حكمة العقلاء ....
في يوم صيف من أيام بغداد الحبيبه ،كنت متجها من ساحة باب المعظم ،بانتظار الباص لكي ينقلني الى الباب الشرقي ،للقاء صديق قادم من احدى محافظات العراق ً...
حيث موعدنا في شارع المشجر كما يسمونه والذي تكثر فيه الفنادق والمطاعم وبقربه اماكن اللهو الاخرى المتنوعه كل حسب رغبته ،منهم من حضر لموعد طبي ،وآخر لأنجاز ألتزام شخصي وآخر للتمتع بمناظر بغداد ،حضر الباص الناقل وصعدت جالسا في أحد مقاعده وكان بجانبي شخص كبير السن ،انيق المظهر ،هادئ ،
ساحة حافظ القاضي ..ايام الزمن الجميل
وصل الباص الناقل الى ساحة حافظ القاضي ،التفت الرجل المسن وبدأ حديثه هادئا ،قال:
في هذه الساحة ( ساحة حافظ القاضي ) لي ذكريات وحكايات أيام الزمن الجميل ،كان جوابي له ،تكلم وحدثنا أيها العم لنقضي وقتا لحين الوصول الى الباب الشرقي ،عاد بالقول ساقص عليك ذكرى حدثت معي وقعت أحداثها في هذه الساحه ،تفضل أيها العم .
كنت ضابط مرور( ملازم ) في خمسينات القرن الماضي وواجبي الاشراف على تنظيم حركة السير كما هو معتاد للجميع ، كنا نرتدي أفضل الملابس الخاصه بالشرطة ،حيث محلات الخياطه المنتشره في عموم شارع الرشيد ،وكان أفضل خياطي الملابس للجيش والشرطه هم من الباكستانين والهنود ،ومحلات الأقمشة الاجنبيه ،
هنا في قلب هذه الساحه يمر رجال الدوله صباحا وأعتاد الباشا نوري السعيد رحمه الله أن يكون طريق سيره باتجاه مقر الحكومه من هنا ،كان هناك شخص مخمور يقف بالجانب الاخر معروف للجميع من اصحاب المحلات ،والجميع يعطفون عليه ويقدمون النصائح له لكن لافائده لانه مصاب بمرض الادمان المستمر ، نعم أيها العم تفضل باكمال الحادث .
عند مرور رئيس الوزراء الباشا نوري السعيد كالمعتاد فوجئنا بقيام المخمور برمي حجرة كبيره باتجاه السياره ،أسرعنا اليه وحاولنا الامساك به كونه تصرف غير صحيح أتجاه رئيس وزراء العراق .
وقفت سيارة الباشا نوري السعيد واستدعاني للحضور في الزمان والمكان ،هل تعلم ماذا قال لي ،
ماذا قال لك الباشا ،أيها العم؟؟؟
قال بالنص وأنقلها لك بأمانة صادقه وبلغة بغدادية ( ألله عليك أتركه .. عوفه .. خليه متونس ومرتاح )
نفذت الامر وأديت له التحية العسكريه وذهب مبتسما .
شكرًا لك أيها العم انها حادثة وذكريات لعقلاء الحكام ايام الزمن الجميل ،أجابني وعلامات الهم على وجنتيه ( ياليت يعود ذلك الزمان ) ،ودعني وداع الأب لأبنه ،وشكرته على حكايات وحكمة العقلاء.
كاردينيا