بعد تصريح السلطات المغربية بعرض الفيلم الأميركي "الخروج.. آلهة وملوك" في بعض القاعات السينمائية بالمغرب، تقرر لاحقا منعه من العرض، وهو ما أثار جملة من الانتقادات، خاصة أن المغرب سبق أن منع عرض فيلم عن النبي نوح عليه السلام لدارين أورونوفسكي وراسل كرو.
وأثار فيلم المخرج البريطاني الأصل ريدلي سكوت ضجة إعلامية مع بداية عرضه في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والمكسيك وإسبانيا، وذلك بسبب مسّه بالديانات السماوية الثلاث وتصوير الذات الإلهية وتشخيص النبي موسى وفق بعض القراءات.
ويروي الفيلم -الذي تم تصويره في لندن وإسبانيا ومصر- قصّة خروج بني إسرائيل من مصر بقيادة النبي موسى بشكل يناقض ما جاء في القرآن الكريم، وما جاء في سفر الخروج في العهد القديم.
ويتضمن الفيلم مشاهد تجسّد الذات الإلهية في صورة طفل يخاطب موسى الذي جسّد شخصيته الممثل البريطاني كريستيان بيل.
"الفنان السوري غسان مسعود الذي شارك في هذا الفيلم، اعتبر أنه مرتاح لنص الفيلم الذي يقدم قراءة قد لا تتفق مع الرواية الدينية"
منع بعد ترخيص
ومع بداية هذا الأسبوع ظهرت في المغرب أول الإعلانات الترويجية للفيلم المثير للجدل على الموقع الإلكتروني لإحدى أكبر القاعات السينمائية في المغرب وأفريقيا تابعة لشركة فرنسية.
وبعد ما وافق المركز السينمائي المغربي على عرض الفيلم المثير للجدل -وهو ما لم ينفه المركز للجزيرة نت- سرعان ما تناقلت أوساط إعلامية محلية نبأ منع السلطات المغربية لعرض الفيلم في طنجة والرباط والدار البيضاء بعد ساعات من عرضه ظُهر يوم أمس الأربعاء، وقالت هذه المصادر إن قرار سحب الفيلم أربك الوضع في مجموعة من القاعات السينمائية.
ويتولى المركز السينمائي المغربي -طبقا للقانون المنظم له- العمل على تطبيق التشريعات والتدابير التنظيمية التي تهم كل مهن القطاع السينمائي، ومنها تسليم تأشيرات استغلال الأفلام ورخص تصويرها.
وتشير مصادر إعلامية إلى أن مصر التي كانت مسرحا لتصوير أجزاء هامة من الفيلم بمدينة أسوان، اتخذت الجهات الرقابية فيها موقفا يقضي بمنع عرضه في قاعات السينما المصرية.
ويُنكر الفيلم معجزة شقّ البحر خلافا لما جاءت به الديانات السماوية، حيث أظهر الفيلم أن انفلاق البحر أمام النبي موسى وبني إسرائيل في طريقهم إلى سيناء حدث بسبب سقوط كويكب.
وأشارت تقارير إعلامية إلى وجود انتقادات لمضامين الفيلم صادرة عن مؤسسات دينية يهودية بالولايات المتحدة، وحديث إحدى أشهر المجلات اليهودية في أميركا (Jewish journal) عن استهانة الفيلم بالمقدسات اليهودية وتطاوله على المعتقدات الدينية.
واعتبر مخرج الفيلم ريدلي سكوت في تعليقات نقلتها تقارير أخرى أن قصة النبي موسى "أسطورة تاريخية وليست دينية"، مضيفا أن التوراة أغفلت أجزاء مهمة في قصّة خروج موسى، ولذلك "على الفنانين والمخرجين أن يضعوا التصور الخاص بهم، وأن يروا الله مثلما يعتقدون".
"المخرج والناقد السينمائي المغربي حسن بنشليخة اتهم المركز السينمائي المغربي بالنفاق والتناقض، لأنه سبق أن منع عدة أفلام في ما مضى بحجة أنها تجسد الأنبياء"
تناقض
واعتبر الفنان السوري غسان مسعود الذي شارك في هذا الفيلم في تصريح نقله موقع "الإعلام تايم"، أنه مرتاح لنص الفيلم الذي يقدم قراءة "قد لا تتفق مع الرواية الدينية".
واتهم المخرج والناقد السينمائي المغربي حسن بنشليخة الجهة التي رخصت لعرض الفيلم بالمغرب وهي المركز السينمائي المغربي، "بالنفاق" والتناقض، لأنه سبق أن منع عدة أفلام في ما مضى بحجة أنها تجسد الأنبياء، وفي الوقت نفسه تم الترخيص لعرضه في بلد مسلم.
واعتبر بنشليخة في تصريح للجزيرة نت أن مشكلة هذا الفيلم تكمن في أنه يجسد النبي موسى عليه السلام، وأشنع من ذلك أنه يجسّد الله عز وجل في صورة طفل صغير، وقال إن الفيلم في حد ذاته "هزيل جدا" ولا يرقى إلى مستوى فيلم "الوصايا العشر" من إخراج سيسيل بي دوميل، أو فيلم "آلام المسيح" من إخراج ميل جيبسون.
وأضاف أن مُخرج الفيلم يحاول أن يتفلسف على طريقة جون لوك، وأنه يلتقي مع الكاتب فرانسيس فوكوياما الذي ألّف كتاب "نهاية التاريخ" الذي يسعى إلى وضع حد للقيم الإنسانية، والتشكيك في المعتقدات الدينية وتعويضها بالأفكار الليبرالية.
ورغم إثارة الموضوع في الأوساط الإعلامية الدولية، لم تظهر بعدُ بوادر تناول واسع لموضوع الفيلم وردود الفعل حوله من طرف وسائل الإعلام المغربية