كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن يكون في حياته مثالاً راقيًا للإسلام، شكلاً ومضمونًا، فهيئته الخارجية جميلة، وأخلاقه التعاملية حميدة؛ وبالتالي فهو صورة طيبة داعية للإسلام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص على أدقِّ التفاصيل في هذه الصورة، ويهتمُّ بجعل المسلم متوافقًا مع كل ما يُسْعِد النفس الإنسانية بشكل عامٍّ، ومن هنا دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الالتزام بسنن الفطرة؛ وهي السنن التي تتوافق مع نفوس عامَّة البشر بصرف النظر عن موطنهم أو زمان معيشتهم، وحدَّد هذه السنن في عدَّة أحاديث منها ما رواه البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ".
فكان من هذه السنن تقليم الأظفار؛ وهي سُنَّة جميلة تُعطِي بالإضافة إلى الشكل الطيب النظيف السلامةَ الصحية للمسلم؛ فإنه من المعروف أن الأوساخ والميكروبات تتراكم تحت الأظفار؛ ومن ثَمَّ فإن قصَّها يحمي الإنسان -ومَنْ يتعامل معه- من أمراض كثيرة، والحدُّ الأقصى الذي سمح به رسول الله صلى الله عليه وسلم لترك الأظفار هو أربعين ليلة؛ فقد روى مسلم عَنْ أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: "وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لاَ نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".


وهناك معلومة لغوية طريفة؛ وهي أن كلمة "أُفٍّ"، التي تُستخدم في الضجر، إنما تعني في اللغة العربية: وسخ الأظفار! والعرب يستخدمونها مِنْ قَبْل الإسلام للدلالة على كل ما يُسْتَقْذر؛ وهذا يُؤَكِّد ما قلناه من أن النفوس البشرية بشكل عامٍّ تأنف من مخالفة سنن الفطرة، ومع ذلك فقد ظهرت عادات غريبة على الإسلام يُطلِق فيها الأولاد والبنات العنان لأظفارهم، ويعتبرون طولها من علامات الجمال، وهذا أمر مخالف للسُّنَّة النبوية، فعلينا أن نجتنبه، ولْنحرص على اتباع هديه صلى الله عليه وسلم.


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

د/ راغب السرجاني