Tuesday, 21 February, 2012
أمير السلفية الجهادية يترقب مصالحة مع التيار الصدري
الصميدعي: سندخل الإنتخابات المقبلة بقوة والمالكي أنصفنا
رئيس هيئة إفتاء أهل السنة والجماعة مهدي الصميدعي
كشف رئيس هيئة إفتاء أهل السنَّة والجماعة مهدي الصميدعي عن جدية السعي إلى «جلسة رحمانية» مع التيار الصدري، مؤكداً عودته إلى العراق من أجل الإعمار والإصلاح، لافتاً إلى خوض تياره الإنتخابات المقبلة، وشدد على أنّ «السلفيين لا يكفِّرون أحداً من أهل القبلة».
أكد رئيس هيئة إفتاء أهل السنَّة والجماعة مهدي الصميدعي في مقابلة خاصة مع "إيلاف" أن الحركة السلفية أخذت على عاتقها مشروع الإصلاح والبناء في العراق، بعد خروج القوات الأميركية، مضيفًا "سنشترك في الانتخابات المقبلة بقوة"، ورأى أن حلّ قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتهم بالإرهاب يكمن في تشكيل لجنة من العلماء الشيعة والسنَّة تدرس القضية، ثم تعلن نتائجها للشعب العراقي بالحق.
هناك الكثير من المواطنين البسطاء عندما تصل إلى أسماعهم لفظة (السلفية الجهادية) أو أمير السلفية الجهادية أو المصالحة مع الفصائل المسلحة تقفز إلى ذهنهم كلمة الإرهاب كمرادف للسلفية، فكيف تفسّر المعنى الحقيقي لمسيرتك والغرض الأساس الذي جعلك تعود إلى العراق؟
السلفية تنسب إلى السلف، فيجب أن نعرف من هم السلف، إذا أُطلق عند علماء المسلمين، فالسلف "هم أهل القرون الثلاثة، الذين شهد لهم رسول بالخير في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي.
والسلفية تيار إسلامي ومدرسة فكرية سنية تنتمي إلى هذا السلف، وتدعو إلى العودة إلى "نهج السلف الصالح"، كما يرونه، والتمسك به باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل، والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف.
والسلفيون يؤمنون بوحدانية الله، وهم متفقون على أن للإيمان أصلاً وفروعًا، وأن الإيمان لا يزول إلا بزوال أصله، لذا فهم لا يكفِّرون أحداً من أهل القبلة بذنب، ولا معصية، إلا أن يزول أصل الإيمان، ولا يوجبون العذاب ولا الثواب لشخص معين إلا بدليل خاص.
والسلفية ليست حزبًا أو جماعة، وإنما هي منهج رباني قرآني ونبوي بفهم السلف الصالح، وعلى رأسهم رسول الله، ثم الصحابة والتابعون، ثم من سار على دربهم إلى يوم الدين.
أما اتهام بعض المنتسبين إلى المنهج السلفي بالتشدد، فهذا هذا حق لا أنكره، ولا يجوز أبدًا أن نخالف الحق والحقيقة، وقد يكون هذا التشدد ناتجاً من عدم فهم البعض للأدلة القرآنية والسنة النبوية هذا من ناحية، وعدم تحقيق مناطات الأدلة العامة والخاصة من ناحية أخرى.
ويزول هذا التشدد بالعلم والتجرّد، وهذا هو أنجع علاج أصفه لنفسي ولإخواني، الذين يتشددون في أي موقف من المواقف.
أما الاختلاف، الذي يجب أن ننكره جميعًا، فهو الاختلاف في الأصول. أما الاختلاف في الفروع ومسائل الأحكام فهو أكثر من أن ينضبط.
أما مسيرتي فأنا نشأت وترعرت في عائلة بسيطة، كان والدي عالماً فقيهاً شافعياً، يدرس في بيته، ويؤمّ الناس في جامع الصويرة الكبير، ثم جامع مشروع المسيب الكبير، حتى توفي سنة 1976 بمرض خبيث.
وأنا كنت آخذ منه العلم، حتى دخلت المدرسة الإسلامية، وتخرجت من كلية الدراسات الإسلامية، وطلبت العلم من مشايخ كالشيخ الدبان – والشيخ عبد المجيد شقلاوة – والشيخ عبد الجبار النقشبندي – والشيخ محمد المصري وشقيقه ياسين – وأجزت من الشيخ زهير الشاويش بكل كتبه ومؤلفاته – وكذا الشيخ محمد صالح الفرفور من علماء الشام والشيخ الدكتور خالد الجميلي – والعلامة عبد الكريم بياره – والشيخ صبحي السامرائي وغيرهم.
أما عودتي الى العراق فكانت مرتبطة بخروج قوات الاحتلال، ولما حصل المراد واُخرج الاحتلال، عدت لإكمال المسيرة في البناء والإعمار وإصلاح ما أفسده الاحتلال.
إذا ما رُبط اسمك والحركة، التي تنتمي إليها، بعمليات إرهابية في العراق من قبل جهات رافضة لوجودك من أجل خلق عقبات في طريقك، هل ستعود إلى الهجرة مرة أخرى؟
الضبابية، التي كانت تغطي الأمور والوقائع التي كانت تحدث في العراق، أصبحت واضحة أمام الجميع، واسمي تاريخه يشهد أنه لم يكن في يوم من الأيام سببًا لانتهاك حرمة أحد من العراقيين، والحقيقية واضحة بأنني كنت أشد الناس حرصًا على الذمة العراقية.
أما الحركة السلفية فقد أخذت على عاتقها مشروع الإصلاح والبناء، ورفضت التعامل المسلح بعد خروج الاحتلال. أما الذي يختلق علينا العقبات فالله حسيبه، ولسنا بدلاء ولا أعداء لأحد، وثقتنا بالله ثم بالقائمين على القضاء بأن الظلم والقهر والإدعاءات الباطلة والكاذبة سترفع من العراق، ويعمل (القضاء) على مبدأ العدل والأمان، واعتماد القضاء على المعلومة الدقيقة والبينة الصحيحة الظاهرة.
هل هناك مخاوف على حياتك داخل العراق، لاسيما بعدما انضممت إلى المصالحة الوطنية، ودعوت الجهات المسلحة إلى خفض سلاحها والإنخراط في عملية بناء الوطن؟
العراق يمر بمرحلة مضطربة، تضيع فيها الحقوق، ويستهان فيها بالحدود، وبما أنه لا تزال هناك بعض الاختراقات، فنعمل جاهدين في الحفاظ على أمننا واستقرارنا، رغم ثقتنا بالله وإيماننا بالقضاء والقدر – ولعل بعض الناس ممن بنى دينه وحياته على القيل والقال يتغرر بما يسمع من الإعلام أو مما ينقله مروّجو الفتن ومثيرو العداوة بين الناس.
فيندفع ممن لا يتورّع في مسائل الدماء، ويعتدي عليّ أو على غيري، فالحذر واجب، يبقى في تقديري أن الكثير من الناس قرأ الوضع في العراق، ولم نأت بجديد، وإنما نريد استكمال مسيرة الجهاد والمقاومة بالبناء والإعمار، بعدما قدمنا تضحيات كبيرة، ودفعنا دماء غالية من أجل هذا الوطن، حتى طرد الاحتلال، فيجب أن تستقر الأمور.
هل سنشهد عملية مصالحة مع التيار الصدري والتكاتف في سبيل الخروج من الأزمات السياسية والابتعاد عن مسلسل الطائفية والصراع ما بين السنة والشيعة؟
إن شاء الله، نحن جادون في العمل، ولدينا ثقة مطلقة من الله العلى القدير، بأن تسير الأمور نحو جلسة رحمانية، تجمع الشتات، بعدما فرّقته الفتن ولوّثت المعالم الحقيقية لحياة هذا الشعب الطيب الأحداث، التي وقعت بسبب تواجد المحتل، وقد قدمنا دراسة مستفيضة في فقه الواقع والأحداث، وربطناها بتاريخ المسلمين لوجود علاج فعال يقضي على هذه الخلافات.
هل هناك خطط من جانبكم لدخول الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
نحن سندعم كل شريف وغيور، وسيبقى رجال المقاومة هم الصابرون أصحاب الذمة الذين ندفعهم إلى الانتخابات، وسنشترك بقوة، ونعاهد الله ثم شعبنا على أننا سنهيء الرجال الأوفياء والشرفاء، ولا نعطي صوتنا إلا لمن نراه مؤهلاً، يحمي وحدة العراق ويحفظ الحقوق ويحمي الحدود.
دعوت الفصائل المقاومة إلى حضور مؤتمر لـ (أهل السنة) بعنوان يوم الوفاء للمقاومة أخيرًا، وتكلفت بنفقاته، فهل كان ذلك من حساب رئيس الوزراء نوري المالكي؟ وما الغرض من هذا المؤتمر، وما هي أبرز محاوره والأمور التي طرحت فيه؟
نعم عقد المؤتمر، وكان الحضور فيه نوعيًا، حضرت فيه شخصيات عالية المستوى من رجال المقاومة، وكذلك شخصيات عشائرية وأكاديمية، وأبطال ممن كانت لهم الصولة الأولى واليد الطولى في قتال القوات الأجنبية.
والحكومة هي راعية لمشروع المصالحة، ومن المؤكد أن أي عمل يخدم وحدة المجتمع ويقضي على مخلفات الفتنة والطائفية، لا بد أن تكون الحكومة راعية له، وهذا من واجبها، فهي تمثل شخصية الشعب، والمؤتمنة على تهيئة مستلزمات الراحة والأمن والاستقرار.
الكثيرون يتساءلون عن سبب دخولك المصالحة الوطنية وانضمامك إلى العملية السياسية التي يترأسها المالكي، بالرغم من أنه أحد الاطراف التي كانت موافقة على وجود ما تسمّيه بالقوات المحتلة، دفاعك عن مواقفه الآن كيف تفسره؟
الذي يدهشني أن العراق لايزال تحت ضغوط وعقلية النظام السابق، ولا تزال الدكتاتورية تعشعش في عقول حتى المفكرين من المجتمع وحتى الإعلام، الذي يدّعي التحرر، لماذا أي عمل خير نربطه بالسياسة أو بشخصية معينة؟.
ونحن أكدنا مرارًا أننا رفضنا الاحتلال ووجود الأجنبي في العراق، وإذا كان رئيس الوزراء ليس عراقيًا، فلماذا انتخبه الشعب العراقي؟.
نحن نتعامل معه كعراقي، له أسوة كغيره من العراقيين، ونحن أغلقنا ملفات كثيرة، لماذا تفتح على السيد المالكي، ولم تفتح على علاوي والمطلك والجلبي والهاشمي.
حول ملف الأزمة الخاصة بنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، ما السبل الكفيلة بحل الأزمة بعيدًا عن الانجرار وراء التخندقات الطائفية؟
أنا أرى الواجب تدخل العلماء والتحاكم إلى الشريعة، ونحن بلد مسلم، والقرآن وجهتنا في حل الخصومات والمنازعات، ونعمل ضمن ضوابط الشرع، ونستبدل النبذ والسجالات، وتدخل دول خارجية التي قد تحدث بسبب تدخلها عداوة وبغضاء بين الدولتين، وبالنتيجة لا تحلّ الخصومات، ونغلق بابًا كبيرًا يجرّ الأمّة إلى أمور غير طيبة.
وأرى أن تشكل لجنة من العلماء الشيعة والسنة تدرس القضية، ثم تظهر أمام الشعب العراقي لتدلي بالحق، ويومها لا يتدخل أحد، ولا تكون القضية شخصية، وإنما هي قضية الشعب العراقي بكامله.
يرى الكثير أن دعوة رئيس الوزراء (الشيعي) في هذا الوقت تحديدًا في ظل وجود أزمة الهاشمي (السني)، الفصائل المسلحة إلى المصالحة الوطنية وحضرتك إلى التواجد في العراق هو لضرب خصومه السنة وتفريق صفوفهم .. ماردك على هذا؟
ليس الأمر كما تظنون، وإنما هي قضية حقوق، والله سبحانه وتعالى أراد أن يعيد حقوق من قاتل لأجله ونصر دينه ودافع بماله ودمه عن حقوقه المعلومة، فهدى قلب السيد المالكي ليرد الاعتبار، ويؤدي الحقوق، ويعطي كل ذي حق حقه.
وهذه القضية كونية، والهداية من الله، وليس لأحد فيها يد، لاسيما وأن هناك حقوقًا كثيرة للمقاومة حتى الآن، لم تؤدّ، فلا علاقة لموضوع المقاومة بأحد، وليست هي ورقة ضد أحد، فنرجوا أن يأخذ القانون والقضاء حقه، وترجع الوحدة الوطنية، التي تعتبر المقاومة الركيزة الأساسية فيها.
ايلاف