مخلفات الحروب في العراق

تعتبر الأسلحة والذخائر غير المنفلقة والألغام من اهم مخلفات الحروب الأكثر خطورة على حياة السكان ويتميز العراق بنوع آخر هو الأخطر على الإطلاق وهو مخلفات قذائف اليورانيوم المنضب التي استخدمت لضرب الدروع في حرب الخليج الأولى عام 1991 والثانية عام 2003 , فما هي هذه القذائف وما هو اليورانيوم المنضب وما تأثيره على الإنسان والبيئة

اليورانيوم المنضّب
اليورانيوم معدن ثقيل واسع الانتشار موجود في الطبيعة بعدة أشكال كيميائية مختلفة في جميع أشكال التربة والحجارة والبحار والمحيطات. ويوجد في مياه الشرب والأغذية. كما يوجد في الأسمدة المستخدمة في الزراعة. ويعتبر معدل الاستهلاك اليومي من عنصر اليورانيوم حوالي 9 ،1 ميكرو غرام لكل يوم من الغذاء والماء والهواء المستنشق. كما يحتوي جسم الإنسان في المتوسط على حوالي90 ميكرو غرام من اليورانيوم.
واليورانيوم معدن شديد الصلابة وسام كيميائيا مثله مثل المعادن الثقيلة كالرصاص أو أي معدن ثقيل آخر حيث تتسبب هذه المعادن في مشاكل صحية إذا وجدت بكميات كبيرة داخل جسم الإنسان. ويستخدم اليورانيوم أساسا في توليد الطاقة النووية في المفاعلات النووية
- ويعد اليورانيوم المنضب أحد أسلحة الدمار الشامل المحظور استخدامها , وتحرمها العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية, بعد أن أكدت الدراسات وجود علاقة بينها وبين الإصابة بمرض السرطان. وكانت "الجمعية الملكية البريطانية " أصدرت تقريرا عن الأخطار الصحية لقذائف اليورانيوم المنضب, تدين فيه استخدامه, وتدعو الى إجراء دراسات شاملة عن كميات القذائف التي استخدمت في صربيا وفى العراق وأفغانستان.
- وجاءت تسمية اليورانيوم المنضب أو المستنفذ من كونه ناضب من الإشعاع أي خالي تقريبا أو إشعاعه مستنفذ تقريبا وهذا خطأ شائع، ولا يفرق اليورانيوم بين المدني والعسكري وهذا سبب آخر يتمسك به دعاة التحريم فقذيفة اليورانيوم تلحق أضراراً بالمدنيين وليس فقط بالأهداف العسكرية التي تطلق عليها. واليورانيوم المنضب لا يذوب في الماء وبالتالي يترسب على قاع المسطحات المائية باستثناء حالة التأكسد.
- كما يعد اليورانيوم من المواد الخطرة جدا على حياة الإنسان، وتكمن خطورته في أنه من المواد المشعة التي تتراوح نصف فترة إشعاعها مابين أربعة إلى خمسة بلايين سنة، ولها قابلية الانحلال والتفاعل مع المواد الأخرى. ويتعرض الإنسان إلى أضرارها، من خلال ملامسة الأجزاء الملوثة بها، أو استنشاق الغازات الصادرة عنها.

قذائف اليورانيوم المنضب
- لذخيرة اليورانيوم المنضب طاقة تفجيرية هائلة . وتستعمل ضد الدبابات والتحصينات وتخترق الفولاذ المسلح كما تخترق السكين الزبدة فالحديد يذوب من الحرارة العالية جدا وتستطيع قذيفة واحدة من اختراق ثلاث دبابات , وتستطيع قذيفة تحتوي على 1,5 طن من اليورانيوم من اختراق بناية عالية من قمتها إلى أسفلها قبل أن تنفجر.
- ينبعث من قذيفة اليورانيوم إشعاعات في خمس ساعات أكثر من معدل الإشعاعات المسموح به في سنه كاملة في الظروف المدنية
- كانت حرب الخليج الاولى عام 1991 المرة الاولى التي تستخدم فيها قذائف اليورانيوم بمقياس واسع في المعركة في جنوب ووسط العراق فقد أطلقت الطائرات والدبابات في أربعة أيام اكثر من مليون صاروخ يحتوي على ذخيرة اليورانيوم المنضب , استخدمت القذائف بعدها في كوسوفو وافغانستان
- وعندما يرتطم سلاح يحمل رأسا حربيا من اليورانيوم المنضّب بجسم صلب، مثل دبابة، فإنه يخترقها قبل أن ينفجر مشكلا سحابة مشتعلة من البخار، ثم يتحول إلى غبار محمل بالمواد الكيماوية السامة والأشعة النووية
- يتركز استخدم اليورانيوم المنضب عادة في رأس الذخيرة التي تستخدم لتدمير الدبابات. وفي الوقت الحاضر لا يوجد معدن بديل عنه ويحمل نفس الصفات الاختراقية. ويعتبر اليورانيوم المنضب رخيصا جدا ومتوفراً بكميات كبيرة جدا حتى ان مصانع الذخيرة تحصل عليه بأسعار رمزية. وهناك أكثر من 15 دولة معروفة تستخدم اليورانيوم المنضب في صناعة الذخائر منها:الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا،روسيا، اليونان، تركيا.

استخدام اليورانيوم في حرب الخليج الأولى والثانية.
- استخدمت قوات التحالف 300 طن من قذائف اليورانيوم المنضب خلال حرب الخليج الأولى عام 1991 .
- واستخدمت مابين 1100 و2200 طن من قذائف اليورانيوم المنضب فى حرب تحرير العراق.

تأثير اليورانيوم المنضب على الانسان العراقي
لليورانيوم المنضب تأثير سام مضاعف الأول كيماوي والأخر نتيجة نشاطه الإشعاعي , ان خطرة الأكبر لا يسببه الإشعاع الخارجي إنما من ذراته التي يتم استنشاقها او تدخل الجسم بطرق مختلفة مع المياه الملوثة او الغذاء ليصبح خطراً , حيث انه يترسب في الرئتين ويبقى هناك لسنوات طويلة ويبعث إشعاعات للخلايا المحيطة ويمكن لذرة يوارنيوم تتمكن من الاستقرار في عقدة لمفاوية من تخريب جهاز المناعة بأكمله , ويمكن لهذه الذرات أن تتراكم في العظام وفي الجهاز اللمفاوي والكبد والكلى وأعضاء وأنسجة أخرى.
أن اليورانيوم يعد من المواد الخطرة جدا على حياة الإنسان، وأن نصف فترة إشعاعاتها تستمر إلى ما بين أربعة إلى خمسة بلايين سنة، ولها قابلية الانحلال والتفاعل مع المواد الأخرى وتضر بالإنسان من خلال ملامسة الأجزاء الملوثة بها أو استنشاق الغازات الصادرة عنها
كانت مصادر طبية عراقية في مدينة البصرة أكدت ان حياة المواطنين في البصرة جنوب العراق تتعرض الى خطر الإصابة بالإمراض السرطانية والتشوهات الخلقية بسبب عدم معالجة المواقع التي تنتشر فيها مادة اليورانيوم المنضب إحدى مخلفات الحروب التي خاضها العراق وبالأخص مدينة البصرة.
وأكدت المصادر ان السنوات الأربع الماضية، شهدت ارتفاعا ملحوظا في حالات الإصابة بمرض السرطان الصلب، مسجلة 62 حالة، بين كل مائة ألف نسمة، ان تأثير المواقع الملوثة اليورانيوم المنضب لم تقتصر على ارتفاع الإصابة بالأمراض السرطانية فقط، وإنما كان له تأثير واضح في ارتفاع نسبة التشوهات الخلقية عند حديثي الولادة. وبسبب مخلفات اليورانيوم المنضب, تحول جنوب العراق إلى بؤرة لأمراض السرطان الناتجة عن التلوث الإشعاعي الذي سببته الحروب المتلاحقة على البوابة الجنوبية للبلاد، حيث أن التقارير المتواترة أثبتت أن نِسب التلوث التي أحدثتها المئات من قذائف اليورانيوم المنضب المستخدمة خصوصاً في حرب الخليج الثانية ما زالت تلقي بسمومها على البيئة والإنسان في محافظات الجنوب
ان نسبة الإصابة الحالية بالأمراض السرطانية اكبر من النسب السابقة قبل عشر سنوات بمعيار الإصابات و الوفيات، إذ كانت النسبة 40 إصابة لكل 100 ألف إصابة، فيما بلغ عدد الإصابات في عام 1995، 800 إصابة ولكن في عام 2005 كانت الإصابات أكثر من 1600 إصابة, بما يدل أن نسبة الزيادة تتراوح بين 50% إلى 100% ضمنها سرطان الدم وسرطان الثدي وسرطان الغدد اللمفاوية.. لكن لا يستطيع احد الجزم في أسباب تلك الزيادات بالمؤشرات الميدانية، ويمكن أن يكون للتلوث البيئي بمفهومة الشامل الإشعاعي والكيمياوي والمادي وسلوك الإنسان كالتدخين والغذاء وغيره هي من أسباب تلك الزيادات

تأثير اليورانيوم المنضب على الأجنة

يكاد لا يمر أسبوع إلا ويشهد فيه مستشفى ابن غزوان في محافظة البصرة ولادة طفل غير متكامل الأعضاء أو يعاني من كبر في حجم الرأس أو عدم تناسق أجزاء الجسم وتداخلها أحياناً.
وفي حالات نادرة نسبياً تتضاعف درجات التشوه لتكشف عن مشاهد غريبة؛ كأن يكون الطفل من دون قحف فيطلق عليه الأطباء اسم "الطفل الضفدع"
وتسجل، شهرياً في مستشفى واحد في البصرة ، ما معدله 3-6 حالات تشوه، وإن سقوط 55 % من الأجنة، أثناء فترة الحمل، هو بسبب التشوه وأن نحو 50 % من الأطفال المشوهين يفارقون الحياة، بعد ولادتهم، باستثناء الأطفال ذوي الرؤوس الكبيرة، فإن فرص بقائهم على قيد الحياة شبه مضمونة بعد إخضاعهم لعملية جراحية، غالباً ما تسفر عن إصابتهم بالشلل
و أن تشوهات الوجه والعمود الفقري والجهاز العصبي والأطراف، هي الأكثر حدوثاً، وتكتشف بين الحين والآخر حالات تشوه غريبة لا يوجد لها مثيل حتى في الأطلس العالمي للتشوهات الخلقية، منها ولادة أطفال بهيئة مقاربة لأشكال بعض الحيوانات.
أن "المعدل العالمي للتشوهات الخلقية يتراوح مابين 1-2 % لكن محافظة البصرة تجاوزت هذا المعدل بفارق كبير؛ إذ إن الأطفال الذين يولدون مشوهين تبلغ نسبتهم 3-4 %، وأن غالبية حالات التشوه تقع في مناطق الأقضية والنواحي، خصوصاً مناطق الرميلة والهارثة وأبي الخصيب، لأن هذه المناطق تعرضت إلى التلوث الإشعاعي بصورة مركزة، خلال الحروب السابقة، ومازالت هناك عشرات الأطنان من المخلفات الملوثة، إشعاعياً، مكدسة فيها، منها هياكل لآليات عسكرية وأجزاء مقذوفات حربية.
إن "ظاهرة التشوهات الخلقية" لا تقتصر على الأطفال فحسب وإنما تشمل الحيوانات أيضاً، خصوصاً الأغنام والأبقار كما لاحظت الفرق البيطرية، في الأعوام الأخيرة، زيادة غير مألوفة في حالات تشوه الأجنة، وولادة عجول وخراف مشوهة، هيكلياً، كأن تكون بدون أطراف، بالإضافة إلى تراجع قدرة الحيوانات على الإخصاب. أن معظم حالات التشوه تم تشخيصها في مناطق صحراوية محاذية للحدود العراقية الكويتية أبرزها مناطق صفوان وأم قصر وحفر الباطن. ويعزو مدير المستشفى البيطري في البصرة تلك الحالات إلى التلوث الإشعاعي الذي خلفته حرب الخليج الثانية، والضربات الجوية الصاروخية التي تعرضت لها المواقع والقطاعات العسكرية العراقية خلال عام 2003.

تلوث بيئي
ان ارتفاع الإصابات بالإمراض السرطانية وتشوه الأجنة مصدره التلوث البيئي الواسع في المناطق التي استخدمت فيها قذائف اليورانيوم المنضب وبقاء هذه المواقع ومعظمها قريب من المناطق السكنية دون تنظيف من بقايا المواد المشعة الخطرة
لقد تم تحديد عدد المواقع الملوثة، أو التي تعرف بالمواقع المشعة بـ100 موقع في محافظة البصرة حتى عام 2004.
وفي نيسان من العام نفسه (2004) صدر قرار يجيز بيع نفايات الحديد المتروك في ساحات المعارك، ما أدى إلى قيام التجار والمواطنين، بجمع وتقطيع الآليات العسكرية المدمرة في مختلف مناطق البصرة وخاصة في المناطق الشعبية، وهو ما أدى إلى زيادة نسبة الأمراض الناتجة عن هذه الإشعاعات هناك إضافة إلى أن عدد المواقع المشعة بدأ بالتزايد من خلال عمليات نقل أجزاء وقطع الآليات العسكرية الملوثة من مكان إلى أخرعن طريق بيع وشراء هذه المواد باعتبارها سكراب حديد يمكن الاستفادة منها .
ان مخلفات اليورانيوم المنضب ادت الى تلوث بيئي في الهواء الذي يحمل ذرات العنصر وقد وصل تأثيرها الى الكويت والسعودية , اضافة الى تلوث المياه الجوفية التي يصلها ترسبات العنصر الثقيل اضافة الى تلوث الاراضي الزراعية والمزرعات في المناطق القريبة من مواقع وجود المخلفات المشعة

سبل المعالجة

أن المعالجة تتم من خلال تحديد مكان خاص لجمع الآليات الملوثة شريطة أن تراعى مسافة البعد عن المناطق الآهلة بالسكان وطرق المواصلات والمعامل والمنشآت الصناعية، وجيولوجية هذا المكان والابتعاد عن المياه الجوفية. وقد تم تقديم مقترح أولي بجعل منطقة مقبرة الدبابات ( 200 كم غرب البصرة) موقعا مؤقتا لجمع النفايات الملوثة لأن هذه المنطقة ما زالت تحتوي على العديد من الأهداف العسكرية الملوثة، ومن ثم تبدأ عملية حظر للمواقع المشعة داخل المدينة ويرافق ذلك إقامة ندوات تثقيفية لشرائح المجتمع للتعريف بخطورة هذه المواقع ,لكن مخلفات اليورانيوم المنضب وفي المواقع التي تم تحديدها بقيت حتى الان دون معالجة

خاصتاً وانا اعيش في البصرة حالياً ..
ابو النون