من القصص التي تتكلم عن الأشباح, قصة والد هامليت وقصة شبح الرئيس الأميركي لينكولن الذي شوهد ليلاً يتمشى في أروقة البيت الأبيض, وغيرها من القصص التي تروى في كل مكان. ومع كل هذا, إن العلم لم يستطع تأكيد صحة وجود هذه الأشباح, فكثير من البشر يؤمنون بوجودهم حتى وأنه جرى مصادفتهم في أكثر من مناسبة. قبل أن نناقش إذا كانت قصص هذه الأشباح واقعية أم لا, أو من أين يأتون, دعونا أولاً نراجع سوياً البعض من هذه المصادفات التي حدثت على نطاق مقرب أو شخصي.
بعد الحرب العالمية الثانية, غادر السيد جورج أوشاوا اليابان ليعلم وينشر علم الماكروبيوتيك في جميع أنحاء العالم. فكانت أولى محاطاته الهند, حيث سافر اليها السيد أوشاوا بحراً برفقة زوجته إفلين. وفي إحدى الليالي, عندما كانت السفينة تبحر في بحر الصين الجنوبي, كان السيد أوشاوا جالساً في مقصورته يطالع ويكتب حتى الساعات الآولى من الصباح. ففكر حينها بالمعارك البحرية التي وقعت أثناء الحرب والأرواح الكثيرة التي فقدت هناك. ثم صعد الى ظهر السفينة سائلاً نفسه عن سبب الحروب, مفكراً ومتأملاً برؤية واضحة وحكيمة لسلام هذا العالم. وفجأةً, كما لو أن شيئاً ما ظهر من العدم, حيث إنبثق من بين الأمواج مئات من أرواح البحارة الذين توفوا خلال الحرب. واقتربوا من جانب السفينة وبدأو بقرعون عليها قرعاً خفيفاً, مما أدى الى توقف السفينة فجأةً عن الإبحار. واستمر هذا الحال الى مدة تقارب العشرة دقائق والتي أدت الى توقف السفينة تماماً. وبعدها, تراجعت الأرواح وعادت الى أعماق مياه البحر واختفت, وفي الوقت نفسه عاودت السفينة إبحارها مجدداً. لم يرى ولم يسمع آحداً من الركاب شيئاً. ولذا بقي سبب توقف السفينة المفاجئ عن الإبحار غامضاً لكل من كان على هذه السفينة.
كما أن هناك مصادفة آخرى حدئت في المانيا عندما سافر آحد زملائنا الأساتذة الى هناك لإلقاء محاضرات عن الماكروبيوتيك, حيث نزل زميلنا في فندق ريفي صغير ليس بعيداً عن الحدود السويسرية. وفي ساعة متأخرة من الليل, عندما كان مستلقياً في غرفته وعلى وشك النوم, رأى مشهداً لأناس يحاولون الهرب. وكانوا خائفين كثيراً, ومختبأين على متن عربات لقطار قديم .ومع هذا المشهد الغريب, شعر زميلنا بالخوف العميق, الى درجة أنه وجد صعوبة في إلتقاط أنفاسه. لقد شعر كما لو أنه مطارد من قبل آحدهم.
وفي الصباح التالي, أخبر الأستاذ مشاهدته هذه الى زميلٍ آخر من زملائنا الذين آتو من بلدٍ آخر. وعند سماعه لهذه القصة, شحب وجهه, وقال أنه رأى كابوساً مماثلاً في الليلة الماضية, حيث شاهد أنه مطارد من قبل رجل مسلح! عندها, فام الرجلين بطرح الأسئلة والإستفسرات على بعض الأناس المحليين عن تاريخ هذه المنطقة, فوجدوا أنه خلال الحرب, كان هناك العديد من الناس الذين إختبؤا في هذه المنطقة على أمل عبور الحدود الى سويسرا, بعضهم إستطاع الهرب, والبعض الآخر إختبأ الى أن إنتهت الحرب, والبعض الآخر قتل أو إعتقل. عندها, فهم الرجلان أن ما رؤوه ليلاً هو أرواح هؤلاء الذين توفوا إثناء عملية هروبهم. وفي تلك الليلة, عندما رجع الرجلان الى غرفتهما, قامو بالتأمل وبتلاوة كلمات الصلاة والذكر لتعزية هذه الأرواح. فتبدلت الأجواء الى أجواءٍ أكثر إرتياحاً وأكثر سلاماً, ولم يشاهدا أي مشاهدات في الفترة المتبقية من إقامتهما هناك.
ومنذ عدة أعوام خلت, عندما كنت مسافراً مع زوجتي إفلين عبر بيلجيكا لإلقاء محاضرة, قطعنا مسافة طويلة وكان الوقت متأخراً في الليل. وكانت ليلة دافئة ونوافذ السيارة مفتوحة بعض الشيء. وفيما كنا نعبر وسط المناطق الريفية, بدا لي وكأنني سمعت أصوات أناس يصرخون من مكان بعيد. فطلبت من السائق أن يتوقف, ثم سألتهم إن كانوا يسمعون ما أسمعه, فأجابوني بالنفي. ولكن عندما فتحت نافذة السيارة بالكامل, سمعت المزيد من الصراخ آتٍ من بين الحقول, وكأن معركة ما يجري رحاها هناك. ثم أخبرنا السائق لاحقاً, أن هناك معركة كبيرة دارت رحاها في هذه المنطقة بالذات خلال الحرب العالمية الأولى. وعندها أدركت أن ما سمعته هو صراخ الأشباح للجنود الذين إستشهدوا في تلك المعركة. وكأن الحرب بالنسبة لهذه الأرواح لم تنته بعد, بالرغم من إبرام إتفاقية فيرساي للسلام في حينها, وأن الحرب ما زالت قائمة في عالمهم الروحي.
لعدة أجيالٍ مضت, كثير من الناس وافتهم المنية بشكل طبيعي. فقد وصلوا الى سن متقدم من العمر بكل هدوء وتعقل وبدون معاناة من أي أمراض مزمنة. حتى أن الكثيرين إستطاعوا الإحساس باقتراب ساعتهم, والكثير منهم قاموا بزيارت أخيرة لأقاربهم وأصدقائهم. وعندما حان وقتهم, ذهبوا بوعي وسلام وبدون أي معاناة, حتى أنه لم يعرف السبب الفيزيائي للوفاة, مما جعل الآخرين يعتقدون أن سبب الوفاة الحقيقي هو نتيجة لتقدم السن.
أناساً كهؤلاء إستطاعوا الإنتقال الى العالم الذبذبي بهدوء ووعي وسلام. إن الوفاة الطبيعية متشابهة بالولادة الطبيعية التي ينمو ويتطور فيها الطفل لمدة تقارب التسعة أشهر قبل ولادته بدون أي تعقيدات أو معاناة. فمن الطبيعي, أن أناساً كهؤلاء سيولدون في العالم التالي بدون أي تعقيدات أو معاناة, وستكون تجربتهم إيجابية ومشرقة هناك.
أما في يومنا هذا, فإن الموت الطبيعي والآمن أصبح نادراً. فمعظم الناس يموتون بشكل غير طبيعي, وحتى قبل أن يبلغ وعيهم مرحلة الحكمة والنضوج. فغالباً ما يتمسكون ويتعلقون بأمور هذه الحياة, لهذا لن يكونوا مستعدين للرحيل أو الإنتقال بالرغم من معاناتهم من أمراض مهلكة, مثل 80 % من الأمريكين الذين يموتون في المستشفيات بدلاً من أن يموتون في بيوتهم وعلى فراشهم. وغالباً ما يكونون متألمين, مخدرين, أو أجسادهم موصولة بشبكة من الأسلاك والأنابيب. إن هذه الطريقة بالوفاة تتشابه كثيراً مع الولادة التي تحصل قبل آوانها. فالشخص الذي يتوفى قبل موعده, غالباً ما يجد صعوبة بالتأقلم مع بيئتة الجديدة في العالم الذبذبي.
أما الإنسان الحكيم والواعي, يستطيع فصل روحه عن هموم ومعاناة هذه الدنيا بنفسه. وبالتالي, فهو يعرف أن هذه الحياة ليست إلا مرحلة من مراحل لامتناهية للنمو والتطور الروحي, والتي سوف تأخذ طريقها مع دخولنا العالم التالي. ولكن, عندما يتوفى الإنسان قبل إستحقاق ساعته, سيكون لديه رغبة قوية بالتعلق والبقاء في هذا العالم, لكنه سيضطر الى الإنتقال, لأن جسدة المريض هذا لن يساعده على الإستمرار. وأيضاً سيكون تعلقه قوياً بعائلته وأصدقائه وهويته الأرضية عموماً. فإذا كان تعلقة قوياً للغاية, فإن روحه ستجد الكثير من المصاعب في الإنتقال الى العالم الروحي الآعلى.
إن الموت العنيف الناتج عن قتل, حرب, أو إنتحار قد يخلق لنا مشاكل جمة في العالم التالي, حيث يكون الشخص ساعة الوفاة منغمساً في تفاصيل الحدث. وفجآة, تشتد المحن, ويتم فصل جسده الروحي عن جسده الفيزيائي لسبب من الأسباب. ولكن لن يستوعب وعيه ما هو حاصل, لإنه سيكون مندمجاً بشكل كبير بتعقيدات هذه الحياة الأرضية. وفي الكثير من الحالات, لن يدرك الشخص على الفور أنه حقاً توفي. ولكن تدريجياً, ستزول هذه الصدمة, ويبدأ بتفهم عالمه الجديد. وفي المجمل, قد تكون حياته في العالم التالي بعدها مشوشة الى حدٍ ما.
وبما أن العالم الروحي هو عالم تصورات وأفكار, وأن كل ما نفكر به يصبح واقعاً. لهذا, إذا كنا متعلقين بالمال أو المقتنيات, سيتكون لدينا واقع ثقيل تسيطر عليه الأشياء المادية, لتنحدر بنا الى الأسفل وتحدنا وتقيدنا. فإذا أحسسنا بالكره للآخرين, عندها ستكون أنفسنا محاطة به. أو إذا كنا على أرض المعركة وقضي علينا, ستبقى هذه التصورات وتنتقل معنا الى العالم الروحي. فنضطر للصراع مع أنفسنا لتنقية هذه الصورة. ولكن في كل الأحوال, هذه التصورات لن تكون فعلياً موجودة في العالم الروحي, إنما ستكون من إنتاج أفكارنا وخبراتنا الفردية السابقة.
إن تصوراتنا السلبية قد تمنعنا من رؤية العالم الروحي على حقيقته – المشع بالنور – ليقيد حياتنا بعالم التردد والظلمات, أو كما يمكننا وصفها بالجحيم. من الضروري أن نتذكر في كل الأحوال, أن ليس هناك أي جحيم في العالم التالي, أو في أي مكانٍ آخر من هذا الكون, إلا الجحيم الذي نصنعه نحن بأفكارنا المظلمة.
فإذا كان الشخص عند الوفاة شديد التعلق بأمور هذه الحياة, غالباً ما سيطوف وعيه الكوني في أجواء قريبة للأرض. فإن الجو الأرضي, أو العالم الهوائي, هو من ضمن عالم الذبذبات ولكنه أثقلها, وأكثفها جزءاً. إن شدة هذه التعلقات الأرضية تكون أحياناً قوية لدرجة تسبب بقاء هذا الجسد الروحي في عالم الهواء لبضعة ألاف من السنين, مهما حاول الهروب من الجحيم الذي صنعه لنفسه.
لهذا, سنتلوا عليكم بعض أشكال هذه التعلقات التي قد تأسر الروح قصراً في هذا العالم الهوائي:
التعلق الشديد بالشريك الأخر أو الحبيب.
التعلق الشديد بالأبناء, الآحفاد, أو الأقرباء.
التعلق الشديد بعقدة ذنب ما.
التعلق الشديد بالأشياء المادية, كالمال, والمقتنيات الفنية أو العقارية.
التعلق الشديد بالشهرة والمناصب, أو المراكز الإجتماعية.
التعلق الشديد بإحتراف ما, أو مسعى شخصي أو سياسي أو سلطوي.
التعلق الشديد بالخوف والإضطراب.
التعلق الشديد بذكرى حدث ما.
إن كل ما يهمنا ويشغلنا كثيراً في هذه الحياة له أهمية قليلة في حياتنا التالية. ولكن, تعلقنا الشديد بهذه الدنيا يجعلنا نختبر الظلمة في عالمٍ محاطٍ بالنور والسلام. إن الأجساد الروحية التي تبقى هنا في عالم الهواء, هي ما يسمى “بالأشباح.”
لن نستطيع إدراك عالم الأشباح بحواسنا الخمس مهما حاولنا. فإن الناس يشعرون بهم وبوجودهم عن طريق حدسهم, لأن أفكار هذه الأشباح وإنفعلاتهم تبرز بشكل ذبذبي. لذا لا نستطيع التأكد من وجودهم إلا من خلال الميريديان والشكرات التي في جسمنا, بدلاً من جهازنا العصبي. يمكننا أن نكون حساسين لتأثرات هذه الذبذبات, تحديداً عندما يكون جسدنا وأفكارنا هادئين وصافين, كوقت التأمل أو النوم.
إن هذه المؤثرات ستزداد قوةً في بيئة أكثرها “ين.” فخلال النهار مثلاً, وفي الصباح خاصةً, سيكون الجو مضيئاً وحيوياً, أو أكثره “يانغ,” أما عندما يحل الظلام وتهدأ الحركة, ستكون أكثر “ين.” فالأشباح ميالة الى أن تكون أكثر حيوية في الليل وأقلها خلال النهار. وهم يفضلون الطقس الماطر أو الرطب, عوضاً عن الطقس المشمس والنقي, ويفضلون التجمع في أمكنة هادئة ومظلمة كالمدافن مثلاً عوضاً عن الأماكن المليئة بالزحمة والضجيج.
تحتوي أرض المعارك القديمة على الكثير من الأشباح, كما القلاع القديمة كتلك الموجودة في أوروبا. غالباً ما نجد أيضاً أشباحاً في المستشفيات. والملفت للإنتباه, إن باريس, هذه المدينة الجميلة والرومانسية فيها عدد كبير من الأشباح الذين دقت عنوقهم تحت وطأة المقاصل العشوائية.
تحدث الكثير من المصادفات للأشباح في البيوت القديمة. فإذا كان هناك أحداً إرتكب عملية إنتحار في آحدى الغرف, أو عانى من مرض فتاك لمدة طويلة, فمن الممكن أن يكون شبحه ما زال هناك, خصوصاً إذا كانت تلك الغرفة مظلمة ورطبة وساكنة أكثر من غيرها. فعندما يدخل الناس الى غرفة كتلك, سيتكون لديهم شعور غريب وبارد, وسيعم إحساس ينبيء بأن هناك شيئاً ليس على ما يرام. وإذا نام أحدهم في الغرفة, سيظهر له المتوفي على شكل حلم. ومن الممكن أن يتلو الشبح قصته, أو يستعرض مشهد الوفاة من جديد. أو, من الممكن أن يقف الشبح ببساطة عند طرف السرير ليراقبه وهو نائم. وفي نفس الوقت, إن الشخص الذي يرى شبحاً ما قد لا يستطيع التحرك قبل إختفاء هذا الشبح بالكامل.
إن الأحوال البيئية التي أكثرها “ين” تتسبب بتكثيف الشكل الذبذبي للأشباح, بنفس الطريقة التي يتكثف فيها البخار الى قطرات ماء فوق سطح الأرض. قد يكون بعض الأشخاص قادرين على رؤيتهم عندما يحدث ذلك. ولكن, لكل شخص حالته وحساسيتة, ومقدرته الخاصة على التواصل مع الأشباح, وليس بالضرورة أن تكون هذه الميزة موجودة عند الآخرين. لذلك قليلون هم القادرون على مشاهدتهم, ولكن الكثيرون هم الذين يحسون بوجودهم. أما كيفية التواصل معهم, فهذا كله يتوقف على مقدار تعلقهم بشخص أو شيء ما, والأحوال البيئة الموجودين فيها, ومقدار حساسيتنا الفردية لتلك الأمور.
هناك بعض الناس الذين ليس عندهم أي وعي بالنسبة الى العالم الروحي. وهذا يحدث لسبب رئيسي وبسيط, لأن الشكرات والميريديان التي في جسمهم لا تعمل بطريقة نشطة وحساسة. كما رأينا في الفصل الثاني من هذا الكتاب, إن طوفان الطاقة في الجسم يتأثر بشكل كبير بنوعية الغذاء الذي نأكله. كما أن الطعام يؤثر على حساسية الجلد, وهذا ما يؤثر على نظام طاقة الجسم ككل. فإذا أكلنا اللحم والبيض والجبنة والدجاج والمواد الحيوانية الآخرى التي تحتوي على الكوليسترول والدهون المكثفة سيتصلب الجلد ويضعف مراكز إلتقاط الطاقة. فعندما نكثر من تناول هذه الأطعمة, ستكون أحاسيسنا مقتصرة فقط على الحواس الخمسة التي لدينا. فكثير من الأحيان نتنكر لتأثيرات العالم الروحي. وزيادة على ذلك, هناك أطعمة كالسكر والفاكهه الإستوائية والشوكولاتة والعقاقير والمواد الكيميائية تبدد طاقتنا وتضعف صفاءنا في التواصل.
ومن جهة آخرى, إن الحنطة الكاملة والخضار المحلية الطازجة والفاصوليا والطحالب البحرية والأطعمة المركبة من الكاربوهايدرات تحفز حساسية الجلد وتزودنا بتأثير هادىء ومركز لطاقة الجسم كاملةً والتي تحفز وعينا الى عالم تكثر فيه الذبذبات, ومنها العالم الروحي.
من الممكن أن تؤئر الأشباح على الناس بعدة طرق. فعلى سبيل المثال, بإمكانهم أن يتسببوا بضيقٍ وإحباط عند البعض. ويمكنهم أيضاً التأثير على الأفكار والتصرفات.
ولكن بالطبع, هناك أيضاً تأثيرات إيجابية جمة تأتينا من عالم الأرواح. فعلى سبيل المثال, عندما كنت في اليابان في السادسة عشرة من عمري, كان لدي إهتمام بالغ بالأمور الروحية. ففي صباح كل يوم كنت أزور مقامات مقدسة قبل ذهابي الى المدرسة. علماً أني لم أكن متأكداً ما كنت ساعٍ اليه تحديداً, لقد شعرت بشعور قوي يشدني الى عالم الأرواح, فكنت أذهب الى ذلك المقام القريب من بيتي للصلاة والتأمل. وفي ذات صباح, وعندما كنت في تأمل عميق, طوقني ضوء ذهبي متوهج, وأنار الوعي في داخلي. أحسست وكأن الكون كله كان موجوداً معي, كهذا الضوء الذهبي-الأبيض اللون. وفيما كنت أختبر هذا, ظهرت كرة ذهبية-بيضاء اللون من داخل المقام وطوقتني, وإخترقت وعيي وأصبحت واحداً معه. وبعدها, بدء الضوء بالتقلص. وعاد وعيي الى حالته الطبيعية بعد أن نزلت من أعلى المقام. ففي هذه المرحلة, كل شيء عاد الى طبيعته مرة آخرى, فرأيت الأشجار والصخور والغيوم تشع بطاقة الحياة. وعندما أطل أول شعاع لنور الشمس من فوق الأشجار, قام هذا النور الذهبي بإمتصاصه. ففي تلك اللحظة أدركت أن كل شيء هو روح. ثم تقلص هذا الضوء بالكامل ورجعت الى البيت.
وبعد عدة سنوات, إكتشفت أن هذا المقام مكرس لشخصيتين عظيمتين, كان لهما مساهمتهما الإيجابية والبناءة في الصحة والسلام المتشابه مع أهدافي. فالأول كان من العارفين في العالم الروحي, والثاني كان إنساناً ضليعاً في مجال الزراعة الطبيعية والغذاء الصحي كمدخل للسعادة والسلام. فعندما بدأت بتعليم الماكروبيوتيك, عرفت أن هذان الرجلان العظيمان كانا يساعداني ويوجهاني منذ البداية.
وبالمثل, هناك أشخاص آخرين قاموا يتغييرات إيجابية في حياتهم بعد أن تم توجيههم من العالم الروحي. فالكثير من الناس أخبروني أنهم وصلو الى المكروبيوتيك بتوجيهات من العالم الروحي. لقد كانوا يقاومون المرض لعدة شهور عندما ظهر لهم الروح في حلم وأرشدوهم الى الطريق الصحيح. فغيروا نمط حياتهم وتغلبوا على المرض وعاشوا بصحة وسلام.
إن عالمنا هذا وعالم الأرواح واحد. فالحياة لا تزول مع الموت, بل تستمر الى ما لا نهاية. إننا على إتصال دائم مع العالم الروحي وإن لم نكن واعين له. فعندما تكون حالتنا صافية وصحية, يمكننا التواصل مع الأرواح. حتى من الممكن أن نساعدهم بتحرير أنفسهم من هذه التعلقات الغير الضرورية أو من الأفكار السلبية. فإن مبدأ مساعدة الغير في العالم الروحي, هو نفسه في عالمنا هذا. ولكن, الطريقة تختلف قلبلاً. فمساعدة الغير في هذا العالم يتطلب منا ترجمة هذه المحبة الى أفعال ملموسة. أما مساعدة الغير في العالم الروحي فتطلب منا ترجمة هذه المحبة الى أفكار خفية وتصورات. ففي هذا الفصل سنشرح بعض الطرق الرئيسية لمساعدة الغير في العالم الروحي.