هل تعلم بأنّ القلب البشري هو العضو الذي يُوَلِّد الحقل الإلكترومغناطيسي الأقوى مقارنةً مع أيّ عضوٍ آخر في جسد الإنسان؟
في الحقيقة، يُمكنُ قِياس الحقل الإلكترومغناطيسي الخاصّ بقلبك على بُعدِ مسافةٍ قليلة من جسدك. وأكثر من هذا، فإنّ هذا الحقل الطاقي يتغيَّر بحسب تغيُّر وتبدُّل عواطفك.
شيءٌ واحد عليك أن تعرفه عن حقلك الإلكترومغناطيسي، وهو أنّ كلّ عضو وخليّة في جسدك يقومون بتوليد حقل طاقي. وبما أنّ القلب هو مَن يقومُ بتوليد الحقل الإلكترومغناطيسي الأقوى، فإنّ المعلومات المُختَزَنة داخل حقله الإلكترومغناطيسي تُؤثِّر بكلِّ عضوٍ وخليّةٍ في جسدك.
هل يكون هذا هو السبب في أنّ القلب هو العضو الأول الذي يعمل في الجنين؟
إلى جانب توليده للحقل الإلكترومغناطيسي الأقوى، فإنّ القلب يملكُ ذكاءً خاصاً به، ولأجل هذا يُطلِق العديد من علماء أعصاب القلب عليه إسم “قلب الدماغ” أو “الدماغ الخامس”.
القلبُ ليس فقط مجرّد خلايا عضلية، بل وخلايا عصبية أيضاً.
وقد قام الباحثون في مؤسسة حسابات القلب بإجراء اختبارات تُثبِتُ بأنّ دور القلب ليس محصوراً في ضخّ الدم، بل يؤمنون بأنّ للقلب ذكائه الخاص وبأنه يلعبُ دوراً كبيراً في استيعاب ورؤية الحقيقة.
القلب والدماغ والأحاسيس:
يُقالُ بأنّ القلب والدماغ يعملان أحياناً بشكلٍ متناقض أي عكس بعضهما.
دائماً ما نحاول تحديد ما إذا كنا سنوجّه اهتمامنا نحو أفكارنا أو مشاعرنا. سوف يقول الناس أنصار المنطق بأنّ العقل هو المفتاح لإبقائنا بعيداً عن المشاكل بما أنّ العقل يفكِّر بمنطق الرّبح وبخوض المغامرة المحسوبة والأقلّ خطراً والأكثر أماناً.
أما القلب ومن ناحية أخرى، فهو مَن يساعدنا حتى نعي ونشعر بما هو الأفضل على مستوى رحلتنا الداخلية التي تصِلُنا بحَدْسِنا.
إنّ الإعتماد على واحدٍ من هؤلاء، العقل فقط أو القلب فقط، قد يقودنا للمشاكل أحياناً.
العقلُ يخشى البحث عن السعادة خارج النطاق المتعارَف عليه.
والقلبُ يتوقُ أحياناً لقراراتٍ من المجهول وغير مألوفة وفيها مخاطرة.
إلا أنّ استخدام كلاهما في توازن من شأنه أن يملأ الإنسان بوضوحٍ تام.
نّ جملة إتبع قلبك منتشرة بشكل كبير، لكنّ فَهمها قليل ويجدُ البعض صعوبة في عيْشها. لأنّ اتباع القلب يعني إستسلام لأعمق الأحاسيس التي لا تتبع تفسيراً منطقياً. إنّ عضو القلب يُزَوِّدُنا بإحساس الحدس أو الإرشاد، لكن علينا أن نتمتع بالفهم الكافي والثقة حتى نعي متى يكون القلب هو مَن يدفعنا في اتجاهٍ معيّن فنتبع هذا الإتجاه بإيمانٍ ويقينٍ تام فيه وفي النتيجة.
أحاسيسنا هي مَن يساعدنا على فهم العالم الموجود خلف المنطق ويتجاوزه وبالتالي هي مفاتيحنا لأجل فَهم حقيقتنا الروحية.
ذكاءُ القلب:
يدعمُ بعض الباحثون وعلماء أعصاب القلب فكرة أنّ القلب بإمكانه التصرُّف كما لو كان دماغاً آخراً، مساعِداً إيانا حتى يُرشِدنا بأسلوبٍ آخر من أساليب الذكاء.
دراساتٌ فسيولوجية عديدة تُجرى اليوم بخصوص التواصل العميق بين القلب والدماغ، ولماذا تُستَشعَر بعض الأحاسيس والمشاعر على مستوى القلب. يُستَشعَر الحب وبعض الحالات العاطفية بشكلٍ عام على مستوى القلب، فتُنتَج ردات فعلٍ فسيولوجية مختلفة من القلب.
واكتُشِفَ بأنّ العواطف والأحوال الداخلية تؤثِّرُ بدقات القلب، بما في ذلك إضطراب إيقاع القلب عندما نختبرُ توتراً أو عاطفة سلبية. وبالعكس، فعندما يكون شعورنا إيجابياً، يتناغمُ إيقاع القلب وينبضُ بانتظامٍ أكبر.
يحوي الجهاز العصبي للقلب على 40,000 خلية عصبية حسية. أحدُ أدوارها هو رصد هرمونات القلب والمواد الكيميائية العصبية ومعدّل ضربات القلب ومعلومات عن الضغط. وتُرسَل المعلومات الخاصة بكيفية تصرُّف هذه الكيميائيات إلى الدماغ.
يبقى القلب والدماغ في تواصلٍ دائم من خلال الجهاز العصبي المُبهَم والحقل الإلكترومغناطيسي للجسد. إنه ومن خلال هذا التواصل الحيوي، يصبح بإمكان وعي القلب تغيير كيفية تحليل الدماغ للمعلومات.
بإمكان هذه العملية التأثير بكيفية تدفُّق الطاقة في الجسد أيضاً.
تشيرُ هذه الإكتشافات جميعها إلى أنّ القلب يعمل مع الدماغ والجسد إضافة إلى “الكتلة التي على شكل لوزة الموجودة عميقاً داخل الدماغ”، لأجل معالجة العواطف ودمج الذكريات العاطفية.
إنّ هذه الكتلة الموجودة عميقاً داخل الدماغ على شكل لوزة والمسماة “آميغدالا” هي ذلك الجزء من الدماغ الذي يساعدنا على اتخاذ القرارات بخصوص المعلومات الواردة ومن ثم تحليلها بناءً على تجاربنا الماضية. يُظهِرُ هذا همزة وصل بين العواطف والمشاعر وبين فسيولوجية الجسد والدماغ الحقيقي. كما أن التوتر ومواقف ذهنية أخرى تؤثر في الجسد وعلى صحتنا بشكلٍ عام وبإمكان إرجاع هذه المشاكل إلى القلب أيضاً.
وقد أعلَنَت الأبحاث العلمية مؤخراً بأنّ عواطف الغضب والقلق وغيرها من الأحاسيس السلبية بإمكانها أن تعرِّض صاحبها بشكلٍ خاص لخطر الإصابة بمرض القلب. لذا تؤثِّرُ حالات التوتر ومستويات القلق العالية في القلب كعضو بطريقةٍ سلبية.
وقد ظهرَ بأنّ العواطف المُختَبَرة ذهنياً سوف تتجسّد مادياً أيضاً من خلال الجسد، وبأنّ المشاعر قادرة على التأثير في إيقاع وضربات القلب.
إنّ أفضل طريقة للإحتفاظ بقلبٍ سليم ومُعافى لا تتمثّلُ فقط بتناول طعامٍ صحيّ، بل بدخول عالم التأمُّل لأجل موازنة طاقة القلب والدماغ.
لماذا القلب هو حامِلُ مفتاح السّلام العالمي:
يساعد القلب على فَهم العالَم من خلال الإحساس، إذ يُمكِّننا من فَهم حقيقتنا بشكلٍ كوني مانحاً إيانا خصائص كونية.
كما ويساعدنا مولِّد الحقل الإلكترومغناطيسي البيولوجي هذا على فَهم بعضنا على المستوى العاطفي وأبعد مانحاً إيانا إحساس الوصل بكلّ شيء وكل إنسان.
هذا الوصلُ هو ما يَخلقُ رابطة الوِحدة بين الأفراد. ولأجل هذه الأسباب، يحملُ القلب البشري مفتاح توحيد البشر أجمعين.
حينما نتعلم كيف نتصرف ونفكر من خلال قلوبنا يسهُلُ علينا فَهم الآخرين وبالتالي يغدو تحقيق السلام حول العالم أسهل بكثير.