ديفيد جيلز وتيم برادشومن لندن
بدأت فيسبوك أخيراً تتعلم لغة صناعة الإعلان. فهي الآن تمنح الجوائز، وما جائزة ستوديو فيسبوك التي سيتم منحها في غضون أسبوعين للوكالات والعلامات التجارية التي يرى حكام فيسبوك أنها تستخدم الشبكة الاجتماعية بشكل فعال، سوى محاولة للتودد إلى شارع ماديسون في نيويورك، الذي تستقر فيه معظم شركات الإعلان الأمريكية.
إذا أرادت فيسبوك تبرير قيمتها السوقية التي من المتوقع أن تصل إلى 80 مليار دولار حين تُطرح للتداول هذا العام – فإن علاقاتها مع وكالات الإعلان بالغة الأهمية في هذا المجال، لأنها تعتمد على الإعلانات في الحصول على 85 في المائة من إيراداتها. ومع أن هذه النسبة آخذة في الانخفاض، مع قيام فيسبوك بتنويع مصادر دخلها، إلا أنها تعترف بأن الإعلانات ستظل مصدر دخلها الرئيسي في المستقبل المنظور.
وبحسب شركة إي ماركتر، ستبلغ حصة فيسبوك من الدعايات الأمريكية على الإنترنت هذا العام 20 في المائة. وهي تتفوق بذلك على كل من جوجل وياهو اللتين تبلغ حصة كل منهما 12 في المائة. إلا أن فيسبوك لا تزال متخلفة عن جوجل فيما يتعلق بإجمالي إيرادات الإعلانات على الإنترنت، حيث ستحصل على نسبة متوقعة هذا العام تبلغ 8 في المائة، مقارنة بنسبة جوجل البالغة 45 في المائة، بما في ذلك عمليات البحث.
ونشاط فيسبوك المتزايد مع وكالات الإعلان يشير إلى منحنى تعليمي حاد. فقد وظفت كارولين إيفرسون، وهي من كبار المسؤولين التنفيذيين للإعلانات في مايكروسوفت، وجعلت مقرها في نيويورك، ما يظهر التزاماً جدياً بشارع ماديسون، كما يقول المحللون. وستقيم هذا الشهر لقاءً في نيويورك يضم المسؤولين التنفيذيين عن التسويق، ويتوقع أن تعلن عن وسائل جديدة للإعلان.
إلا أن شعار ''تحرك بسرعة واكسر الأشياء'' الذي تسخدمه فيسبوك يثير أحياناً استياء المسؤولين التنفيذيين المهذبين في صناعة الإعلان. وقد أحدثت فيسبوك في كثير من الأحيان تغييرات جذرية في موقعها دون تحذير الوكالات أو العملاء، ما جعلهم يعانون لجعل الصفحات تفتح، كما يقول ديفيد جونز، الرئيس التنفيذي لمجموعة هافاس لخدمات التسويق.
ويقول جونز: ''بالطريقة نفسها التي تعلموا بها من التعامل مع المستهلكين، تعلموا أن يكونوا ودودين مع الوكالات. هناك روح ابتكار حقيقية (...) وأي مشاكل مع فيسبوك في الوقت الحاضر تتعلق بمرورها في مرحلة حياة معينة أكثر مما تتعلق بالمواقف نحو الآخرين''.
ولا تزال هناك اعتراضات بشأن موارد فيسبوك – وغطرستها. مع ذلك، يقول عديد من المسؤولين التنفيذيين عن التسويق إنها أصبحت في العام الماضي أكثر ترحيباً بهذه الاعتراضات وأكثر استيعاباً لها - في تناقض واضح مع جهود جوجل حين كانت شركة البحث في مرحلة مماثلة في تطوير الشركة.
في عام 2004، حين كانت جوجل على وشك البدء لأول مرة في سوق الأسهم، كانت تشتهر بمحاولة تجنب الوكالات والتحدث مباشرة مع العملاء. وقد غيرت جوجل منذ فترة طويلة هذا التكتيك وأصبحت تسعى للحصول على حصة أكبر من ميزانيات الإعلام الواقعة تحت سيطرة الوكالات، وتعتبر الآن ''المعيار الذهبي'' بين شركات التكنولوجيا في علاقتها مع الوكالات، كما يقول جونز.
ويبدو أن فيسبوك، التي توظف العديد من موظفي جوجل السابقين، تعلمت من هذه التجربة. فالوكالات والعملاء يصطفون الآن للذهاب إلى مكاتبها في وادي السيليكون.
ويقول كيرت هيشت، رئيس الوحدة الرقمية في بابليسيس جروب: ''إنها الصبي الجديد في الحي ولها جمهور واسع النطاق والكل يريد فهمها''. وعلى الرغم من الاهتمام الكبير، لم تبتكر أي صيغة إعلانية فائزة مماثلة لنظام الدعاية آد - ويردز الذي تستخدمه جوجل، الذي حقق نجاحاً بالفعل حين تم طرحه للتداول.
وتختلف إعلانات فيسبوك عن لافتات الإعلان التقليدية على الإنترنت. فالعديد من الشركات تستخدم إعلانات فيسبوك لدعم أعداد المعجبين لصفحات علاماتها التجارية. وتنطوي غيرها على مكونات إبداعية تشجع مستخدمي الشبكة الاجتماعية البالغ عددهم 850 مليونا على تبادل الإعلانات مع الأصدقاء.
ويقول ديفيد سيبل، أحد حكام جوائز استوديو فيسبوك، والرئيس التنفيذي ليونغ آند روبيكام، الوكالة التي من ضمن عملائها باناسونيك وكرافتسمان: ''لا يتعلق الأمر فقط بالطريقة التقليدية في الترويج. بل بما يحدث حين يتم تبادل الإعلان، ثم يقوم شخص آخر بتشاركه مع آخرين''.
وتحاول فيسبوك دفع الوكالات لتذهب إلى أبعد من السعي للحصول على عدد الذين يضغطون على زر Likes ''أحب'' أو fans ''المعجبين'' لمصلحتها. ''ماذا لو كان لدى شركة معينة عشرة ملايين معجب؟ السؤال هو ما تنوي القيام به لتفعيل تلك المجموعة'' كما يقول سيبل. وقد طورت شركة تامز، التي تصنع مضادات الحموضة، لعبة بسيطة تسمح للمستخدمين برمي الطماطم الافتراضية على صور أصدقائهم، بدلا من مجرد إضافة المعجبين إلى صفحتها على فيسبوك.
هذا الشكل غير التقليدي من الدعاية يتطلب مهارات لم تتمكن منها بعد جميع الوكالات – وهي مخاطرة كبيرة، كما ذكرت فيسبوك في الطلب الذي تقدمت به للموافقة على طرح أسهمها للاكتتاب العام. وقالت: ''ربما تنظر شركات الإعلان إلى بعض منتجاتنا، مثل القصص المدرجة تحت الرعاية والإعلانات التي تشتمل على سياق اجتماعي، على أنها تجريبية ولم تثبت جدواها بعد''.
وعقدت فيسبوك شراكة مع شركة نيلسن، المتخصصة في الدعاية والإعلان، من أجل تطوير نظام يهدف إلى تحسين قياس نجاح الحملات الدعائية. لكن في الوقت الذي تسعى فيه لتحقيق التوازن بين وعدها بإضفاء الطابع الشخصي مع قوة التواصل مع الآخرين، فإن كل ما تفعله كثير من شركات الإعلان هو الانتظار والرجاء بأن تتحول إلى الشكل الإعلاني المتشعب غزير الانتشار.