بنو برزل المسيليون
قد يحتاج الأمر الى دراسة معمقة .. ولكن هذه المقتطفات
فيها من التأمل ما سنتطرق اليه في القريب من أجل
كشف بصيص من النور على حضارة لاتزال في
حاجة الى التنقيب التاريخي .
أستاذ التاريخ الدكتورابراهيم فخار،
توصل علميا إلى أن اسم (البرازيل)
لاوجود له في أية لغة من لغات العالم،
بما فيها اللغتان البرتغالية والإسبانية،
ماعدا اسم ( بني برزل أوالبرازلة )
القاطنين بولاية المسيلة وضواحيها.
بسبب نشوب عدة حروب داخلية طاحنة
قبلية وطائفية عرفتها تلك المناطق في حقبة
زمنية معروفة، هاجرت هذه القبيلة إلى الأندلس
هروبا من تلك الفتن المشتعل أوارها،
ثم استقرت بالبرتغال،
ثم لجأت إلى بعض الجزرالواقعة
على ساحله الغربي بالمحيط الأطلسي،
ما تزال آثارهم بمغارات تلك الجزر قائمة إلى
حد الآن، ثم تاهت بهم السبل في عرض
المحيط الأطلسي، فوجدوا أنفسهم قد رسوا بسفنهم
على شاطيء أرض جديدة بكر، لم تطأها قدم من قبل،
فأطلقوا اسم قبيلتهم ( البرازيل) عليها.
الإشارات النادرة في بعض المخطوطات
تجعلنا نميل إلى أن اسم برازيل نفسه يرجع
إلى اسم القبيلة البربرية المسيلية بني برازل
أو البرازلة الذين هاجروا من المسيلة
(الجزائر) في القرن 10 م إلى الأندلس
ومنه أيام ملوك الطوائف إلى امريكا
حيث انتهى بهم المطاف في برازيل.
من هم بنو برزال؟
يقيم بنو برزال في ولاية جيان ، بالجنوب الشرقي من الأندلس بعد أن أقطعها لهم أحد ملوك الطوائف ، وهو سليمان المستعين ، وذلك في إطار سياسة ترمي إلى تشتيت شمل البربر ، وإبعاداً لهم عن مدينة قرطبة (1) ؛ وذلك في عهد دولة بني مناد ؛
ثم أن الوزير " الناية" قدم بني برزال في شؤون الدولة وأخر قبيلة صنهاجة ؛ واستمر الأمر على ذلك إلى أن قامت إمارة بني برزال في قرمونة ، الواقعة في منحنى الوادي الكبير بين إمارة قرطبة ومملكة إشبيلية . وكان بنو برزال ينتمون إلى بني يفرن الذين هم بطن من بطون زناتة وكانوا يقطنون بالمغرب الأوسط بأرض الزاب الأسفل والمسيلة ؛ وكانت الدولة الأموية تستعين بقبيلة زناتة ضد خصومها الشيعة ، وكان خصوم الشيعة في نفس الوقت جعفر ويحيى ابنا علي بن حمدون الأندلسي صاحب مسيلة وما جاورها ؛ فلما اضطرمت الحرب بين زيري زعيم صنهاجة وأولياء العبيديين الشيعة من جهة وبين زناتة وحلفائهم من جهة أخرى وهزمت صنهاجة وقتل كبيرهم زيري بن مناد سنة 360هـ هاجر جعفر ويحيى في الأهل والأصحاب والمال إلى الأندلس خوفاً من انتقام صنهاجة ، وهناك قاما بخدمة الحكم المستنصر وكان لهما حفظ دولته . ولما استطالت صنهاجة على المغرب الأوسط ، شعر بنو برزال باشتداد وطأتها عليهم فكتبوا إلى جعفر بن علي المذكور على أن يسعى في عبورهم للأندلس ، وان يقيموا في كنف الخليفة الحكم .فعمل جعفر على تحقيق رغبتهم ، ووصفهم لدى الخليفة بالشجاعة والانقياد للطاعة ، فأذن لهم بالجواز والعبور إلى دولته ، فانتظموا في سلك الجيش واستمروا كذلك إلى أن تولى كبيرهم الحاجب أبو عبد الله ابن عبد الله بن برزال حكم مدينة قرمونة واستقر بها أهله وصحبه إلى أن وقعت الفتنة وانتثر عقد الأندلس ، فاحتفظ كل حاكم بالمدينة التي يحكمها وضبط شؤونها ، وهنالك دعا أبو عبد الله هذا وأعلن نفسه ملكاً على قرمونة ،وذلك في سنة 400هـ أو 404هــ واستبد بحكمها وإدارة أحوالها وترتيب جندها ، وتقول الروايات انه سار في حكمه سيرة حسنة ، وعامل الرعية بالرفق والعدل ، فمالت إليه النفوس وعمرت قرمونة وسادها الأمن ، وبايعته مدن أحرى ، وغدت قرمونة بذلك إمارة خطيرة لها أهميتها في تلك المنطقة ، وكانت قرطبة ، ثاني الإمارات البربرية . توفى أبو عبد الله البرزالي سنة 434هـ وخليفة ولده الأكبر إسحاق بن محمد وهو في سن الكهولة ويصفه المؤرخون بأنه كان رئيساً حازماً وافر الكفاية والبأس والفروسية ولكن دون أبيه في القسوة والفظاظة وكان كلاهما موصوفين بالعفة والنزاهة والبعد عن آفات الملوك الشائنة. ثم خلف أخوه عزيز الملقب بالمستظهر ، وسلك سلوكاً حميداً وبايعت له البلاد التي كانت تحت أبيه ، وساد الأمن والرخاء في أيامه ؛ ولكن الأمر لم يدم طويلاً فقد بدأ المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية في مضايقته وأرهاقه بغزو أراضيه وأنتساف زروعه ، واستمرت المعارك بينهما أعواماً ، وهلك عدد كبير من البربر واضطربت الأحوال في مملكة قرمونة ، وعندئذ بعث العزيز إلى صاحب طليطلة يعرض عليه أن يسلم له قرمونة ، وذلك نكاية في ابن عباد صاحب إشبيلية على أن يعوضه بدلاً منها قسماً من أراضيه الجنوبية ، فقبل المأمون هذا العرض ، وانتقل العزيز بأهله وأمواله إلى حصن المدور شمالي استجة من أرضه وعاش هناك حتى أدركته المنية .وبعد مناورات وفتن بين أمراء الطوائف ، انتهت دولة بني برزال الإباضية باستيلاء ابن عباد على قرمونة سنة 459هـجرية ، بعد أن دامت 54عاماً (2).
ويلاحظ هنا أن ابن حزم الأندلسي يؤكد على أن بني برزال إباضيون (3) أما ابن خلدون فيقول عن بني برزال الموجودين بالمغرب الأوسط انهم نكارية(4). ومهما يكن من أمر فإن النكارية طائفة منشقةعن الإباضية سنة 171هــ عند مبايعة الإمام عبد الوهاب ؛ واشترط أبي قدامة بن فندين شرطاً في البيعة وهو ألا يقضي الإمام في شيء من أمور المسلمين دون مشورة جماعة مخصوصة من الناس وتفصيل المسألة في غير هذا الموضع (5).
—————————————-
(1) دول الطوائف ص498.
(2) دول الطوائف ص497ـ148ـ149.
(3) جمهرة الانساب 498.
(4) تاريخ ابن خلدون ج4 ص91.
(5) الإباضية بين الفرق الإسلامية ص258.
قرمونة
قائمة الحكام
عبد الله بن إسحاق البرزالي
1012 / 1023
محمد بن عبد الله بن إسحاق البرزالي
1023 / 1042
إسحاق بن محمد
1042 / 1052
المستظهر العزيز بن محمد
1052/ 1066
دخول بني عباد أمراء إشبيلية
منقول