ذئب السهوب | هيرمان هسه / Hermann Hesse
إن ذكرى حديث أجريته مع هاللر هو ما الذي أوحى لي بهذا التفسير فقد قال لي ذات مرة عندما كنا نتحدث عما يدعى بالممارسات المرعبة في العصور الوسطى : (في الحقيقة إن تلك الممارسات لم يكن لها وجود.
إن إنساناً من العصور الوسطى لجدير بأن يمقت كامل نمط حياتنا اليومية الحاضرة بوصفها أكثر وحشية بل أكثر من بربرية بكثير. إن كل عصر ، كل حضارة ، كل عادة و تراث له شخصيته الخاصة المميزة و ضعفه الخاص و قوته الخاصة و جمالياته و قسوته ،و هو يتقبل معاناة معينة كأمر اعتيادي ، و يتحمل بعض الشرور بصبر . و تغدو الحياة الإنسانية معاناة حقيقية ، جحيماً ، فقط عندما يتراكب عصران و حضارتان و دينان و كان جديراً بإنسان العصر الكلاسيكي أن يختنق إذا ما اضطر أن يعيش في العصر الوسيط حياة يائسة تماماً كما يحدث لإنسان همجي وسط حضارتنا .و ربما ليس كل إنسان يشعر بهذا بالقوة نفسها . و طبيعة كالتي اتصف بها نيتشه كان لا بد أن تعاني أمراضنا الحاضرة ، قبل وقتها بجيل كامل و ما عاناه وحده و أسيء فهمه ، يعاني منه اليوم آلاف من الناس.خب الذئب جيئة وذهاباً،
والعالم يهجع تحت الثلوج..
يطير غراب عن مجثمه على الشجرة؛
لا يرى أرنب بري، أو أنثى ظبي في الأفق
فإذا ما باغتُ مخلوقاً عزيزاً، عذباً، كأنثى الظبي،
وانقضضت عليها، وغرزتُ فيها أنيابي..
ماذا يبقى تحت قبة السماء؟!
سأعوي حتى ينقضي الليل،
حتى الأرنب البري لن أحتقره؛
لذيذ لحمه الدافىء في الليل.
الشَعرُ على ذيلي علاه المشيب.
وبصري يُعشى في عيني.
لقد ماتت وليفتي قبل سنين عديدة
وها أنا أحلم بأنثى ظبي.
أخبُ، وأحلم بأرنب بري.
أسمع ريح منتصف الليل تعوي.
أبرد بالثلج فكي الملتهب،
وأحمل الى الخلاء روحي البائسة.