ﻟﻢ ﻳـــﻜــــﺘﻒ ﺍﻟــﺮﻋﺐ «ﺍﻟﺪﺍﻋﺸﻲ»، ﺑﺘﺮﻭﻳﻊ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻴﻦ ﻗﺘﻼً ﻭﺗﻬﺠﻴﺮﺍً ﻭﺍﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻼﻛﻬﻢ ﻭﺣﻮﺍﺿﺮﻫﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﻬﻞ ﻧﻴﻨﻮﻯ، ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻻﺣﻘﻬﻢ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎً، ﺣﻴﻦ ﺻﺎﺩﺭ ﻛﺘﺎﺏ «ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ» ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮّﺭﻩ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻤﺨﺘﺺ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ، ﺳﻌﺪ ﺳﻠﻮﻡ، ﻟﺪﻯ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻉ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻋﺒﺮ ﺳﻮﺭﻳﺔ.
ﺇﻧﻪ ﻛﺘﺎﺏ «ﻣﻮﺳﻮﻋﻲ» ﻣﻦ 900 ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﺑﺪﺃ ﻛﻔﻜﺮﺓ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻛﻨﻴﺴﺔ «ﺳﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ» ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺕ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻣﺮﻭﻋﺔ ﺭﺍﺡ ﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ، ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻞ ﻣﺤﺮﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ «ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ» ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺔ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻳﻌﺪ ﺃﻛﺒﺮ ﻫﺠﺮﺓ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻘﺐ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﺇﺫ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻋﻦ ﻫﺠﺮﺓ 4 ﺁﻻﻑ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺧﻼﻝ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ.
ﻭﻭﻓﻖ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺳﻌﺪ ﺳﻠّﻮﻡ، «ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻓﻴﻠﻢ «ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ» ﻫﻲ ﺃﻥ «ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ» ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺗﺤﻮﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﻮﻳﺔ ﺻﺤﺮﺍﻭﻳﺔ»، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﺮﻙ ﺭﻭﻓﺎﺋﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﺳﺎﻛﻮ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ 2013، ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﺄﻧﻪ «ﺇﺯﺍﺀ ﺭﻭﺡ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺸﺄﺕ ﻟﺪﻱ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﻠﻤﻮﺱ. ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﺔ ﻓﻘﻂ (ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻛﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻛﺪﻳﻦ)، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻧﺴﺨﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﺗﻄﺮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺴﺮﺡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ».
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﻫﻮ «ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺔ»، ﺍﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ ﺇﻳﻤﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺳﻌﺪ ﺳﻠﻮﻡ، ﺑﺄﻥ «ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻟﻦ ﺗﻤﻮﺕ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﺜﻞ ﺳﺎﻛﻮ. ﻭﻟﻜﻦ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﺎﻥ ﻧﺰﻳﻒ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻳﺮﺳﻢ ﻭﺍﻗﻌﺎً ﺁﺧﺮ، ﻓﻬﻞ ﻧﺤﻦ ﺇﺯﺍﺀ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻟﺰﻭﺍﻝ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ»؟
ﻓﻲ «ﻟﺤﻈﺔ ﺩﺍﻋﺶ»
ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻔﺼﻠﻴﺔ، ﻳﺮﺳﻢ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ: «ﺍﻛﺘﻤﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺃﻧﺎ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ (ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ) ﺃﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﺑﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺇﺫ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﻣﻘﺎﺗﻠﻮ ﺩﺍﻋﺶ ﺗﻘﻄﻴﻊ ﺃﻭﺻﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ، ﺑﻞ ﺿﺮﺏ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ، ﻓﻌﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺮﻭﺕ، ﺛﻢ ﺍﻧﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ».
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺳﺆﺍﻝ: «ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ؟» ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﻋﻨﻮﺍﻥ «ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺷﺮﻕ ﺃﻭﺳﻂ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ» ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ.
ﻭﺑﺤﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻳﻠﻔﺖ ﺳﻠّﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ «ﻋﻨﻒ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺮﺍﻕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ 2003، ﺍﺗﺨﺬ ﻃﺎﺑﻌﺎً ﻣﻘﻴﺘﺎً، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ «ﻧﺼﺮﺍﻧﻴﺎً» ﻭ «ﺫﻣﻴﺎً»، ﺃﻱ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﺩﻧﻰ، ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻫﺠﺮﺓ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻋﻜﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻜﻨﻬﻢ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻬﻞ ﻧﻴﻨﻮﻯ، ﻭﻣﻼﺫﺍﺕ ﻣﻮﻗﺘﺔ ﻓﻲ ﻛﺮﺩﺳﺘﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﻟﺘﺸﻬﺪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺃﻛﺒﺮ ﻫﺠﺮﺓ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ.
ﺇﻧﻬﺎ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﻼﻋﻮﺩﺓ ﻟﻠﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺧﻴﺎﺭﺍً ﻣﻮﻗﺘﺎً ﺃﻭ ﻣﺮﺣﻠﻴﺎً ﻟﻬﻢ، ﻭﻻ ﺗﻌﻜﺲ ﺧﻴﺎﺭﺍً ﻓﺮﺩﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻌﻄﻰ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ، ﺑﻞ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻗﺮﺍﺭﺍً ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﻻ ﺭﺟﻌﺔ ﻓﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺗﺤﺴﻨﺖ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺲ ﺷﻌﻮﺭﻫﻢ ﺑﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺗﻼﺷﻴﻪ، ﺃﻭ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻏﺮﺑﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻳﻌﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻧﻪ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ. ﺇﻧﻪ ﺭﺣﻴﻞ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﻃﺎﻥ ﺑﺪﻳﻠﺔ، ﻭﺗﺮﺍﺟﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ، ﻭﻋﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﺪﻋﺔ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﻮﻳﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻣﻔﻘﻮﺩﺓ، ﺇﻟﻰ ﻫﻮﻳﺔ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ.
ﻭﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﻫﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ «ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، ﻓﻘﺪ ﺃﺩﺧﻞ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻣﻴﻨﻴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺻﻞ ﺑﻴﻦ 1856 ﻭ1857، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ «ﺧﻼﺻﺔ ﻓﻲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻨﺤﻮ» ﻟﻠﺨﻮﺭﻱ ﻳﻮﺳﻒ ﺩﺍﻭﻭﺩ، ﻭﻃﺒﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻘﺪﺱ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺭﻳﺎﺩﻳﺎً، ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺪﺭﻭﺍ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻮﺻﻞ ﻋﺎﻡ 1902 ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﺑﺎﺳﻢ «ﺇﻛﻠﻴﻞ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ»، ﻭﺃﺻﺪﺭﺕ ﺑﻮﻟﻴﻨﺎ ﺣﺴﻮﻥ ﻣﺠﻠﺔ «ﻟﻴﻠﻰ»، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻨﺴﻮﻳّﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﺎﻡ 1927، ﻭﺗﺸﻬﺪ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺣﺮﺍﺱ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺃﻋﻼﻣﻬﺎ. ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺑﺠﻬﻮﺩﻫﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﻭﻇﻠّﻮﺍ ﺟﺰﺀﺍً ﺣﻴﻮﻳﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ، ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ».
ﻭﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻛﻬﺬﻩ ﻋﻦ ﺩﻭﺭ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻪ، ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺇﻟﻰ ﺳﺆﺍﻝ ﺟﻮﻫﺮﻱ: «ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﻞ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻬﻢ، ﻭﻫﻞ ﺗﺼﺒﺢ ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺗﻬﻢ ﻭﺭﻳﺎﺩﺗﻬﻢ ﻣﺤﺾ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ»؟ ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﻳﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻗﻞ ﺣﺮﺟﺎً ﻭﺇﺭﺑﺎﻛﺎً: «ﻫﻞ ﻳﺤﻮﻝ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﻗﺼﺎﺀ، ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨﻘﺮﺿﺔ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﺴﻴﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻳﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻓﻄﻮﻱ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﺍﺧﺘﻔﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺠﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﺘﻬﺠﻴﺮ؟ ﻭﻫﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺃﻭﺿﺢ ﺷﺎﻫﺪ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺗﻼﺷﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﺍﺧﺘﻔﺎﺀ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ»؟
ﻭﺛﺎﺋﻖ ﻛﺎﻣﻠﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﺗﺤﺖ ﺳﻄﺤﻪ، ﻭﺗﺘﻀﻤﻦ ﻓﺘﺢ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻭﻫﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻧﺠﺎﺯﻫﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﺢ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺭﺣﺔ، ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ «ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﺗﻜﺮﻳﺴﺎً ﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻭﺟﻤﺎﻋﺎﺕ». ﻓﻬﻮ ﻳﻨﺒّﻪ ﺇﻟﻰ ﺧﻄﺮ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﺑﻌﺎﻣﺔ، ﺑﻞ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ «ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ ﺃﻳﻀﺎً، ﺇﺫ ﺇﻥ ﻣﺴﺦ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﺇﻓﻘﺎﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﻮﻋﻬﺎ ﻭﺗﻌﺪﺩﻳﺘﻬﺎ، ﻟﻦ ﻳﺨﺪﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺼﻠﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺳﻮﻯ ﺩﻭﻝ ﻭﻧﺨﺐ ﺗﺮﻳﺪ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺰﺭ ﺇﺛﻨﻮﻃﺎﺋﻔﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺘﻌﺪﺩ ﻋﺎﺻﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺻﻤﺎﻥ ﺃﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ».
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﻳﺮﺳﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺃﺻﻮﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺢ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﻏﻤﻮﺽ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻷﺭﺷﻔﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ، ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻗﺪ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺩﺓ ﺑﺎﻹﻫﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﺭﺻﺪ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻫﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺧﻄﻮﺓ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺸﺠﻊ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺷﻔﺔ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺗﻮﻓﻴﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ.
ﺇﻧﻬﺎ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﻧﺎﺩﺭﺓ ﺣﻘﺎً، ﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﺇﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻭﻭﺛﺎﺋﻖ ﻋﻦ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ: ﻛﻨﺎﺋﺴﻬﻢ، ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻗﺮﺍﻫﻢ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ 1963 - 1988، ﻗﺴﺎﻭﺳﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻘﺘﻮﻟﻮﻥ 1972 - 1989، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺧﺘﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ «ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ» ﻋﺎﻡ 1988، ﻭﻣﻦ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﺰﻭﺡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺮﺩ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺏ ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ ﺇﺛﺮ ﺍﻧﺘﻔﺎﺿﺘﻬﻢ ﻋﺎﻡ 1991.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻛﺘﺒﺖ ﺳﻬﺎ ﺭﺳّﺎﻡ «ﺟﺬﻭﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ» ﻣﺆﺭﺧﺔ ﻟﻨﺸﻮﺀ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮﻳﻦ. ﻓﻴﻤﺎ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﻛﺘﺒﻪ ﺍﻵﺛﺎﺭﻳﺎﻥ: ﻋﺒﺪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﺤﻤﺪﺍﻧﻲ ﻭﺣﻜﻤﺖ ﺑﺸﻴﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺧﻮﺷﺎﺑﺎ ﺣﻨﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ، ﻓﻘﺪ ﺭﺻﺪ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ: ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﻮﻥ، ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ، ﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻥ، ﺍﻷﺭﻣﻦ، ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﻭﺩﺭﺱ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﺮﻙ ﻣﺎﺭ ﻟﻮﻳﺲ ﺭﻭﻓﺎﺋﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﺳﺎﻛﻮ، ﺣﺎﻝ «ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ». ﻭﺑﺤﺚ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭﻱ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ. ﻭﺭﺻﺪ ﻣﺤﺮﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ «ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ»، ﻣﺆﻛﺪﺍً «ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ»، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺎﺑﻊ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻭﻟﻴﻢ ﻭﺭﺩﺍ، ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻟﻠﻌﺮﺍﻕ، ﺩﺍﺭﺳﺎً ﺑﺘﻤﻌﻦ «ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ» ﺇﺛﺮ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻓﻬﻢ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ.
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺑﺪﺍ ﻛﺄﻧﻪ ﺗﻠﻮﻳﺤﺔ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻴﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺭﺣﻴﻠﻬﻢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻋﻨﻪ.