وجه بغداد كان ولا يزال يؤشر إلى حضارة موغلة في القدم كما انه يشير إلى نمط من العادات والتقاليد الأصيلة التي لا تزال آثارها وانطباعاتها واضحة في عادات وتقاليد جيلنا الحالي فكان البغداديون يسعون جاهدين لخلق مناخات من البهجة والسرور لتبديد رتابة الحياة وانسيابها بشكل تقليدي وبسيط بساطة الحياة ، فلم تكن هناك وسائل إعلامية كالمذياع والتلفاز والسينما التي تتيح للإنسان أن يحصل على فرصة من الإمتاع، فكان السعي قائماً للبحث عن الحدائق والمتنزهات والساحات والبساتين والمواقع الآثارية كوسيلة لاتخاذها أماكن لإقامة الكسلات سواء كان ذلك في الأعياد أو المناسبات .
ففي بغداد اشتهرت ساحات تربط الشوارع مع بعضها وكانت عامرة بالزهور والأشجار الوارفة التي تمنح الناس فرصة الجلوس تحتها على شكل جماعات وعوائل يضعون أمامهم السماورات والأطعمة ووسائل اللهو الأخرى ، ومن هذه الحدائق التي اشتهرت حديقة ( الوصي ) الواقعة في شارع الكفاح والمقابلة لسينما الفردوس وقد ازيلت هذه الساحة سنة 1954م عندما شرع بتبليط الشارع الذي سمي سنة 1958م بشارع الكفاح كما كانت حديقة ( الملك غازي) في الباب الشرقي هي الأخرى مثار دهشة الناس بنافورتها وأشجارها التي زرعت على شكل مدرجات تشبه الجنائن المعلقة وقد ازيلت هذه الحديقة وشيدت بدلها حديقة الأمة سنة 1959م وقد تصدر هذه الحديقة النصب التذكاري " نصب الحرية " لجواد سليم كما كان يتصدر الحوض الوسطي للحديقة تمثال الأم لخالد الرحال والذي نقل إلى حديقة الزوراء . ومن الحدائق المشهورة التي كان الناس يقضي أوقاتهم فيها حديقة (بارك السعدون ) وبخاصة أيام الأعياد حيث تزدحم بالأطفال والعربات والربلات والمراجيح وأصحاب الدراجات والمصورين الذين يلتقطون للأطفال صوراً تمثلهم كأحد أبطال الأفلام ، وتأتي (ساحة السباع) في المنطقة الواقعة بين محلة قنبر علي ومحلة السيد عبد الله باتجاه مدخل شارع الشيخ عمر حيث تنتصب وسط هذه الساحة اسود منحوتة بشكل جميل أسفل قاعدة دائرية تنتهي بقمة تمثل النافورة وكان أطراف بغداد مثل محلة أبو سيفين وبني سعيد والطاطران وابو دودو والفضل وغيرها من المحلات القريبة يؤمون هذه الحديقة التي لاتزال قائمة حتى اليوم .
ومن الساحات الاخرى المعروفة (ساحة الباب المعظم) و(ساحة الميدان) و(ساحة قنبر علي) و(ساحة الطيران) و(ساحة النسور) وغيرها.
كمال لطيف سالم
منقول