الإيزيديون.. طائفة منزوية تخشى الغرباء
إيزيدي يتعبد في قبر عدي بن مسافر في لالش شمالي الموصل
الإيزيديون طائفة دينية تنتمي عرقيا إلى الأصول الكردية، يتركز تواجدهم في العراق وسوريا، ويعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبالسنجار في العراق، وتتواجد مجموعات أصغر في تركيا، وألمانيا وجورجيا وأرمينيا.يعد اسم الإيزيدين أحجية بحد ذاتها، إذ تقول الأبحاث الحديثة إن اسمهم مأخوذ من اللفظ الفارسي "إيزيد" الذي يعني الملاك أو المعبود، وتعني كلمة الإيزيديين ببساطة "عبدة الله" أو هكذا يصفون على أنفسهم.
ويطلق الإيزيديون على أنفسهم لقب "داسين"، وهي كلمة مأخوذة من اسم أبرشية تتبع الكنيسة المسيحية الشرقية القديمة، وهذا ما يفسر أن كثيرا من معتقداتهم مستمدة من المسيحية. بينما تذهب أبحاث تاريخية أخرى إلى القول إن معتقدات هذه الطائفة منحدرة من ديانات فارسية قديمة مثل الزردشتية والمانوية. ومن الطريف أن بعض الباحثين يزعمون أن اسم الإيزيديّين جاء من اسم الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية، لكن مؤرخين يرفضون هذه الفرضية.يُقدّر العدد الإجمالي للإيزيديّين في العالم بما بين خمسمائة ألف وسبعمائة ألف شخص، وتقول بعض الإحصائيات إن نحو سبعين ألفا من المتواجدين منهم في العراق -أو ما يوازي 15% منهم- لجؤوا إلى أوروبا هربا من الاضطهاد والتصفية.يتكلم أغلب الإيزيديين اللغة "الكرمانجية" التي يستخدمونها في صلواتهم وأدعيتهم وجميع طقوسهم.وبحسب الأسطورة الإيزيدية، فإن شعبهم ينحدر من سلالة خاصة تختلف عن بقية البشر، فهم أبناء آدم فقط وبقية البشر أبناء آدم وحواء.الشخصيتان الأساسيتان في الديانة الإيزيدية هما: عدي بن مسافر، و"طاووس ملك" الذي ينظر إليه أنه المقابل للشيطان في الديانات الأخرى، وهذا هو سبب وصف أتباع الديانات الأخرى للإيزيديين بأنهم "عبدة الشيطان".
الملك طاووس
في صورة العالم عند الإيزيديين، خلق الله العالم، وهو الآن تحت إشراف سبعة من الملائكة الذين يسمّون "السبعة الأخفياء"، أكبرهم هو "الملك طاووس" الذي يؤمن الإيزيديون أنه ليس مصدر الشر، ولكن مصدر الشر يكمن في قلب الإنسان.ويختلف المعتقد الإيزيدي بخصوص خلق الإنسان عن الإسلام والمسيحية واليهودية. فهم يعتقدون "أنّ الله خلق الملك طاووس من نوره الذاتي، ثم بعد ذلك سائر الملائكة الذين أمروا بجلب التراب والأرض من البلاد لبناء جسم الإنسان"."وحينها نفخ الله في الإنسان روح الحياة وأمر جميع الملائكة بالسجود للإنسان. أطاعه جميع الملائكة باستثناء الملك طاووس الذي رفض الرضوخ أمام من خُلق من تراب، بينما هو مخلوق من نور الله. وأثنى الله على طاووس، وجعله نائبًا له ورئيسا لبقية الملائكة"، بحسب اعتقادهم.عدي بن مسافر هو الشخصية البشرية الأكثر محورية في الديانة الإيزيدية. فهم يتناولون اسمه بعظيم التبجيل والاحترام، ويعدون قبره في منطقة لالش شمالي الموصل أكثر المناطق تقديسا على وجه الأرض، حيث يعتبرونه "مجدد" الديانة. ويعتبره عدد من المؤرخين، أصل الديانة الإيزيدية ومؤسسها.ويقول البعض إن الإيزيديين تعرضوا عبر التاريخ لـ72 إبادة جماعية، جعلتهم منزوين عن العالم متقوقعين اجتماعيا، وبات الخوف من الغرباء سمة أساسية في مجتمعاتهم.وكانت أحدث عمليات هذه الإبادة عام 2007 خلال تواجد الاحتلال الأميركي في العراق، حيث قُتل المئات منهم بانفجار سيارات مفخخة في معقلهم الرئيس شمالي العراق، وأخيرا ما تعرضوا له على يد تنظيم الدولة الإسلامية المتهم بإعدام المئات منهم لدى سيطرته على أراض في العراق في أغسطس/آب الماضي.
ويرأس الجماعة الإيزيدية أمير تعتبره الديانة ممثل الملك طاووس على الأرض، ويقوم بتمثيل أتباع الطائفة في جميع المؤتمرات الوطنية والدولية. ينحدر هؤلاء الأمراء جميعا من عائلة واحدة تعرف بعائلة "العقيد".تقسيمات وعبادات
وتقسم الإيزيدية أتباعها وفق نظام معين من الطبقات وضع أسسه عدي بن مسافر نفسه، وهو مكون من ثلاث طبقات رئيسية:طبقة الشيخ: الطبقة الأكثر تبجيلا، والتي ينحدر أعضاؤها من الشيوخ الذين تجلت بهم الملائكة الستة، طبقة البير: وتعني بالكردية "العجوز"، وينحدر أعضاؤها من "بير علاء" وهو أحد أصحاب عدي بن مسافر. طبقة المريد: ويمثلون غالبية الإيزيديين، حيث إن كل من لا ينتمي لإحدى الطبقتين السابقتين، فهو من طبقة المريد.ويحرّم التزاوج بين الطبقات، حيث لا يجوز أن يتزوج شخص من طبقة المريد من امرأة من طبقة الشيخ، والعكس صحيح.يقول الإيزيديون إنهم موحدون ولديهم كتابان مقدسان هما: كتاب "الجلوة"، و"رش" (الكتاب الأسود)، وهم يصلون خمس مرات في اليوم، ويصومون أكثر من مرة في السنة، وقبلتهم في صلواتهم هي الشمس باعتبارها "أعظم ما خلقه الله" -بحسب معتقداتهم- ويؤمنون بالتقمص وتناسخ الأرواح، ويُعمّد أطفالهم عند ولادتهم، ويشيع بينهم الختان وإن لم يكن إلزاميا.يتزوّج الإيزيديون من امرأة واحدة، أما الشخصيات البارزة فقد تتزوج بأكثر من امرأة. ولا يتزوج الإيزيديّون من الأكراد من خارج طائفتهم، ولا يقبلون المتحوّلين إلى ديانتهم. ويُعد العقاب الأكثر خطورة في مجتمعهم هو المقاطعة، مما يعني الطرد من الدين وإهدار دم المقاطع.