بسم الله الرحمن الرحيم
كيف حالكم دررنا
مع دخول فصل الشتاء
يقفز الى ذهني بعض او الكثير من الحكايات التي حصلت معي في مدرستي السابقة
في بداية توظيفي عيّنت في منطقة فقيرة
لا مشكلة الفقر ليس عيبا ومع هؤلاء يمكنني ان ازرع الكثير من الثقة المفيدة لهم في انفسهم
لكن المشكلة لم تكن مع الفقر فقط
هناك اكتشفت انه لما يتزاوج الفقر والجهل سيولد البؤس
نعم لا مشكلة في الفقر مادمنا نتكافل ونتضامن ضده
لا مشكلة في الجهل ما دمنا نحاربه بالعلم والمعرفة
لكن ان تواجه البؤس؟ هذه معركة لم يخطر ببالي ان اقف في مواجهتها
كريم طفل توام جميل وواثق جدا كنت اناديه بالمهندس
كان دقيقا للغاية وذلك يعجبني
يمسك المسطرة بشكل جيد
ويخط بها خطوطا دقيقة لا اعوجاج بها
كان دقيقا في الحساب يبطئ قليلا لكنه لا يقدم الا نتيجة صحيحة
وكان ذلك يثلج قلبي
كان كريم من عائلة كبيرة جدا جدا جدا
ووالده ليس له دخل ثابت
وهذا ماكان يدعوني دائما للتساؤل
- نعم كل شخص يولد في هذه الحياة ياتي رزقه معه ... لكن تكاليف الحياة صارت اصعب والعناية بالاولاد تحتاج وقتا اكبر اما صرف المال والجهد والوقت على عشرة فلن يفيد مطلقا
المهم تسوقت يوما وشاهدت والد كريم يبيع الجوارب في السوق فحييته وكانت معي صديقتي
فقلت لها انه والد طفلين يدرسان عندي وكانت هي تعمل معي
فرمت في اذني امرا اشعل فضولي
قالت لي : انظري والده يبيع الجوارب وانا متاكدة ان لا احد من ابنائه يرتدي جوربا في هذا البرد القارص
لم يكن بامكاني ان اصدقها
فذلك اقل شيء يمكن ان يقدمه هذا الوالد المسكين لابنائه
لما عدت الى القسم كان اخو كريم يرتدي حذاء جيدا فقد كان يعيش عند جدته اما كريم فكان يرتدي بوط ( جزمة بلاستيكية)
بالحاح من فضولي اللعين كنت مصرة على رؤية ان كان يرتدي جوربا لان هذا النوع من الجزمات لا يمكن ان يلبس دون جوارب
حاولت دفع فضولي لكنه ظل يلح علي
في النهاية قررت ان اجعله يصمت
تركت للتلاميذ انجاز بعض التمارين
وقمت بدعوة كريم الى اخر القسم حيث المدفئة وطلبت منه ان يدفئ جسمه
ففعل وهو يبتسم ابتسامة محتشمة
بعدها طلبت منه ان ينزع بوطه لكي يسخن رجليه
لكنه رفض
واصررت
وتمنع
واصررت
وظل يتمنع
وزاد اصراري وفي الاخير استجاب لطلبي
ونزع بوطه بصعوبة
وهناك صدمت بشدة
ونسيت امر الجورب
لم يكن هناك جورب نعم
لكن الاسوا ان حذاء كريم كان دون حافر
لقد كان يضع رجله على الارض في كل خطوة يخطوها في هذا الجو البارد
ظللت مصدومة لما افقت كان كريم قد عاد الى مكانه يضحك ويلعب مع اصدقائه
عاد ليدرس وعدت لأتساءل هل الحروف والارقام التي اعلمه اياها
الحكم والمعارف و التجارب التي نوصله له ولامثاله
هل هي كافية؟؟ هل حقيقة العلم يمكن ان يغير من مستقبله الى الافضل
ماذا عن العدالة؟
ماذا عن الفرص؟ ماذا لو درس ونجح وسرق احد ابناء الاغنياء الفاشلين فرصته فقط لانه يملك اكثر مما يملك هو من المال
ويصمت لساني لكن عقلي لم يصمت