|| عندما يتلبس العشق شبح الانتقام || الفصل السادس



رابط الفصل الاول
http://dorar-aliraq.com/t/433833





رابط الفصل الثاني


http://dorar-aliraq.com/t/433835



رابط الفصل الثالث



http://dorar-aliraq.com/t/433836




رابط الفصل الرابع
http://dorar-aliraq.com/t/433837

رابط الفصل الالخامس
http://dorar-aliraq.com/t/434204





الفصل السادس


************

صرخة مدوية انطلقت من داخل قلبي ولم تتخطى شفتي، والدي الحبيب كيف تقسو على قلبينا بهذا الشكل ؟ خرجت أنت كإعصار ولم أدري لم استسلمت بهذه السهولة ولمَ لم تطلبني أنت أيضا ؟ ووالدي تطلع لخروجك العاصف وعلى شفتيه ابتسامة لم أفهمها، تبعتْك والدتك بسرعة في حين ركضتُ أنا لغرفتي والدموع تغرق وجهي كالسيل، فجأة وقبل أن أدلف إليها سمعت والدك بصوت مشدوه يتساءل :
" هل أنت جاد عبد الله ؟ هل ستزوجها رجلا غير وليد ؟ "

سمعت بعدها صوت أبي السعيد وهو يجيب :
" بالطبع لا محسن، من تظنني ؟ عجوز مخرف ؟ الفتاة لوليد منذ يوم ميلادها "

فجأة توقفت دموعي عن الانهمار ولم أفهم لمَ فعل والدي ما فعل أو قال ما قال، فاستندت لطرف السلم العلوي أستمع إليهما بصمت وقلبي ينتفض فرحا ممتزجا ببعض القلق وعدم الفهم، قال العم بدهشة أكبر :
" إذن لمَ قلت ما قلت ؟ لقد أصبته في قلبه عبد الله، كيف تفعل ذلك بابني ؟ "

وكأن والدي كان مبتسما وهو يرد :
" لا تقلق محسن، أنا فقط أعطيه دفعة صغيرة ليأخذ خطوة للأمام، أخي العزيز أنا لا أعلم متى ستنتهي حياتي وأريد أن أطمئن على صغيرتي وأسعد برؤيتها عروسا قبل مماتي، وولدك العنيد الشقي بطيء للغاية كسلحفاة صغيرة، أردت تحفيزه بعض الشيء "

هتف عمي بسرعة وهو يضحك في نفس الوقت :
" أبعد الله عنك الشر أخي، ستراها عروسا وترى أحفادك بإذن الله، فقط اشكر ربك أن وليد اكتفى بالمغادرة وإلا كان قد أنهى حياتك بنفسه واختطفها وهرب بها إلى حيث لا يمكننا الوصول إليه "

نبض قلبي بسعادة لا توصف و أنا أسمع ضحكة والدي الصافية وهو يقول :
" لقد كنت متوجسا منه بالفعل، لكني سلمت أمري لخالقي ونفذت خطتي على أمل وجودكم، وأنكم ستدافعون عني إن حاول قتلي "

سأله عمي وهو يبادله ضحكته :
" والآن ماذا ؟ كيف سيطلبها منك وهو يراك تريد تزويجها من غيره ؟ "

رد والدي :
" هذه مهمتك محسن، عليك إقناعه بطلب يدها وإلا ستضيع منه، أنا لا يمكنني الاطمئنان على طفلتي الوحيدة إلا معه، لقد حملها منذ كانت رضيعة ورباها وتعلقت به أكثر من أي أحد فينا، فكيف أسلمها لغيره ؟ "

سأله عمي مرة أخرى :
" وهي ؟ ماذا ستفعل معها ؟ لابد أنها منهارة باكية في غرفتها الآن "

رد والدي بصوت باسم :
" لا تقلق، فقط سأشرح لها خطتي ببساطة، كلي ثقة بأنها ستتفهم لمَ لم أخبرها من قبل أو أي منكم، كان لابد أن تكون الخدعة متقنة والذهول على وجوهكم حقيقي لأقصى درجة "

قالها وانطلق ضاحكا، تلك الضحكة التي تحلق بقلبي ولا تتركه إلا سعيدا آمنا مطمئنا، آه كم أحبك وأفتقدك والدي .

********

لمَ يا عم ؟ لم كنت بتلك القسوة ؟ طعنة مفاجئة غادرة بسكين حاد، شق قلبي كقالب من الزبد البارد، بيسر وسهولة وجدته منقسما داميا نازفا بشدة، مرارة دموعي امتزجت بدمائي كطوفان نوح، أزالت كل ما على الأرض ولم يمكن إنقاذ شيء قبل حلول النهاية، لحظات جنون انتابتني وكنت على وشك ارتكاب حماقة أو ربما حماقات، لحقتْ بي أمي يومها، تربت على كتفي ترجوني الحديث أو حتى الصراخ، غلفني فقط الصمت وزلزل دعاماتي فكدت أنهار باكيا لولا قسوة طفت على السطح فجأة، لأجدني عائدا إلى منزلك كإعصار فألتقي بوالدي في الطريق، رأى الشرر يتطاير من مقلتي، ودماء الغضب تعميني، استوقفني فلم أستمع له فقط لأكون أمام بابك أدقه بعنف كاد يحطمه للمرة الثانية .

********

طرق بابي برفق، حاولت التباكي واستدرار الدموع فقط لأمنحه لذة المفاجأة التي يدخرها لي، كم أنت حنون أبي، وكم أشتاق إليك ويجتاحني الوجع لفراقك والاحتياج لضمة بين ذراعيك قرب ضلوعك، قضبان حمايتي، أتاني بهدوء وثبات، افتعلت الغضب وأدرت ظهري له وصوت نشيجي يعلو، ذلك الشَفُوق يجلس خلفي ويضمني برفق، يمسح دمعاتي بمنديله المعطر ثم يعيده لجيبه، يربت على شعري ويطبع قبلة صغيرة بعدها يهمس في أذني :
" لا تكوني حمقاء شهد، لن تصبحي عروسا لغير وليد "

كم كان صعبا افتعال الصدمة و التظاهر بالذهول والدهشة، لكني أعترف أنني حبكت دوري جيدا وأديته ببراعة خاصة مع دموعي الجافة على وجنتي والتي توقف انهمارها فجأة وأنا أقفز أمامه كطفلة صارخة :
" أحقا أبي ؟ "

ليجذبني من يديّ برفق وعلى شفتيه أجمل بسمة، وفي عينيه أحن نظرة، وعلى صدره دفء الأمان، أجلسني وضمني ثانية وأراح قلبي بهمسه :
" نعم شهد، أنا فقط أثير غضبه قليلا كي يتقدم إليك ويطلب يدك، لم تعودي طفلة مدللتي، لابد أن تتم خطبتكما ولم أكن لأطلب منه الزواج منك، عليه أن يطلب هو "

ابتسمت وأنا أمسح دموعي أو بقاياها، ضممته بقوة جعلته يتأوه وانا أقول بسعادة تمطر من حروفي أنهارا :
" أحبك والدي، كنت قاسيا بعض الشيء وأوجعتني، لكني أوافقك الرأي "

ربت على شعري ثانية وقال بحنو :
" عذرا حبيبتي، فقط لتكون المفاجأة صادمة للكل، أتعلمين ؟ لقد خطبك مني الرجل بالفعل، لكنني رفضت، أخبرته أنك مخطوبة لابن عمك، وطلبه أيقظ في عقلي أمرا لم أكن منتبها إليه، أنك كبرت صغيرتي، أصبحت عروسا والخطاب يطلبونك، و وليد الصغير لازال يراك طفلة، فكان لابد من صدمة تجعله يفيق، ما رأيك ؟ هل أصلح محققا بوليسيا أو مخرجا لأحد أفلام الرعب ؟ "

قالها العزيز وانطلق يضحك في مرح أحبه، وقبل أن أجيبه كانت دقات قبضتيك العنيفة على باب منزلنا تزلزله وتكاد تحوله لشظايا، ابتسم والدي وقال في حنان ومرح :
" هيا شهد، لابد أن أسدك المغوار قد عاد، فلتكوني درع حمايتي منه صغيرتي، لا تتركيني وحدي في مواجهته "

بادلته ابتسامته في حب وأمسكت بيده لنهبط لمواجهتك أيها الثائر المخيف وأنا أشعر أنني الأسعد في هذا الكون .

********

كالأعمى الأهوج كنت، على استعداد لاقتحام أقوى الحصون، واغتيال حراسها واحدا تلو الآخر، سأصعد برج الأميرة الملعونة، وأقاتل التنين، سأكون أميرها الوسيم ولن تمنعني العقبات مهما بلغت صعوبتها، سأصل إليك أميرتي وإن اختطفتك عنوة من بين ذراعي والدك وأخفيتك بين ضلوعي حيث لا يصلون إليك، كنت فاقد الوعي والتركيز، ويدي ستبطشان بأول من أراه، فُتِح الباب فعبرته كإعصار، لم أرى من فتحه ولم أهتم من يكون، فقط لتصل الطعنة بعنفوانها لأعماق روحي وأنا أراكِ تعانقين كف والدك هابطة من الأعلى وعلى شفتيك ابتسامة فَرِحَة، هل وافقت على الخاطب "شهد" ؟ كدت أطيح بك وبوالدك لولا أن بادرني متسائلا بصرامة أوقفتني بمكاني :
" ماذا تريد الآن "وليد" ؟ "

ولم أعلم ما نطقت به بالتحديد، فقط هي بضعة أحرف نطق بها قلبي قبل أن يرتبها عقلي أو يراجعها :
" أريد الزواج من ابنتك شهد عماه "

كلمات سريعة حازمة انطلقت من بين شفتي بسرعة الصوت أو ربما الضوء، لترسم سعادة على وجهك لكنت دفعت عمري ثمنا لأراها منذ زمن طويل، وللمفاجأة الجديدة يرد العم بابتسامة حنون :
" وأنا موافق وليد، لن أجد من هو أفضل منك زوجا لابنتي "

لابد أن الدهشة والذهول المرسومين على ملامحي كانا واضحين للعيان بشكل غير عادي، فقد وجدت ابتسامتك تتحول لشبه ضحكة وعمي العزيز يقترب مني ببطء ليربت على كتفي بود والبسمة تملأ وجهه مكملا :
" نعم الرجل أنت وليد، أتظنها يمكن أن تكون لغيرك ؟ "

وبحيرتي وصدمتي اندفعت بدون فهم هاتفا في حزم :
" سنعقد قراننا يا عم، لا داعي لخطبة هي طفلتي وأعلم عنها وتعلم عني كل شيء "

خفضتِ عينيك في حياء محبوبتي، كنتِ رائعة، فاتنة، أميرة مدللة بالفعل، لمحت بعض الدهشة على وجه عمي، فسارعت أمحوها وأقرر :
" عماه أنت تعلم أنه لا داعي لها، وثق بأنني لن ألهيها عن متابعة دراستها، فقط أريدها زوجتي، اليوم قبل غد "

وابتسامة حنون ترتسم على شفتيه تصاحبها نظرة عينيه الودود وهي تتابع هروبك لغرفتك قبل أن يرد عليّ في عطف ومودة :
" كما تشاء وليد، كما تشاء "

ثم أصبحت ملكي صغيرتي، لن يتجرأ أحد بعد اليوم أن يفكر بك أو يقترب منك، أنت الآن لـ "وليد السيوفي " .

********

وأخيرا عقد قراننا "وليد"، أتذكر يومها ؟ كدتُ أطير فرحا، وأنت ببذلتك الرسمية تبدو وسيما للغاية، وابتسامة العشق على شفتيك كلما تطلعت إليّ، وفي النهاية تلك الجملة القصيرة عندما لفظتها بعمق وعيناك تعانق عينيّ :
" قبلت زواجها "

خفضت عينيّ أتطلع بهما لكفيَّ الباردتين وأنا أفركهما في توتر، وضعت إمضائي واحتفظتَ أنت بالمنديل، لتقف فجأة أمامي وبحنان تطبع قبلة على رأسي همست بعدها :
" أصبح الأمر رسميا عروسي "

فيرسم الخجل ملامحي من جديد وابتسامة حب تعانق شفتي في رقة، وجدتني بعدها أحلق معك حيث النجوم والقمر والكواكب السيارة، نعبر المجرات على بساط الأحلام وأصابعك تعانق كفي بحنو، وهمسة "أحبك" تشدو في أذني كأعذب لحن .