واشنطن تطيل حرب "داعش" لبيع أكبر قدر من الأسلحة
من خلال الحكم على سياسة البيت الأبيض في محاربة "داعش"، يمكن الاستنتاج بأن المسؤولين في الولايات المتحدة يعتقدون ان الشرق الأوسط قد أصيب بفقدان الذاكرة الجماعي. ولو عدنا الى الحرب العالمية الثانية لوجدنا ان أحد أكبر الجيوش في العالم – جيش المانيا النازية – قد اندحر على يد الولايات المتحدة وحلفائها خلال بضع سنواتوكان هناك تحالف من دول مهمة تساعد الولايات المتحدة لا يمكن مقارنتها بالتحالف الدولي ضد "داعش" المتكون من 60 دولة ضد مجموعة "داعش" التي يفتخر المسؤولون الأميركيون بالحديث عنها، حيث اندحرت دول المحور – بملايين الجنود والتجهيزات الضخمة والقوة الجوية الهائلة – في مدة قصيرة نسبيا من الزمن.أما اليوم فان تنظيم داعش – بآلاف المقاتلين والترسانة القاصرة – ما يزال يربك الدول الغربية التي يدّعي مسؤولوها بأنهم يواجهون تهديدا للاستقرار العالمي.فانعدام الجدّية واضح عندما يتحدث مسؤولون من الولايات المتحدة –التي تقود تحالفا ضد داعش– عن إتباع سياسات لتدريب الثوار السوريين بأعداد صغيرة جدا، على مدى فترة قد تمتد لسنوات عديدة.ويبدو ان البيت الأبيض يلعب بالوقت ويعمل على أمل إطالة محاربة تنظيم داعش الارهابي. ويبدو أيضا أن الأولوية الأخرى للإدارة الأميركية هي الاستفادة من هذه القضية لأكبر قدر ممكن من حيث الإنفاق على الدفاع، بدلا من العمل بجهد كبير لإنتاج ستراتيجية سياسية فاعلة في العراق وسوريا. ووصلت المبالغ التي أنفقتها الولايات المتحدة على القتال منذ أحداث الحادي عشر من أيلول الى 1.5 تريليون دولار، لكن من حيث تقييم فاعلية الجهود الكلية فان الرقم يبدو قريبا من الصفر.من جانب آخر، اكتشف الرئيس باراك أوباما ان سياسته الخارجية فيها الكثير من الثغرات، وربما وصلت الى الدرك الأسفل في شهر نيسان حين وصفه النقّاد بأنه "ضعيف وغير حاسم" بعد اجتياح روسيا لشبه جزيرة القرم، حيث استجاب لها بخنوع في وقت كان أفضل ما يفعله أي رئيس جيد هو الضرب العسكري. وما زال ممتنعا عن الضرب لكن يبدو أنه أعاد اكتشاف موقفه كرئيس، ففي الشهر الماضي عقد اتفاقيات مناخ وأخرى عسكرية واستثمارية مع الرئيس الصيني؛ وفي الشهر الحالي اقترح إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع كوبا، كما انه مستمر في التفاوض من أجل التوصل الى صفقة نووية مع إيران؛ وإنه يشكّل ببطء تحالفا عالميا لدحر داعش.أما في الداخل، فعندما فشل الكونغرس في اتخاذ إجراء حول الهجرة أعلن أوباما عن إجراءات أحادية الجانب.كل هذه الأفعال جعلت أعضاء الكونغرس من الجمهوريين يشمئزون، لكن ما الذي يفعلونه؟ هل يقاضونه؟ في الواقع إنهم حاولوا بالفعل تعزيز انطباع الرأي العام بأن الأفضل للحزب الجمهوري ان يعارض لا ان يحكم، ولكن ما يميّز خطوات أوباما الأخيرة هي أنها حذرة ومتعمدة. وفي تعامله مع الأزمات الخارجية، يجسّد أوباما ما أسماه السيناتور جون ماكين "السياسة الخارجية العاجزة حيث لا أحد يؤمن بقوة أميركا".وبعض هذا الانتقاد فيه شيء من الصحة خاصة في ما يتعلق بالعراق وسوريا، حيث ان حذر أوباما وعدم انخراطه المبكّر زادا من سوء الموقف، ولكن على نطاق أوسع، فربما كانت حجة أوباما خلال العقد الماضي التي تنص ان الولايات المتحدة بحاجة الى كسر سياسات التدخّل الانفرادية ما تزال قائمة.
المصدر : اضغط هنا