شهد العالم خلال عام 2014 تطورات سياسية في مناطق كثيرة منه، أدت الى تصاعد التوتر في العالم على مختلف المستويات، كما شهد انتشاراً لفايروس ايبولا في القارة الإفريقية وظهور تنظيم داعش كقوة ارهابية كبيرة في الشرق الأوسط، لتمثل صورة واضحة عن المشهد الذي حصل في عام 2014، لكن في المجمل فإن أبرز احداث العام لخصت في 10 أحداث رئيسة.
1. داعش يعلن خلافته الإسلامية
عندما غادرت آخر القوات الأميركية العراق نهاية 2011 اعتقد الأميركان بأنهم أغلقوا كتاب العراق، إلا ان ظهور تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في 2014 أثبت عكس ذلك. يتصرف داعش – المعروف سابقاً بتنظيم القاعدة في العراق – بوحشية تجاه أعدائه لكن رغم تلك الوحشية، أو ربما بسببها، سيطر داعش على مساحات واسعة من العراق وسورية في 2014 ، ثم وفي التاسع و العشرين من حزيران أعلن التنظيم نفسه خلافةً إسلامية. مع أن داعش يهدد بشكل واضح المواطنين الذين يعيشون في ظل حكمه، فهناك خلاف حول حجم تهديده للولايات المتحدة، من المؤكد إن الأميركيين المقيمين في المنطقة معرضون للخطر، حيث قام داعش يقطع رؤوس ثلاثة أميركيين أواخر الصيف الماضي، ما دفع الرئيس أوباما إلى ان يأمر بشن ضربات جوية على أهداف التنظيم في العراق أولا، ثم في سورية. كما أرسل 3 آلاف مقاتل أميركي للعراق لتقديم المشورة للجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية في كيفية استعادة المناطق التي احتلها داعش.
من جانبها شنت إيران ضرباتها الخاصة بها على داعش بداية الشهر الحالي ما يجعلها والولايات المتحدة حليفين قلقين. تسببت الضربات الجوية بإبطاء تقدّم داعش إلا انه مازال يسيطر على مناطق كبيرة بما فيها الموصل ، ثاني أكبر مدن العراق. ويستمر التنظيم بانتزاع الولاء من مجموعات متطرفة أخرى ومقاتلين أجانب بمن فيهم بعض الأميركيين.
2 انخفاض أسعار النفط
في تموز كان سعر برميل النفط 100 دولار، أما اليوم فإن سعر البرميل 60 دولاراً. يتوقع الخبراء ان ينخفض السعر أكثر إلى 50 دولاراً وان يبقى كذلك لبعض الوقت. لقد انخفضت أسعار النفط جزئياً بسبب زيادة العرض؛ حيث ان التكسر الهيدروليكي تسبّب في زيادة إنتاج النفط الأميركي، كما ان النفط الليبي تراجع، ولا يمكن أن توافق منظمة أوبك على تقليل الإنتاج. الجانب الآخر من المعادلة هو إن انخفاض الطلب مع بطء النمو في الكثير من أجزاء العالم. انخفاض الأسعار يعتبر خبراً جيداً للدول المستهلكة و المستوردة، والأموال التي لا تنفق على شراء النفط يمكن إنفاقها أو استثمارها في أمور أخرى.
لكن هذا الانخفاض يعدّ سيئاً بالنسبة لمنتجي النفط، اذ ان أرباحهم تقل وقد يخسرون الكثير من الأموال. الدول المنتجة للنفط كالنرويج و السعودية – التي توافر لها الكثير من الأموال في المدد الجيدة – ينبغي ان تتمكن من اجتياز مدة انخفاض الأسعار، إلا ان دولاً مثل إيران ونيجيريا و فنزويلا – التي لم يتوافر لديها الكثير من الأموال والتي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط لتمويل برامج الحكومة – يمكن ان تتعرّض للكثير من المتاعب.
3. وباء إيبولا يضرب غرب إفريقيا
لم يلاحظ الكثيرون اندلاع وباء إيبولا و الإعلان عنه رسمياً في ليبريا و غينيا و سيراليون في آذار 2014، ربما لأنه في المرات الأربع والعشرين السابقة لم يكن عدد ضحايا هذا الوباء – الذي اكتشف لأول مرة عام 1976 – يتجاوز الثلاثة مئة. في 2014 توفي أكثر من ستة آلاف شخص حتى الآن بسبب هذا الوباء و قد ظهرت حالات قليلة متفرقة في أوروبا والولايات المتحدة. كان اندلاع الوباء هذا العام مختلفاً لأنه بدأ في مناطق مكتظة بالسكان ولأن الاستجابة الدولية كانت بطيئة و متفاوتة. أحرزت ليبريا تقدماً ضد المرض. هناك مخاطر كبيرة في إعلان قرب القضاء على المرض، حيث يتسابق الباحثون حول العالم في إنتاج لقاح ضده، إلا ان تهيئته ستستغرق وقتاً طويلاً. كما ان التكاليف الاقتصادية للوباء يمكن ان تبقى طويلاً بعد انتهائه.
يقول البنك الدولي إن النمو الاقتصادي ينهار بسرعة في الدول الثلاث التي ابتليت بالمرض وان نقص الغذاء في المنطقة يسبب قلقاً.
4. توقّف المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي
ساد التفاؤل في ت2 2013 عندما توصلت مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة ، المملكة المتحدة ، فرنسا، روسيا، الصين و ألمانيا) إلى اتفاق مؤقت لتجميد برنامج إيران النووي. بعد عام تحوّل التفاؤل إلى تشاؤم بسبب عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل. ربما يكون الرئيس روحاني أكثر اعتدالاً من سابقه لكنه لم يتمكن من جعل العناصر الإيرانية المتشددة تتنازل عن الطموحات النووية. في ك2 2014 وضعت خطة مشتركة لمدة ستة أشهر في محاولة لإبرام عملية تفاوضية كانت تتقطع منذ عام 2002 . كجزء من تلك الخطة بدأت الولايات المتحدة بتجميد أموال إيران. مرت الأشهر الستة من دون أي اتفاق، فتقرر تمديد الخطة لأربعة أشهر أخرى من دون جدوى، فتمددت المدة مرة أخرى إلى الأول من تموز 2015 . نقاط الخلاف الرئيسة في المفاوضات هي ما كمية اليورانيوم المسموح لإيران بتخصيبها و تراجع سرعة تطبيق العقوبات الغربية.
تصر إيران على ان برنامجها لتخصيب اليورانيوم هو للأغراض السلمية، وعدت المطالب الغربية ” مفرطة “. شعرت الولايات المتحدة – التي تصر على ان إيران تسعى للحصول على قدرة تصنيع أسلحة نووية – بخيبة أمل من موقف إيران المتشدد. لن يكون هناك أي اتفاق ما لم يلتق المفاوضون مع اقتراب الموعد النهائي المقبل.
5. اختفاء الطائرة الماليزية/الرحلة 370 MH
يعدّ اختفاء الطائرة الماليزية من الأحداث المأساوية و من أكبر الأسرار الغامضة على مر العصور. كانت الطائرة تقل 239 مسافراً من كوالا لامبور إلى بكين. تلاشت الطائرة أو أنها اختطفت من دون ان يعرف عنها أي شيء. فقدت الطائرة الاتصال بمركز السيطرة فوق بحر الصين الجنوبي حيث تكثر النزاعات الإقليمية. ساهمت ماليزيا ، الصين ، تايلند ، سنغافورة ، إندونيسيا ، فيتنام ، الفلبين ، أستراليا و الولايات المتحدة في جهود البحث عنها. جرى البحث من بحر الصين الجنوبي إلى المحيط الهندي من دون جدوى. شعر العالم بالدهشة لعدم استطاعة التكنولوجيا الحديثة العثور على الطائرة في قاع البحر، وظهرت نداءات تطالب باستخدام تقنيات أفضل لمتابعة مواقع الطائرات في أنحاء العالم. قد لا نعرف أبداً ما حصل للطائرة، إلا ان مصيرها قد يكتشف بمرور الزمن.
6. روسيا تضمّ جزيرة القرم وتهدّد بقية أوكرانيا
ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم في منتصف آذار أثار أفق حرب باردة جديدة . تأججت الأزمة بسبب انهيار حكومة الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، حيث استقال من منصبه في شباط و هرب من البلاد عشية احتجاجات بدأت قبل ثلاثة أشهر من ذلك حول قراره بعدم توقيع صفقة تجارية متوقعة مع الاتحاد الأوروبي. سرعان ما وجدت أوكرانيا – المحصورة بين الشرق و الغرب – نفسها تحت رحمة جارتها روسيا مرة أخرى. في السابع و العشرين من شباط استولى مسلحون موالون لروسيا – ربما بتوجيه من الرئيس فلاديمير بوتين – على عاصمة القرم. في استفتاء مشكوك به صوّت 95% من سكان القرم لصالح إعادة الانضمام لروسيا التي سبق لها ان سيطرت على شبه الجزيرة قبل عام 1954 . لم تتوقف مساعي موسكو عند هذا الحد، ففي مايس أعلن انفصاليون في مناطق دونيتسك و لوهانسك شرقي أوكرانيا الاستقلال، و بعد ستة أشهر أجروا انتخاباتهم الخاصة. في نفس الوقت انتخبت بقية أوكرانيا ” ملك الشوكولاته” الموالي للغرب بيترو بورو شينكو في مايس رئيساً لها و الذي اعترف الغرب فوراً بفوزه.
كان انتقاد الغرب لعدوان موسكو أقرب إلى النباح منه إلى العض، حتى أواخر تموز عندما تم إسقاط طائرة ركاب ماليزية فوق منطقة يمسكها الثوار نتيجة إطلاق النار عليها. ردت الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي بتصعيد العقوبات ضد روسيا. لم تفعل تلك الخطوات الكثير لتغيير سلوك روسيا. يستمر الصراع رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أيلول. لحد الآن قتل أكثر من أربعة آلاف شخص في القتال الدائر شرق أوكرانيا. حتى لو انتهت الأزمة قريباً، فستبقى تداعياتها لسنوات والتي تتمثل بتزايد التوترات بين روسيا و الغرب التي قد تغيّر الخارطة الجيوسياسية .
7. اندلاع احتجاجات مؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ
كان مبدأ ” بلد واحد بنظامين ” هو السائد خلال حكم الصين لهونغ كونغ منذ ان أعادت بريطانيا المدينة إلى سيطرة الصين في عام 1997 . وعد مواطنو هذه ” المنطقة الإدارية الخاصة ” ذات السبعة ملايين نسمة بامتيازات خاصة لم يسبق ان منحت لغيرهم من مواطني الصين. مع ذلك لم تلتزم الصين بالاتفاق. تصاعدت التوترات خلال الصيف بعد الرد القاسي من الصين على تظاهرات حزيران في الذكرى الخامسة و العشرين لأعمال الشغب التي وقعت في ساحة تيانانمين. سكبت بكين الوقود على النار في آب من خلال إعلانها بعدم السماح بالمشاركة في انتخابات 2017 لانتخاب الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ إلا للمرشحين الذين توافق عليهم. جوبه المحتجون بالغازات المسيلة للدموع التي دفعت المزيد من الناس للانضمام للتظاهرات. نتيجة ضغط السلطات تضاءل عدد المحتجين وقام ثلاثة من قادة الاحتجاج بتسليم أنفسهم. بعدها قمعت قوات الشرطة ما بقي من مخيمات المحتجين. اليوم تم تطهير كافة المخيمات. هذا لا يشير إلى ان استياء هونغ كونغ من الصين قد انتهى، و من المحتمل جداً ان تتكرر الأحداث في العام المقبل.
8. تعثّر اقتصاد منطقة اليورو مرة أخرى
لا تبدو الأمور جيدة بالنسبة لمنطقة اليورو، فالاقتصاد الأوروبي يبدو على وشك الانزلاق للركود للمرة الثالثة خلال خمس سنوات. كان النمو العام للمنطقة 0.2 فقط بين تموز و أيلول. إيطاليا تعاني من ركود أصلا، فرنسا وألمانيا تترنحان على الحافة. بعض التقارير تبدو أكثر تشاؤماً من غيرها مع ارتفاع معدلات النمو في الربع الثالث، وكان يبدو ان اليونان تخرج من ركودها و لكن دعوة لانتخابات مبكرة حطمت سوق الأسهم اليونانية الأسبوع الماضي. حتى لو ان أوروبا ككل نجحت في البقاء خارج الركود فان النمو البطيء لا يكفي لتخفيض معدلات البطالة العالية. قد يقترح البنك الأوروبي المركزي خطة تحفيز جديدة لكن التفاصيل لم تتم تسويتها بعد. اذا لم تشهد أوربا نموا قويا في القريب العاجل فربما تتعزز قوة الأحزاب القومية و الشعوبية التي كان أداؤها جيدا في الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي جرت مايس الماضي. اذا حصل ذلك، يمكن ان نتوقع إلغاء جهود التفاوض بشأن شراكة الاستثمار و التجارة عبر الأطلسي و صفقة التجارة المقترحة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة .
9. إسكتلندا تصوّت للبقاء جزءاً من المملكة المتحدة
عندما وافق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في 2012 على السماح لاسكتلندا بإجراء استفتاء حول الانفصال عن المملكة المتحدة، كان يتوقع ان تفوز حملة ” البقاء أفضل ” في سباق الانتخابات، لكنه كان مخطئا، فقد مرت بريطانيا بتجربة مريرة عندما ازدادت مشاعر الاستقلال في إسكتلندا. بدأت سلسلة من النقاشات حول كيفية إجراء الانفصال عن الاتحاد و ماهية عواقبه على إنكلترا. احتد النقاش عندما صوّت الاسكتلنديون في 18 أيلول بنسبة 55 إلى 45 % لصالح البقاء في الاتحاد الذي يبلغ عمره 307 سنوات. لكن ثمن النصر كان كبيراً. خلال الاستفتاء وعدت ويستمنستر بإعطاء أدنبرة صلاحيات جديدة واسعة اذا ما صوّت الإسكتلنديون برفض الانفصال . الآن على كاميرون تنفيذ وعوده و التعامل مع آثارها. الناخبون في إنكلترا و ويلز و إيرلندا الشمالية يطالبون اليوم بصفقة شبيهة بما سيحصل عليه الإسكتلنديون. كما ان الحزب الوطني الإسكتلندي يحظى اليوم بشعبية قد تنهي سيطرة حزب العمال على مقاعد إسكتلندا في مجلس العموم خلال الانتخابات البرلمانية في مايس المقبل، و هذا سيسبب هزةً في السياسة البريطانية.
10- دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الثانية والعشرون
تعدّ الألعاب الأولمبية الشتوية من أكبر الأحداث الرياضية التي تضم ألعاباً رياضية متنوعة. أقيمت الدورة هذا العام في مدينة سوشي / روسيا للمدة من 7 – 23 شباط، بعد ان جرت مراسيم الافتتاح في السادس من شباط. تم اختيار سوشي الروسية لاستضافة الألعاب في شهر تموز 2007 خلال الجلسة 119 للجنة الأولمبية الدولية التي عقدت في مدينة غواتيمالا. هذه الدورة هي الأولى التي تقام في روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، الذي ضيّف الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1980. خلال الألعاب جرى 98 حدثاً رياضياً في 15 نوعاً من أنواع الرياضة الشتوية.
بلغت الميزانية المخصصة للألعاب 51 مليار دولار أميركي و بذلك تعد أعلى ميزانية للألعاب الأولمبية في التاريخ . تميزت الفترة التي سبقت الألعاب ببعض الخلافات بما فيها ادعاءات بفساد المسؤولين عن تنظيمها، و الخوف على سلامة الرياضيين المثليين والمتحولين جنسياً، و الخوف من الناشطين الشراكسة بسبب اختيار موقع سوشي، و تهديدات المجاميع المتطرفة شمال القوقاز. مع ذلك ، و بعد انتهاء مراسيم الاختتام كان التقييم النهائي للألعاب بأنها ناجحة.
منقول