـفـرح الـكبـيـر


    فرحة لا توصف ولشدة فرحنا لم نصدق بشارة السيد زكريا.


    إذ أننا ( كعراقيين ) نسافر بالطائرة للسويد على غرار الطرق النظامية فهذا ضرب من الخيال !!!


    إذ أن السفارات الأوروبية لا تمنح تأشيرات دخول للكثير من الجنسيات العربية وخصوصاً العراقيين و الفلسطينيين.


    عندها أيقنت أن لجوئنا لله تعالى وقت الشدة ونحن كالبضاعة في صندوق الشاحنة ومشتتين في الشوارع قد أتى ثماره الآن وأن الله استجاب لنا .


    فكرة هذه الحيلة كالتالي :

    من المعروف أن أي انسان بإمكانه حجز تذكرة طيران و الذهاب للمطار بكل سهولة، ولكن العائق الوحيد أنه عند باب الطائرة لا يسمح لك بدخول هذه الطائرة إلا عندما يتأكدون من وجود ( الفيزا ) على جواز السفر .


    الأمر الإيجابي هنا أن موظف المطار لا دخل له في كون هذه الفيزا صحيحة أم مزورة، فهو مسؤول فقط عن النظر إلى جواز السفر ورؤية هل فيه فيزا مطبوعة أم لا .


    هذه الثغرة كانت خلاصنا . ( مع العلم أن الإتحاد الأوروبي يعلم عن هذه الثغرة و إلى الآن عاجز عن سدها لأسباب سياسية وكذلك بسبب ضغوط المفوضية العليا لشؤون الاجئين )


    فالسيد زكريا توصل لأحد الهواة الماهرين في طبع فيزا سويدية بنفس التصميم الحقيقي .


    تم بحمد الله الإتفاق على طبع الفيزا وكان المبلغ المطلوب 500 دولار للجواز الواحد، وكان معنا جوازين فكانت التكلفة 1000 دولار .


    استلمنا الجوازات وبقي الآن حجز التذاكر للسفر إلى السويد، والشخص الذي طبع لنا التأشيرات نصحنا بعدم السفر إلا على الخطوط التركية، فذهبنا لأحد مكاتب السياحة وطلبنا الحجز على الخطوط التركية بناءً على النصيحة .


    وجدنا حجز بعد يومين من اسطنبول إلى ستوكهولم عاصمة السويد .. الغريب أنهم رفضوا حجز ذهاب فقط وطلبوا أن يكون ذهاب وعودة ، فحجزنا ذهاب وعودة وكان بمبلغ 650 دولار .. وموعد السفر الساعة 6 مساءً بعد يومين.


    جاء اليوم الموعود بالسفر فودعنا السيد زكريا وعائلته بحرارة وبكاء وشكرناه على هذا الجميل وأننا لن ننساه له أبد الآبدين، ودعونا الله تعالى أن يبارك له في بيته وماله وعياله .


    وصلنا إلى مطار اسطنبول الدولي بحمد الله تعالى؛



    ماذا بعد وصولنا المطار .. هذا ما سنعرفه في الحلقة السادسة

    ______________________________

    الحلقة السادسة
    يـوم الـنـكـبـة
    لحظات حرجة في مطار اسطنبول الدولي

    هل كان غباء .. أم نسيان .. أم غفلة .. الله أعلم


    بعد وصولنا للمطار وقفنا في الطابور ننتظر دورنا لإنهاء إجراءات المغادرة وبعد أن جاء دورنا وأخد الموظف الجوازات قام بإدخال معلومات إلى الكمبيوتر ثم أخد يقلب في الجواز ويقلب ويقلب يمينا وشمالاً .. ويفتح الصفحات،

    فدار بيننا الحوار التالي باللغة الإنجليزية :


    الموظف : أنتم جايين هنا ترانزيت ؟

    زوجي : لا، أنا كنت هنا في تركيا ورايح السويد

    الموظف : كيف دخلت تركيا ومن أين ؟

    آآآآه يا زمن قاسي، أدركنا في هذه اللحظة الخطأ الذي غفلنا عنه ؟ فنحن دخلنا تركيا تهريب وخالفنا وانتهكنا نظام وقانون البلد وجئنا لنسلم أنفسنا للعدالة.

    زوجي : دخلنا من سوريا

    الموظف : طيب تعالوا معي


    فقام الموظف من مكانه .. وبينما الموظف يقوم من مكانه حتى اتى شاب خليجي يبدو انه كان واقف خلفنا وسمع ما دار بيننا وبين هذا الموظف

    فاقترب من زوجي وقال له بصوت خافت انت دخلت تهريب صح ؟ قال له زوجي الله أعلم بالحال

    فقال الشاب الخليجي : حط في جيب الموظف فلوس وانت ساكت وراح ينتهي موضوعك بسلام


    فذهبنا خلف الموظف حتى وصلنا لمكتب صغير وطلب منا الانتظار فيه، ولكن زوجي اوقفه ودار بينهم الحوار التالي:


    زوجي : ما المشكلة ؟

    الموظف : أنت دخلت البلاد بطريقة غير شرعية وهذا يعاقب عليه القانون

    زوجي : والله العظيم نحن في حرب وحالة سيئة وهذا انا سأغادر بطريقة شرعية وأنت تعلم عن حالنا في العراق وأنا أناشدك أن تقدم لنا خدمة انسانية ونحن هربنا من الموت فساعدنا .


    ثم قام زوجي وأخرج كل أموالنا المتبقية وأودعها في جيب هذا الموظف كما نصحه ذلك الشاب


    فسكت الموظف قليلاً وقال انتظر هنا ، فخرج واغلق علينا باب المكتب وبقينا فيه


    وبعد قرابة ربع ساعة اتى وطلب منا الخروج و الذهاب معه


    ذهبنا معه حتى وصلنا لمكتب آخر وكان فيه أحد رجال الأمن يبدو انه مسؤول في المطار ، فوجدنا جوازات سفرنا و المبلغ الذي اعطيناه للموظف على مكتب هذا المسؤول !!


    هنا شعرنا بصاعقة كبيرة وشعرنا ان هذا الموظف قد اشتكى علينا عند هذا المسؤول وبهذه الطريقة تصبح جريمتنا جريمتين .

    طُلب منا الجلوس والموظف خرج وبقينا لوحدنا مع هذا المسؤول في المكتب حتى دار بيننا الحوار التالي :


    المسؤول : كيف دخلتم لتركيا

    زوجي : نحن لاجئين هربنا من الموت عن طريق سوريا ونحن قاصدين السويد

    المسؤول : هل الفيزا السويدية التي في الجواز صحيحة ام مزورة ؟

    زوجي : هذا شأن السلطات السويدية


    فسكت المسؤول طويلاً وهو ينظر في وجوهنا ...


    ثم اتصل عليه احد ما وكلمه باللغة التركية و لم نفهم ماذا قال


    ثم انهى مكالمته الهاتفية ، وأخد الأموال ووضعها في جيبه ، ثم اخد الجوازات وقام من مكانه واقترب من زوجي وقلوبنا تخفق بقوة


    وقف امام زوجي وجهاً لوجه في لحظات صمت .. فأعطاه الجوازات وقال له : .. اذهب إلى السويد، مع السلامة !


    الله أكبر، الحمد لله الذي أخرجنا من هذا المأزق


    ذهبنا مسرعين غير مصدقين نحو اجراءات إنهاء المغادرة ، وذهبنا عند نفس الموظف وقلنا له : انت اشتكيت علينا ولكن الله انجانا منك ومن شرك


    ولكن الموظف ابتسم وقال بصوت خافت انا لم اشتكي عليكم إنما هذا المشرف المناوب وأنا ذهبت له لنتأكد من انكم لستم مدسوسين من جمعية مكافحة الفساد الإداري.


    زوجي من باب الفضول سأله وكيف عرفتم أننا لسنا من جمعية مكافحة الفساد الإداري ؟


    الموظف تغيرت ملامحه ويبدو انه شعر أننا فعلاً من جمعية مكافحة الفساد الإداري فسكت قليلاً ثم قال : أساساً نحن لدينا اجراءات لمساعدة وتسهيل عبور النازحين من الحرب ونحن تعاملنا معكم على أنكم نازحين ولاجئين ونحن سهلنا سفركم لأسباب انسانية .


    في هذه اللحظات قلت لزوجي اسكت لا تطلع لنا مشكلة جديدة


    فأعاد لنا الجوازات وذهبنا لصالة المغادرة ننتظر موعد الإقلاع


    وتم بحمد الله تعالى وتوفيقه إقلاعنا من مطار اسطنبول في تمام الساعة السادسة مساءً متوجهين إلى ستوكهولم العاصمة السويدية



    الوصول إلى السويد


    بحمد الله تعالى وعند قرابة الساعة التاسعة و النصف الطائرة تهبط في مطار ستوكهولم الدولي والواقع في ضاحية Arlanda، هبطنا هنا حيث لا جوع ولا خوف ولا اضطهاد ولا ظلم ولا سجون ولا حروب ولا فقر ولا أمية ....... إلخ .


    هبطنا هنا حيث الإنسان يعيش كما يجب له أن يعيش،


    دخلنا صالة المطار وإذا بالأجواء الباردة اللطيفة تستقبلنا، رجال وسيدات الأمن يرحبون بالقادمين بإبتسامة نابعة من القلب وليست مجاملة ، جموع الناس ذهبت إلى مكان إجراءات دخول البلاد ، ونحن طلبنا من أحد رجال الأمن تسليمنا لدائرة الهجرة.


    وبإبتسامة تشق وجهه رحب بنا وطلب منا اصطحابه إلى مكتب دائرة الهجرة في المطار .. فوصلنا المكتب


    المكتب كان جميل ويشرح الصدر، تم إدخالنا في غرفة صغيرة بجوار المكتب وفيها خدمات أساسية من دورة مياه وماء للشرب وطلبوا منا الإنتظار هنا حتى يقومون بإستدعاء ضابط الهجرة لأنه ذهب في مهمة عمل داخل المطار .


    وبعد 20 دقيقة تقريباً أتى ضابط الهجرة ووجهه مملتئ بالبشاشة والإبتسامة وسلم علينا بكل تودد وعرف بإسمه ثم أخد يداعب ولدي، فقال لنا : هل تسمحون لي بإصطحابكم إلى مكتبي ! ( انظر الأدب والأخلاق ) .


    فخرجنا من الغرفة وجلسنا معه في مكتبه، وقال لنا هل ترغبون بالحديث معي باللغة الإنجليزية أم أستدعي لكم مترجم لتتحدثون بالعربية ؟ فقلنا له سنتحدث باللغة الإنجليزية


    ثم قال لنا هل أنتم متعبون الآن وتريدون الراحة وأتحدث معكم غداً أم تريدون الآن ؟ قلنا له نريد الآن


    فدار بيننا وبينه الحوار التالي :


    ضابط الهجرة : القانون ينص بأن لكم الحق بتعيين محامي وأن دائرة الهجرة تدفع تكاليفه، فهل ترغبون بتعيين محامي ؟

    نحن : لا

    ضابط الهجرة : هل جواز السفر هذا أصلي ؟

    نحن : نعم أصلي

    ضابط الهجرة : هل الفيزا أصلية ؟

    نحن : لا، ليست أصلية

    ضابط الهجرة : وما سبب قدومكم إلى السويد ؟

    نحن : لطلب اللجوء

    ضابط الهجرة : هل مررتم على دولة أوروبية قبل وصولكم إلى هنا ؟

    نحن : لا

    ضابط الهجرة : لو ثبت لدينا أنكم دخلتم دولة أوروبية قبل السويد فهل ستتعاونون معنا لترحيلكم لتلك الدولة ؟

    نحن : نعم سنتعاون

    ضابط الهجرة : لو تحسنت الظروف الأمنية و تحسنت حقوق الإنسان في بلدكم قبل حصولكم على الجنسية أو الإقامة الدائمة فإن القانون ينص على إعادتكم لبلدكم، فهل ستتعاونون معنا بالعودة لبلدكم في حال صدور قرار بإعادتكم ؟

    نحن : نعم، سنتعاون معكم


    فقال لنا أهلاً وسهلاً .. وطلب منا اصطحابه إلى مكتب آخر خاص بإنهاء إجراءات طلب اللجوء


    وتم في هذا المكتب تصويرنا وأخد البصمات والتوقيع على طلب اللجوء،


    وبعد أن انتهينا من الإجراءات جاء موظف آخر وهو مسؤول خدمة المهاجرين، وقال سنخرج الآن من المطار لإيصالكم للسكن المؤقت وهو يقع في قرية قريبة من المطار واسمها ( ماشتا Marsta ).


    وفعلاً خرجنا من المطار وإذا بسيارة مجهزة تنتظرنا وتفاجئنا بوجود أمتعتنا فيها ( جزاكم الله خير يا سويديين )


    كل إجرائاتنا في المطار مع دائرة الهجرة لم تأخد أكثر من ساعة ونصف حتى أصبحنا موجودين على أرض السويد بشكل شرعي ومساوين للمواطنين !


    سارت بنا السيارة من المطار ونحن نمشي في أجواء من الطبيعة الخلابة و الجمال الرباني الذي وهبه الله لهذه الأرض فوصلنا لمكان السكن المؤقت، وهو يشبه الفندق تقريباً حيث سنقيم فيه مدة يومين فقط حتى يتمكنوا من تجهيز شقة خاصة لنا للننتقل لها.


    دخلنا السكن المؤقت وفيه كافة الخدمات من دورات مياه وطعام ( بوفيه مفتوح ) للوجبات الثلاث.

    أقمنا في السكن المؤقت مدة يومين التقينا خلالها بأفواج من المهاجرين من مختلف الجنسيات، وكان أبرزهم العراقيين و الفلسطينيين والمغاربة، وتفاجئنا بعائلة من إحدى دول الخليج!، وعند السؤال منهم قالوا بأن حكومتهم قد طردتهم من البلاد وجردتهم من الجنسية وأنهم جاؤوا هنا للجوء السياسي !


    وعند كل وجبة طعام نجتمع في إحدى الساحات القريبة من السكن المؤقت وكل واحد يحكي المآسي و الصعاب التي مر بها قبل الوصول إلى السويد، فمنهم من قضى أشهراً يسير من دولة إلى دولة ومنهم من فقد أحد أبنائه أو رفيق دربه في قارعة الطريق جراء متاعب السفر بسبب عدم قدرة الكثير و الأطفال على تحمل هذه الصعاب


    عشنا يومين كاملين في هذا السكن المؤقت حتى تم إستدعائنا من قبل إدارة هذا السكن ، وأخبرونا بأنهم قد جهزوا لنا شقة في مدينة (يوميو Umea) ويجب علينا السفر إليها هذا اليوم


    وأعطونا تذاكر السفر عبر القطار وكذلك مبلغ 1700 كرونة سويدية كمساعدة عاجلة ، ومدينة يوميو تقع في وسط السويد بإتجاه الشمال وعلى بحر البلطيق

    بحمد الله تعالى وصلنا لمدينة (يوميو Umea ) وعند النزول من القطار وجدنا موظف تابع لدائرة الهجرة بإنتظارنا فرحب بنا بكل حرارة !


    واصطحبنا معه إلى الشقة .. وكانت مفروشة و تحتوي على 3 غرف ومطبخ وحمام


    وقال لنا غداً صباحاً تعالوا إلى مكتب دائرة الهجرة للتسجيل وتأكيد بعض البيانات


    في صباح اليوم التالي ذهبنا إلى دائرة الهجرة .. فرحبت بنا موظفة الهجرة وأدخلتنا إلى مكتبها وقالت لنا أنها ستكون المسؤولة عنا وأننا يجب أن نرجع لها في أي شيء نريده أو أي شيئ يحصل لنا


    وأعطت لكل واحد منا ورقة وقلم، وقالت سوف اقرأ عليكم الآن معلومات عن وضعكم المعيشي و القانوني الحالي و المستقبلي على شكل نقاط وأي سؤال يتبادر إلى ذهنكم سجلوه في الورقة لمناقشته لاحقاً


    ثم قرأت علينا النقاط التالية ( سأذكر لكم أهم النقاط ) :

    * المهاجر عندما يصل إلى السويد فإنه يمر بـ 3 مراحل أساسية تمثل وضعه القانوني في البلاد وهذه المراحل هي :

    1- مرحلة اللجوء : المهاجر فور دخوله البلاد فإنه يُعتبر لاجئ سواءً إنساني أو سياسي، وأنتم الآن في هذه المرحلة إذ تُعتبرون لاجئين .

    2- مرحلة الإقامة : بعد دراسة وضع الاجئ والتأكد من أنه فعلاً يستحق البقاء في البلاد يتم منحه الإقامة الدائمة، وفي حال عدم الإقتناع بقضية الاجئ بشكل كامل يتم منحه إقامة مؤقتة ( ودراسة موضوع الاجئ تستغرق من 3 إلى 9 أشهر ).

    3- مرحلة الجنسية : كل من يحمل الإقامة الدائمة وقد مر على وجوده في السويد 5 سنوات يمنح الجنسية السويدية فوراً ، ( مع العلم أن المدة تُحسب لك منذ دخول البلاد ).


    * كل لاجئ سياسي في حال شعوره بتعرض حياته للخطر من قبل سلطات بلاده يحق له أن يطلب الحماية .


    * تم تخصيص مصروف شهري لكل واحد منكم 2000 كرونة سويدية ولأبنكم 800 كرونة سويدية، و يكون مجموع ما خُصص لكم 4800 كرونة .


    * بعد حصولكم على الإقامة يكون المصروف الشهري لكل واحد منكم 8000 كرونة سويدية .


    * المقيم يتمتع بكافة حقوق المواطن بشكل مطلق .


    * يحق للمقيم الحصول على مساعدة زواج و كذلك تمويل بلا فوائد لما يحتاج له كالسيارة أو مشروع تجاري .


    * المقيم يحصل على منزل مجاني فور حصوله على الإقامة بدلاً من الشقة .


    * العلاج و التعليم بكافة مراحله مجاناً للجميع ( لاجئ ، مقيم ، مواطن )، اما العلاج فخاضع لشروط واحكام معينه .


    * تم تخصيص صندوق بريد إليكم، وفي حال أردناكم فسوف نبعث رسالة لصندوق البريد وفيها الموعد الذي نطلبكم فيه وعليكم الإلتزام بالحضور .


    * الشقة التي تم تجهيزها إليكم مفروشة بالكامل و تحتوي على كافة الخدمات و الأجهزة، وفي حال وجود اي نقص أو خلل في أي شيئ بالشقة يجب عليكم إخطارنا بذلك .


    * أنتم الآن مرفوعة عنكم كافة الضرائب، ولكنها ستفرض عليكم بعد الحصول على الإقامة.


    * بإمكانكم طلب الحصول على فرصة عمل أو البقاء على المساعدة الحكومية ( مع العلم أن الحد الأدنى للرواتب في السويد 21.000 كرونة سويدية، وفي حال كان الراتب أقل فإن الدولة تدفع المتبقي حتى تكمل لك الـ 21.000 ).


    ثم خرجنا من دائرة الهجرة وذهبنا للشقة، وبعدها خرجنا للتعرف على معالم المدينة الهادئة


    وتلك كانت السويد .. لا ترى فيها غير البحيرات من الماء العذب .. والمسطحات الخضراء .. والغابات .. والهدوء و السكينة .. والأمن و الأمان .. والجو النظيف الخالي من التلوث .. والشعب الطيب الإنساني لدرجة لا توصف .. السويد حكومة وشعباً لا يتدخلون في شؤون الآخرين ويؤمنون بحرية الآخرين فيما يفعلون، وأن التدخل في شؤون الآخرين يعتبر عمل غير أخلاقي، لذلك السويد تعتبر من دول عدم الإنحياز

    ابو النون

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    ابو النون
    اين الردود اصدقاء

    ابو النون

  3. #3
    صديق جديد
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 1 المواضيع: 0
    التقييم: 1
    آخر نشاط: 19/February/2013
    السلام عليكم ابو النون , اشكرك على هذه القصة المؤثرة فعلا, ولو ان ردي جاء بعد كتابة هذا الموضوع بسنة, لكنة كان كافيا لان يجعلني اقوم بالتسجيل بهذا المنتدى لكي اقدم لكي الشكر على هذا الطرح الجميل

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال