ينتمي ( رستم حيدر ) الى اسرة ( حيدر ) ، وهي اسرة من بعلبك اشتهرت بوطنيتها ونضالها ، واسمه الاصلي (محمد ) اما حيدر فهو اسم والده وكان يدعى في البداية ( محمد رستم ) ، ولما كانت الاسماء المركبة شائعة الاستعمال في ذلك الوقت مثل ( محمد علي و مصطفى كامل و حسين عوني ...الخ ) فقد حسب رفاقه ان ( رستم ) جزء من اسم مركب فكانوا يدعونه به اختصارا حتى غلب عليه هذا الاسم واشتهر به .
وصل رستم حيدر الى العراق يوم 23حزيران 1921 على الباخرة ( نورث بروك ) التي كانت تقل الامير ( الملك ) فيصل،بمنصب سكرتيره الخاص وكانت هذه المرة الاولى التي يطأ فيها ارض العراق .
اكتسب الجنسية العراقية بشكل اصولي حسب القانون وبقي في خدمة العراق رئيسا للديوان الملكي ثم وزيرا سبع مرات وآخرها وزيرا للمالية، ليلقى حتفه يوم 22 كانون ثاني 1940 في المستشفى التي نقل اليها بعد اصابته باطلاقة نارية اطلقها المفوض المفصول من الخدمة ( حسين فوزي ) قبل ظهر يوم 18 كانون ثاني 1940 في مكتبه اثناء مواجهته لطلب العودة الى الخدمة بصفته وزيرا للمالية .
كان رستم حيدر شجاعا وصلب خلال خدمته ومن الامثلة الكثيرة على ذلك ( ايعازه بحجز اموال الملك فيصل الاول حينما كان وزيرا للمالية :
وقصة ذلك ان رستم حيدر كان قد اصدر قانوناً جديداً لتحصيل الديون المتاخرة للحكومة ،وكان معظم الذين تاخر تحصيل الديون منهم من ذوي النفوذ : من الخزينه( الملكية ) الخاصة ،الى الوزراء ،وشيوخ العشائر ، وغيرهم. وبدأ رستم أول ما بدأ رستم بتطبيق القانون على الخزينة الملكية الخاصة ، فانذرها بدفع المتخلف عليها ، وكان يبلغ حوالي (10 الاف روبيه). فاعترض ناظر الخزينه الخاصة ، (صفوة باشــــــــــا العوا) مستنكراً أنذار الخزينه الملكية الخاصة بسداد دين متاخر . وعندها طلب رستم وضع الحجز على املاك الملك في الحارثية ، وأنذر ناظر الخزينه الخاصة بالتنفيذ، فهرع الناظر الى الملك فيصل وشكى الامر أليه .
وكان عبدالله الحاج ، من رجال الملك فيصل في العراق في ذلك الوقت ، مساعداً لرئيس الديوان الملكي ، ومدرساً في دارالمعلمين . وقد روى هذه الحادثة التي شهدها بنفسه في حديث أدلى به في بغداد الى صحيفة عراقية ، مع طرف من ذكرياته عن فيصل والعراق ، خلال زيارة قام بيها الى العراق بعد ذلك باكثر من (20 عاماً) ، فقال أن ناظر الخزينة الخاصة ربما صور المسألة للملك بشكل مثير، مما أثر في نفس الملك ، ولكنه فيما يبدو لم يرغب في مفاتحة رستم بالامر بنفسة ، فكلف عبدالله الحاج بذلك . قال عبدالله الحاج :-
(قال رستم عندما كلمته بالامر: أنني أنفذ أرادة جلالته، فهو الذي وقع القانون بيده ، وانا اعمل على تشريف توقيع جلالته بالحجز على الحارثية . فأذا سمح جلالته بذلك فأنه يكون قد وضع الحجر الاساسي لاحترام القانون في الدولة
فعدت وعرضت ذلك حرفياً على جلالة الملك فيصل فأرتاح للامر وزال أكثر الاثر الذي تركه لديه الشكل الذي وضع به القضية ناظر الخزينه الخاصة . وعندها أصدر جلالته تعليماته للناظر بوجوب الدفع واحترام القانون ).
هذا حديث للاستاذ عبدالله الحاج ، النائب اللبناني السابق ، وعضو الجبهة الاشتراكية في لبنان ، الى جريدة (الشعب) بغداد ، السنة 9 ،العدد 2515 الصادر في 2/مايس/1953
المصدر: مذكرات رستم حيدر الصادر عن الدار العربية للموسوعات عام 1988 (تحقيق نجدت فتحي صفوة )
الصفحات 8 و39 و59 و60