تسعى شركات السيارات العالمية دائماً إلى تلبية رغبة عملائها وإشباع أذواقهم المختلفة من خلال تقديم العديد من الموديلات للسيارة الواحدة، فهذا يعمل بوقود الديزل وذاك بوقود البنزين وموديل آخر يتمتع بمعدلات أكثر رياضية.
ولم تكن هذه الاختيارات متاحة مع أول سيارة في التاريخ يتم إنتاجها على نطاق واسع؛ فالموديل T من فورد تم إنتاجه بلون واحد فقط، ألا وهو اللون الأسود؛ حيث انصب اهتمام هنري فورد على الجانب التقني بشكل كبير على حساب التسويق المتنوع.
وعلى الجانب الآخر نجد اتجاهاً معاكساً لفلسفة أسطورة صناعة السيارات الأمريكية؛ حيث أوضحت دراسة لمركز بحوث السيارات (CAR) بجامعة دويسبورغ -إيسن أنه يوجد في ألمانيا حالياً أكثر من 3000 موديلاً مختلفاً بحسب الشكل أو المحرك، مع وجود تشابه كبير بينهم من حيث الجوانب التقنية.
وقد تبنت مفهوم تنويع الموديلات أيضاً شركات لا تنتج أعداداً ضخمة من السيارات، مثل بورشه الألمانية وميني البريطانية؛ فمع انضمام الموديل GTS إلى طراز 911 الرياضي تقدم الشركة الألمانية 19 موديلاً مختلفاً من أيقونتها الشهيرة.
وفي تعليق له على ذلك أشار أندرياس بروبستله، مدير تطوير طراز 911، قائلاً: "إننا بهذا التنوع الكبير نلبي جميع الرغبات والاحتياجات الشخصية لكل عملائنا".
التنوع كلمة السر
وتقدم ميني أيقونتها الصغيرة بسبعة موديلات مختلفة مع باقة تضم 47 محركاً، علاوة على خمسة موديلات أخرى من العلامة John Cooper Works التابعة لها.
وتخطط الشركة التابعة لمجموعة بي إم دبليو الألمانية لطرح المزيد من الموديلات الأخرى خلال العام 2015 القادم، ويؤدي هذا التنوع إلى جذب المزيد من العملاء، وعلى ما يبدو فإن كلمة "التنوع" هي كلمة السر في عالم السيارات.
ويتوقع شتيفان براتسل، مدير مركز السيارات بمعهد الاقتصاد بمدينة غلادباخ الألمانية، بأن يزيد الاتجاه نحو التنوع الكبير في الفترة القادمة، وهو الحل الأمثل لاجتذاب المزيد من العملاء في ظل السوق الزاخر بالعديد من الموديلات.
وعلى جانب التكلفة فإن المنصات المتطابقة ونظام الوحدات التركيبية تقدم هي الأخرى حلولاً عملية لتقليل النفقات.
ويرى براتسل أن الموديلات الجديدة تضمن للشركات المنتجة أن تبقى موديلاتها ضمن المنافسة؛ فكلما زاد حجم الإنتاج، زاد معه التنوع في الموديلات المطروحة منه وهو ما اتضح في الأيقونتين 911 وميني.
ضياع الهوية
ويرى باولو تومينيللي، البروفيسور بالمدرسة الدولية للتصميم بمدينة كولونيا الألمانية، أن فلسفة التنوع في الموديلات منهج لا يخلو من مخاطر؛ فعلى الرغم من أن الشركات المنتجة يمكنها من خلال هذا التنوع تقديم العديد من الأشكال التي ترضي أذواقاً مختلفة وكذلك الانتظام في تقديم سيارات جديدة، إلا أن الهوية الرئيسية للسيارة قد تضيع وسط هذا الزخم والتنوع.
وأضاف تومينيللي أن نظام التصنيع المرن يقدم إحدى الإمكانيات لتقليل النفقات لدى التنوع الكبير في موديل ما.
ولكن هذا بالفعل سيكون له أثره على العميل؛ فعمليات التطوير والإنتاج والتسويق لا تتم بدون مقابل. ولم يعد هناك سيارة تجتمع بها كل الصفات المثالية من حيث الوزن والأداء والاستهلاك. وهنا يبرز دور المنصات المرنة كأحد الحلول الوسطى.
ومن خلال هذا المفهوم تتشابه غولف فولكس فاغن بقوة 85 حصاناً من حيث الوزن مع الموديل الذي ينطلق بقوة 150 حصاناً.
ومن الحلول الأخرى لخفض التكاليف المرتفعة استعارة بعض المكونات من الموديلات الكبيرة لاستخدامها في الموديلات الصغيرة؛ فسيارة الفئة الأولى من بي إم دبليو تعتمد على عناصر من الفئة الثالثة.
ويستثنى من ذلك السيارات التي لا تعتمد على مفهوم الوحدات التركيبية في إنتاجها مثل سيارة مازدا MX-5، التي يعتبرها تومينيللي أفضل من ناحية البنية والناحية التصميمية من تلك التي تعتمد على مفهوم الوحدات التركيبية.
وفي الوقت نفسه هناك العديد من السيارات التي تنال خصوصيتها من خلال الخيارات المتوفرة لها بالمقصورة الداخلية؛ حيث تقدم الشركات الفرش الداخلي ولوحة أجهزة القياس والبيان وبطانات الأبواب بألوان مختلفة.
ويشير براتسل إلى أن العديد من العملاء - على الرغم من ذلك - لا يرغبون في دفع المزيد من المال مقابل هذه التجهيزات الإضافية. عندئذ تكون الموديلات المدمجة والصغيرة هي الأنسب لهذه الفلسفة.
ويرى المكتب الاتحادي للنقل (KBA) أنه على الرغم من هذا لا يرغب كثيرون في الاختيار بين العديد من الموديلات، بل يفضلون اقتناء سيارة تكتسي باللون الأسود، مثلما كان الحال قبل 100 عام مع الموديل T من فورد.